الخط :
في السنوات الأخيرة، شهد العالم تصاعدا ملحوظا في عدد الصراعات الدولية، مما يبرز الحاجة الماسة إلى إصلاح أنظمة الأمن الحالية وإنشاء آليات جديدة للتعاون المتعدد الأطراف، ورغم التحديات المتمثلة في التطرف العنيف، نمو الجماعات المسلحة، الصيد غير المشروع، وانعدام الأمن البحري، بالإضافة إلى النزاعات حول بعثات حفظ السلام، إلا أن منطقتي المحيط الأطلسي والبحر الأحمر تظلّان تفتقران إلى أطر أمنية موحدة وشاملة تعالج قضاياهما الفريدة وتغطي نطاقهما الجغرافي بالكامل.
ماذا بعد عودة ترامب؟
أكد باسكال بونيفاس، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، خلال كلمة له بمؤتمر الحوارات الأطلسية اليوم السبت بالرباط، ضمن جلسة تحت عنوان “نموذج الأمن الإقليمي: من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي”، أن عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية الأمريكية قد تُحدث تغييرا جذريا في السياسات الدولية، حيث يُتوقع أن يعزز ذلك النزعات التي تعتمد على القوة بدل القانون.
وأشار بونيفاس إلى أن مناطق مختلفة حول العالم تعاني من اضطرابات وحروب، مثل الأزمة الإنسانية في السودان، مما يعكس حالة الفوضى العالمية، كما سلط الضوء على الأزمات التي تعيشها دول إفريقية أخرى، والتي لا يزال مستقبلها غامضا، مُضيفا أن دولا يحكمها زعماء بقبضة من حديد تعزز حالة عدم الاستقرار، مما يزيد من تعقيد المشهد الدولي.
صراع حول النفط
وفي مداخلة أخرى، أكد وزير الدفاع السنغالي، بيرامي ديوب، أن النزاعات حول العالم غالبا ما تعود جذورها إلى السيطرة على النفط والموارد الطبيعية، ودعا الوزير إلى بناء علاقات دولية قائمة على الاحترام والتضامن والتعاطف لتعزيز فرص الحلول السلمية.
وأشار إلى أهمية تمكين الدول من اتخاذ قراراتها السيادية بخصوص أمنها وفقا لاحتياجاتها الفعلية، مضيفا أن الاستثمار في المحافل الدولية والتعاون متعدد الأطراف يمكن أن يساهم في إيجاد حلول مستدامة، كما شدد على أهمية تعزيز القيم الإنسانية في المفاوضات الدولية.
تحديات حلف “الناتو”
من جهته، أشار الخبير الدولي دانييل فاجديتش إلى التحديات التي يواجهها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، معتبرًا أن الحلف يواجه أزمة تفكك داخلية، حتى بين الدول الأوروبية التي تشكل قلب الحلف، مُضيفا أن حرب أوكرانيا ساهمت في تقوية اللحمة بين أعضاء الحلف، لكن الهدف الأساسي يبدو موجها نحو تحجيم دور روسيا. واعتبر فاجديتش أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب تحديد واضح لمصادر التهديد، مما يُضعف قدرة الحلف على تحقيق أهدافه.
في ظل هذه التحديات، تظهر الحاجة الملحة إلى إعادة صياغة أطر الأمن الإقليمي والدولي. في المحيط الأطلسي والبحر الأحمر، رغم أهميتهما الجغرافية والاستراتيجية، تفتقران إلى أطر شاملة تُعنى بالقضايا الأمنية والاقتصادية المتشابكة التي تواجههما، كما أن الجهود الحالية، التي تركز بشكل منفصل على قضايا معينة، تكشف عن غياب رؤية شاملة تُلبي احتياجات هذه المناطق.
هذا ويتطلب بناء نظام أمني عالمي أكثر فعالية تعزيز التعاون متعدد الأطراف، وتطوير آليات تستند إلى الاحترام المتبادل والقيم الإنسانية، وفقا لما أفاد به وزير الدفاع السنيغالي، مؤكدا أنه ومع تصاعد التحديات الأمنية والبيئية والاقتصادية، يجب أن تلتزم الدول بالعمل المشترك لتحقيق الاستقرار العالمي، ومن خلال التعاون والتضامن يمكن مواجهة الأزمات المعقدة التي تهدد الأمن الدولي والإقليمي.