في خطوة انتظرها كثير من المسافرين، أعلنت إدارة أمن النقل الأميركية “تي إس إيه” (TSA) في يوليو/تموز الجاري رسميًا إلغاء إجراء خلع الحذاء في المطارات، وهو الإجراء الذي كان مصدر إزعاج دائم للركاب منذ عام 2006. ويعود القرار إلى إدخال أجهزة فحص متطورة بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد تسمح بكشف محتوى الأحذية دون الحاجة لنزعها. وقد بدأ تطبيق القرار بمطارات مثل فورت لودرديل وفيلادلفيا وبالتيمور، مع خطة لتعميمه تدريجيا على كافة المطارات الأميركية خلال الشهور المقبلة.
ووفق بيان رسمي على موقع إدارة أمن النقل الأميركية، فإن هذا الإجراء يأتي ضمن خطة لتسهيل تجربة السفر دون المساس بمعايير السلامة. وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإن القرار لاقى ترحيبا واسعا من المسافرين وشركات الطيران.
لكن هذا التغيير يثير سؤالا يدور في أذهان الكثيرين: ما حقوقك كمُسافر في المطارات العالمية؟ وما الجهات التي يحق لها قانونا منعك من السفر أو الصعود إلى الطائرة؟

حقوق المسافرين بمطارات العالم
في الولايات المتحدة، لم يعد يُطلب من الركاب خلع الأحذية إلا إذا أثارت أجهزة التفتيش إنذارا، أو في حال الاشتباه بأحد الركاب. أما في دول الاتحاد الأوروبي، فالإجراء لم يكن إلزاميا منذ سنوات، حيث يسمح بارتداء الحذاء أثناء المرور بأجهزة الكشف، ما لم تستدعِ الضرورة غير ذلك. وكذلك، تعتمد مطارات كندا وأستراليا واليابان على إجراءات فحص مشابهة، لا تتطلب خلع الحذاء إلا في حالات الاشتباه الأمني.
من يملك سلطة منعك من السفر؟
قد يظن كثير من المسافرين أن تجاوز نقطة التفتيش أو الحصول على بطاقة الصعود يعني ضمان السفر، لكن الحقيقة أن هناك أكثر من جهة داخل المطار تملك صلاحية قانونية لمنعك من استكمال رحلتك. وتختلف هذه الصلاحيات بحسب الجهة وطبيعة المخالفة أو الخطورة المحتملة، وتتوزع بين أمن المطار، وموظفي الجوازات، وشركة الطيران، وحتى الطيّار نفسه. وفيما يلي تفصيل دقيق للجهات الأربع الأساسية التي يمكن أن توقفك عن السفر، وأسباب كل منها:
أولا: سلطات التفتيش الأمنية
هذه الجهات مسؤولة عن فحص الأمتعة والركاب، ويحق لها منعك من التقدم إلى بوابة الصعود إذا كنت تحمل مواد محظورة مثل أسلحة أو سوائل محظورة.
أو أثار سلوكك أو حقيبتك شكوكا أمنية، أو وُجد اسمك على قائمة الممنوعين من الطيران.
ثانيا: سلطات الهجرة والجوازات
موظفو الجوازات لهم صلاحية المنع من مغادرة أو دخول الدولة في الحالات التالية:
- جواز سفر منتهية صلاحيته أو غير صالح.
- عدم وجود تأشيرة صالحة أو تصريح دخول.
- وجود بلاغ أمني أو قضائي بحقك.
- مخالفة شروط الإقامة في زيارات سابقة.

ثالثا: ممثل شركة الطيران عند البوابة
رغم اجتيازك جميع المراحل الأمنية، يظل بإمكان موظف شركة الطيران منعك من الصعود إلى الطائرة في حال:
- لم تملك الوثائق الكاملة المطلوبة للوجهة (مثل التأشيرة).
- وجود مشكلة في الحجز أو الوزن الزائد.
- السلوك غير اللائق أو العدائي في قاعة الانتظار.
وفي حالة الإقلاع الزائد (Overbooking) تختار الشركة ركابًا للتخلي عن مقاعدهم مقابل تعويضات.
وهي حالة تحدث بشكل متكرر، خصوصا الرحلات المزدحمة أو التجارية، وهي سياسة معتمدة من قبل شركات الطيران وليست خطأ عشوائيا، لأنها تعلم من البيانات أن عددا من الركاب لا يحضرون في النهاية، فتقوم ببيع مقاعد أكثر من سعة الطائرة لتعويض الخسائر الناتجة عن هذه الغيابات.
وفي الولايات المتحدة وحدها، وفقا لتقارير وزارة النقل، يُمنع آلاف الركاب من الصعود للطائرة سنويا بسبب الحجز الزائد. وعام 2023، تم تسجيل أكثر من 20 ألف حالة منع قسري أو تطوعي على خطوط الطيران الأميركية فقط.

