التغطية الصحية تشمل 32 مليون مغربي بكلفة 37.7 مليار درهم

تفيد المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، بأن إصلاح نظام الحماية الاجتماعية مكن من توسيع التغطية الصحية لتشمل حوالي 32 مليون مستفيد خلال سنة 2025، بكلفة مالية ناهزت 37,7 مليار درهم، متوقعة أن تصل إلى 29 مليار درهم خلال نفس السنة، مسجلة أن الصناعات التحويلية توفر ما يفوق مليون منصب شغل، أي حوالي 11% من السكان النشيطين، وتمثل الصناعات التحويلية 14.5%.

وفي تفاصيل المذكرة التي وجهها رئيس الحكومة إلى القطاعات الوزارية، أوردت أن الرأسمال البشري يُعد من الركائز الأساسية لأي مسار تنموي. وتؤكد أن الارتقاء بهذا الرأسمال يندرج ضمن مقاربة شمولية تُشكل في الآن ذاته رافعة للنمو المندمج، وأداة للحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، ومحفزا للتحول الهيكلي.

وفي إطار تعزيز الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، تضيف المذكرة أن إصلاح نظام الحماية الاجتماعية من بين أحد الأوراش المهيكلة للإقلاع التنموي بالمغرب، ويهدف إلى تعزيز قدرة المواطنين، وتقليص الفوارق، وضمان تغطية عادلة ومستدامة للمخاطر الاجتماعية.

وتضيف المذكرة ذاتها أن “هذا الإصلاح أتاح توسيع مهم للتغطية الصحية لتشمل حوالي 32 مليون مستفيد خلال سنة 2025 لاسيما من خلال التأمين الإجباري عن المرض، وإطلاق برنامج الدعم الاجتماعي المباشر للأسر الفقيرة وفي وضعية هشاشة، بكلفة مالية ناهزت عند مكتم يونيو 2025 حوالي 37,7 مليار درهم، إذ يتوقع أن تصل إلى 29 مليار درهم سنة 2025، ويمثل هذا النظام الجديد الذي تدبره الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي طفرة مهمة نحو نظام أكثر استهدافا وشمولية واستدامة”.

وتؤكد المذكرة مواصلة الجهود لفائدة قطاع التعليم والتكوين، بانخراط المغرب في إصلاحات لمنظومته التربوية، مما مكن من توسيع العرض المدرسي، خاصة في الوسط القروي، وتعميم نموذج “مدارس الريادة”، وتعزيز التكوين الأولي والمستمر للأطر التربوية، بالإضافة إلى إدراج آليات مبتكرة مثل برنامج “رياضة ودراسة”.

وأوردت المذكرة ذاتها أنه بالموازاة مع ذلك، تم إعادة توجيه آليات الدعم الاجتماعي من أجل استهداف أفضل للتلميذات والتلاميذ المنحدرين من أسر معوزة، لتسهم هذه المجهودات في تقليص الهدر المدرسي، وتحسين معدلات التمدرس والرفع من متوسط مدة التمدرس.

وسجل المصدر ذاته بخصوص إصلاح قطاع الصحة، أنه في إطار الزخم التنموي للمغرب، يُشكل إصلاح المنظومة الصحية دعامة استراتيجية لتعزيز الرأسمال البشري وتقليص الفوارق الاجتماعية، مضيفة أن هذا التحول يرتكز على أربعة محاور رئيسية تثمين الموارد البشرية وتحسين جاذبية القطاع، وتأهيل عرض العلاجات مع التركيز على الوسط القروي، وتحديث الحكامة من خلال مؤسسات صحية جديدة، والرقمنة التدريجية لنظام المعلومات الطبي، إذ تهدف هذه الجهود إلى ضمان ولوج عادل ومستدام وذو جودة للخدمات الصحية لكافة المواطنين.

وتطرقت المذكرة في محور التصنيع والانفتاح التجاري، إلى إبرام العديد من اتفاقيات التبادل الحر التي تربط المغرب بأكثر من 55 دولة تمثل سوقا محتملة لما يفوق 3 مليارات مستهلك، مشيرة إلى أن المغرب منذ عدة عقود ينهج سياسة انفتاح اقتصادي واندماج تدريجي في الاقتصاد العالمي.

وتفيد المذكرة بأن نسبة انفتاح الاقتصاد المغربي ارتفعت من 55,2% سنة 2007 إلى 80,2% سنة 2023، فيما ارتفع عدد أسواق التصدير بنحو 1% كمتوسط سنوي خلال نفس الفترة، إذ انتقل من 171 إلى 189 سوقا، مما يعكس توسيع العرض التصديري المغربي نحو أسواق جديدة في إفريقيا، وأمريكا، وآسيا.

