نشرت في •آخر تحديث
انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية في الدورة الثانية بعد حصوله على 99 صوتًا من أصل 128، مما أهله للوصول إلى قصر بعبدا، لينتهي بذلك فراغ رئاسي استمر لأكثر من سنتين.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري أول المهنئين للعماد جوزيف عون على فوزه، قائلًا إن “لبنان يمر بظروف حرجة، لا سيما الجنوب حيث يتعرض أهاليه لأسوأ وأشد قسوة من أي حرب أخرى”.
وأضاف بري: “لبنان في حاجة إلى كل شيء، والجنوب بحاجة، وكلنا في انتظار العهد الجديد”.
وخلال تأديته القسم الدستوري، قال عون: “شرفني السادة النواب بانتخابي رئيسًا، وهو أعظم وسام أناله”. مشيرًا إلى أن قوة اللبنانيين تكمن في “الشجاعة والتأقلم”، وأنهم، مهما اختلفوا، “يحصنون بعضهم في الشدة”. وأضاف: “وإذا انكسر أحدنا، انكسرنا جميعًا”.
وتوعد الرئيس بتغيير الأداء السياسي في لبنان، معلنًا عن مرحلة “جديدة من تاريخه”. وقال: “سأكون الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات”.
كما أكد عون أن “التدخل في القضاء ممنوع ولا حصانات لمجرم أو فاسد، ولا وجود للمافيات أو لتهريب المخدرات وتبييض الأموال”. بالإضافة إلى تعهداته بحماية المؤسسة العسكرية في الدولة وإعادة الإعمار في جميع المناطق التي دمرتها الحرب الإسرائيلية.
وقبيل فوزه، سادت أجواء من التوتر بعدما فشلت الجلسة الأولى في انتخاب عون، في ظل حديث عن أن نواب حزب الله وحركة أمل (ما يعرف بالثنائي الشيعي) امتنعوا عن التصويت له، ما حال دون حصوله على الأصوات اللازمة. وجاءت نتائج الدورة الأولى كالتالي: جوزيف عون: 71 صوتًا، أوراق بيضاء: 37، أوراق ملغاة: 18.
وقد فسر بعض النواب فشل عون في الجلسة الأولى كمحاولة من الثنائي الشيعي القول إن لهما قوة مؤثرة في الحياة السياسية اللبنانية، في ظل ما أشيع عن تراجع هذا النفوذ بعد الحرب الإسرائيلية. وقال النائب عن حزب القوات اللبنانية جورج عدوان: “الثنائي الشيعي يحاول أن يجبرنا على تقدير قراره بانتخاب عون
من جهته، قال الصحفي اللبناني حسن عليق إن نائبين عن حزب الله وحركة أمل اجتمعا بين الجلستين مع المرشح عون وفاوضاه على انتخابه وفق ستة بنود، وهي: وقف إطلاق النار، تأليف الحكومة، قائد الجيش المقبل، وزير المالية، وغيرها. وأضاف أنهما قالا له إنه إذا اتفق معهما، سيصوت نواب حركة أمل وحزب الله لصالحه، أما إذا لم يوافق، فلن يصوتوا له.
وكانت الجلسة الأولى قد شهدت سجالًا حادًا بين النواب اللبنانيين، حيث اعترض البعض على انتخاب عون لما فيه من مخالفة للدستور اللبناني. وقال النائب أسامة سعد إن ما يجري هو “مذبحة” بحق القانون.
فالدستور اللبناني يمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى في الدولة ما لم يستقيلوا قبل سنتين من الاقتراع وفقًا للمادة 49 من الدستور. وسيحتاج انتخاب عون إلى تعديل دستوري، ما أدى إلى اشتعال الجلسة التي دارت خلالها تجاذبات كلامية حادة.
وخلال عملية الفرز، كان بارزًا تصويت أحد النواب لصالح “جوزيف عاموس بن فرحان” في إشارة إلى وجود تدخل أمريكي وسعودي في العرس الديمقراطي، وقد اعتبرها بري ورقة ملغاة.
يذكر أن انتخاب عون، الذي يتمتع بخبرة عسكرية طويلة، بوصفه قائدًا للجيش منذ عام 2017. جاء في ظل ظروف استثنائية، عقب حرب طاحنة بين إسرائيل ولبنان انتهت مؤخرًا باتفاق لوقف إطلاق النار. الحرب التي أودت بحياة آلاف المدنيين في لبنان أثقلت كاهل البلاد، مما جعل ملف الرئاسة أولوية لإعادة الاستقرار.
وحظي انتخاب عون بدعم دولي، حيث أبدت كل من واشنطن والرياض وباريس تأييدها لهذه الخطوة، معتبرة أنها قد تسهم في تعزيز الاستقرار السياسي في لبنان.
لكن هذا القرار لم يمر دون جدل. فقد أثار اسم جوزيف عون ردود فعل متباينة في الشارع اللبناني، حيث اعتبر البعض أن هذه الخطوة تكرس الوصاية الأمريكية على لبنان، فيما رأى آخرون أنها فرصة لتحقيق التوازن في بلد يعاني من أزمات سياسية واقتصادية خانقة.