هل يحق لشركة الطيران منع المسافرين من صعود الطائرة؟
يحق لشركة الطيران منع عدد من المسافرين من صعود الطائرة، ولكن بشرط أن يعرض أولا تعويض على المتطوعين للتخلي عن مقاعدهم.
إذا لم يتطوع أحد، فيمكنهم اختيار ركاب وفق أولويات داخلية مثل:
-
أولوية الحجز (الحجز الزمني)
الركاب الذين حجزوا تذاكرهم في وقت متأخر يكونون أقل أولوية. وكلما كان حجزك مبكرا، زادت فرصتك في الاحتفاظ بمقعدك.
الركاب من أصحاب التذاكر المخفّضة أو غير القابلة للاسترجاع هم الأكثر عرضة للاستبعاد. بينما تُفضَّل التذاكر المرنة أو المدفوعة بسعر كامل.
المسافرون على الدرجة الأولى أو رجال الأعمال يتمتعون بحماية أكبر، أما ركاب الدرجة السياحية فهم الأكثر عرضة للاختيار.
-
ذوو الاحتياجات الخاصة أو المسافرون بصحبة أطفال
تُعفى هذه الفئات عادة من الإبعاد احتراما لحقوقهم وظروفهم.

-
الانضمام لبرامج الولاء
يستثنى من الإبعاد الركاب الحاصلون على مستويات مرتفعة ضمن برامج الولاء الخاصة بشركات الطيران.
-
أصحاب الرحلات المتصلة
الركاب الذين لديهم رحلات متابعة أو ارتباط بمواعيد دولية، تُمنَح لهم أولوية خاصة. أما الرحلات المحلية أو التي ليس لها ارتباط فغالبا ما تُستبعد أولا.
-
ترتيب الوصول إلى بوابة الصعود
في بعض الحالات، قد يتم اختيار من وصل متأخرًا إلى بوابة الصعود لكي يتخلوا عن مقاعدهم، خاصة إذا لم يؤكد الحضور مبكرا.
لكن تذكر، يجب تعويضك ماديا وفق قوانين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لذلك من المهم دائما معرفة حقوقك كمُسافر والتصرف بهدوء إذا طلب منك التخلي عن مقعدك.
رابعا: قائد الطائرة
بحسب “معاهدة طوكيو” 1963، يمتلك الطيار السلطة العليا داخل الطائرة، ويمكنه منعك من الصعود أو حتى إنزالك منها في حال:
- بدر منك سلوك عدواني أو غير منضبط.
- لم تلتزم بتعليمات طاقم الضيافة.
- ظهرت عليك أعراض صحية قد تشكل خطرا على سلامة الرحلة.

هل لك حقوق إذا مُنعت من السفر؟
في بعض الحالات، يحق لك طلب تفسير كتابي للقرار، خصوصا عند المنع لأسباب غير أمنية مباشرة. وفي حالات الإقلاع الزائد، تلتزم شركات الطيران بتقديم تعويضات مالية أو خدمات بديلة مثل حجز فندقي أو نقل بديل أو تعويض نقدي، حسب قوانين حماية المسافرين بالاتحاد الأوروبي “إي سي 261” (EC261) أو وزارة النقل الأميركية.
أما إذا تم منعك من السفر من قبل قائد الطائرة، فلا يوجد نظام استئناف فوري، لكن يمكن طيلة الوقت تقديم شكوى لاحقة إلى شركة الطيران أو الجهة التنظيمية.
وبينما تتجه المطارات نحو المزيد من التكنولوجيا والسهولة، تبقى القوانين والضوابط الأمنية جزءا لا يمكن تجاهله، وإن معرفة المسافر بحقوقه وصلاحيات الجهات المختلفة داخل المطار يمكن أن توفر عليه الكثير من التوتر والتأخير.