وأضاف المصدر ذاته أن المغرب انخرط منذ عدة سنوات في عملية تسريع تصنيع اقتصاده بهدف تعزيز بروز المهن العالمية للمغرب وتحسين تموقع البلاد في سلاسل القيمة العالمية، مبرزة أن المغرب أصبح فاعلا أساسيا في سلاسل القيمة العالمية، وذلك بفضل انفتاحه التجاري وتطوير منظوماته الصناعية، إذ يُصنف المغرب في مجال صناعة السيارات ضمن أفضل 20 دولة مصنعة للسيارات على المستوى العالمي، برقم معاملات في مجال التصدير بلغ 16 مليار دولار أمريكي سنة 2024 وكذلك فيما يتعلق بصناعة الطيران، حيث يتموقع المغرب كقطب تنافسي وجذاب على الخريطة العالمية في ميدان الفضاء.

ويمثل قطاع الصناعات التحويلية 14.5% من الناتج الداخلي الخام ويمكن من إحداث أكثر من مليون منصب شغل، وهو ما يمثل حوالي %11% من السكان النشيطين، فيما يعد قطاع الصناعات التحويلية محركا أساسيا للصادرات المغربية، بفضل قطاعات السيارات والطيران والنسيج، إلى جانب أنه يعكس التطور المهم والتنوع الكبير في الاستثمارات دينامية النمو والتحول في البلاد، بحسب المصدر ذاته.

وفي شق آخر يتعلق بتعزيز المؤسسات، أوردت المذكرة أن “المغرب يوطد دينامية التحديث المؤسساتي والقانوني من خلال إصلاحات تشريعية مهيكلة وتعزيز مؤسسات الرقابة وكدا التعاون الدولي، إذ قام المغرب خلال السنوات الأخيرة بسلسلة من الإصلاحات الطموحة لترسيخ دولة الحق والقانون”.

وفي السياق ذاته، فيما يتعلق بالجانب المؤسساتي، تضيف: “مكن إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية وتعزيز صلاحيات المجلس الأعلى للحسابات من دعم آليات الضبط والرقابة على السلطات العمومية، إذ تضطلع هاتان المؤسستان حاليا بدور مركزي في تعزيز استقلالية القضاء والتتبع الصارم لتدبير المالية العمومية، إضافة إلى انضمام المغرب إلى شراكة الحكومة المنفتحة (OGP) إضافة إلى تفعيل حق الحصول على المعلومات”.

وعلى مستوى الحقوق الأساسية، يمثل إضفاء الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية تقدما كبيرا، بحسب المصدر ذاته، إذ تم تسجيل تقدم ملموس في مجال العدالة لاسيما فيما يتعلق برقمنة العدالة المدنية من خلال منصة Mahakim.ma، وتحسين مساطر الوساطة، وإطلاق إصلاح قانون المسطرة الجنائية من أجل ضمان حقوق الدفاع.

وتضيف المذكرة أنه “تم إحداث مؤسسات تعنى بالشفافية كالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها بصلاحيات التحري انطلاقا من سنة 2018، وكذا البوابة الوطنية للتبليغ عن الفساد المتاحة لكافة المواطنين، ففي سنة 2025 انتخاب الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها الرئاسة الشبكة الدولية لسلطات الوقاية من الفساد حيث تعكس هذه المكانة المصداقية التقنية والدبلوماسية للمغرب، ويعتبر المغرب أيضًا عضوا نشيطا في برنامج الحكامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (MENA-OECD) (Governance Programme، والذي يهتم بالارتقاء بالشفافية الميزانياتية وإصلاح الإدارة”.

وتؤكد المذكرة أن رقمنة الخدمات العمومية مكنت بوابة الصفقات العمومية “e procurement” Watiqa.ma للوثائق الشخصية Chikaya.ma لشكيات المواطنين من تقليص احتمالات الفساد الإداري، مشيرة أيضا إلى “إرساء إطار تشريعي واستراتيجي متين لإصلاح الإدارة، حيث يجسد اعتماد القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية وتنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لتحديث الإدارة هذه الرغبة في القطع مع الممارسات البيروقراطية، وتهدف هذه الإصلاحات إلى الرفع من جودة الخدمة العمومية وتقريب الإدارة من المرتفقين وتعزيز الشفافية والمساواة في الولوج إلى الخدمات”.

على المستوى العملي، تم تسجيل تقدم ملموس خاصة في رقمنة المساطر من خلال تطوير منصات مثل Idarati وRokhas.ma، مما يسهل الولوج إلى الإجراءات الإداري، وفق المذكرة.

عن أسيل الشهواني

Check Also

الحكومة تراهن على البنى التحتية لدفع عجلة الإقلاع التنموي

أكدت المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2026 أن تطوير البنية التحتية يشكل اليوم دعامة …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *