بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة | سياسة

غاليبولي- على رصيف الميناء بمدينة غاليبولي الإيطالية، رست سفينة “حنظلة” بهدوء حذر، وكأنها تنتظر عاصفة مؤجلة. وقبل ساعات من انطلاقها في رحلتها الإنسانية الجريئة نحو قطاع غزة المحاصر، فتح لنا طاقمها أبوابها لجولة استثنائية.

وقد رافقتنا الناشطة الإيرلندية كويفا باترلي، وهي إحدى الشخصيات البارزة في حملات كسر الحصار، في ممرات السفينة الصغيرة التي تحولت لمساحة للتضامن العالمي ومقاومة الصمت.

الناشطة الإيرلندية كويفا باترلي
الناشطة الإيرلندية كويفا باترلي: حنظلة هو ضمير العالم حين يدير ظهره للعدوان (الجزيرة)

عين على غزة

بدأت جولتنا من سطح السفينة بالقرب من غرفة القيادة حيث خرائط البحر المتوسط مفروشة فوق طاولة خشبية قديمة، وإشارات الملاحة موضوعة بعناية لتجنّب نقاط الخطر.

وقالت باترلي “لا نرسم هنا المسارات فقط، بل خطوط الأمل والسلام، لأن كل من شارك في تنظيم هذه الرحلة يعلم جيدا أن كل ميل بحري ستقترب منه حنظلة من غزة خطوة باتجاه العدالة وكسر الحصار”.

وخلال الجولة، وصل طلاب مدارس ثانوية إيطاليون لزيارة السفينة والتعرف على تاريخ فلسطين وأهمية الرسام الفلسطيني ناجي العلي ومعلومات عن “حق العودة” حتى يساهموا هم أيضا في تحدي تواطؤ الحكومات الأوروبية، وفق الناشطة الإيرلندية.

وتعتبر “حنظلة” القارب رقم (37) من بين المهمات التي تم تنظيمها لكسر حصار غزة، وقد وصلت منها 5 بينما تعرض الباقي للهجوم أو التخريب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

الرسومات والتوقيعات الداعمة للشعب الفلسطيني داخل سفينة "حنظلة"
السفينة “حنظلة” تحمل ألعابا ومساعدات لأطفال غزة (الجزيرة)

ممرات ضيقة وأحلام واسعة

هنا، لا مجال للترف أو الراحة، السفينة صغيرة نسبيا لكنها تكفي لحمل ركابها من الناشطين والبرلمانيين الذين قرروا أن يعبروا بأجسادهم حدود الحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني منذ عام 2007.

وانتقلنا إلى الطابق السفلي حيث توزع 12 سريرا بطابقين مصنوعة من الخشب. وجدير بالذكر أن الاستحمام محدود للغاية على متن السفينة إذ سيضطر النشطاء إلى الاعتماد على المناديل المبللة لعدم وجود مياه تكفي 20 شخصا طوال الرحلة.

وأوضحت باترلي “هذه سفينة صيد نرويجية، ورغم أنها تبدو صغيرة جدا فإنها تحتوي على مساحة واسعة لتخزين المساعدات الإنسانية، فضلا عن صور وألعاب أطفال أرسلت لأطفال غزة”.

وفي مؤخرة السفينة، يوجد قارب نجاة، وهو واحد من ثلاثة موجودة على متن “حنظلة” بالإضافة إلى طاولة وكراسي خشبية يستخدمها الطاقم للاجتماعات عند غروب الشمس وفي المساء.

وفي المطبخ الصغير، ستقوم النرويجية فيكتيس، البالغة من العمر 70 عاما، بتحضير الطعام لكل طاقم السفينة الذي يلقبها بـ”جدة العالم”.

الرسومات والتوقيعات الداعمة للشعب الفلسطيني داخل سفينة "حنظلة"
دمى وتواقيع داعمة للشعب الفلسطيني داخل “حنظلة” (الجزيرة)

رسومات وهدايا

وفي كل مكان على جدران السفينة، عُلقت لوحات فنية لأطفال إيطاليين يرغبون في وصولها إلى أطفال غزة في أقرب وقت ممكن، فضلا عن توقيعات الأشخاص الذين زاروا السفينة قبل انطلاقها بمهمتها الإنسانية، وربما لم يزوروا فلسطين من قبل لكنهم آمنوا بقضيتها.

ومن بين هذه الهدايا الرمزية، كُتب اسم “عائشة وإيناس ولورا” وهن فتيات لعائلة تونسية إيطالية جئن بكل مدخراتهن في 3 جرار صغيرة مليئة بالعملات المعدنية وطلبن إيصالها إلى غزة.

وبالقرب منها، توجد رسائل من العاملين بمجال الرعاية الصحية وخاصة من الدكتورة سوي آنغ التي كانت مسعفة على متن أسطول العودة عام 2018، وهي إحدى مؤسسي جمعية “العون الطبي لفلسطين”.

وفي الغرفة المخصصة للطعام أو الاجتماعات، أشارت باترلي إلى كتاب النرويجي مادس جيلبرت، وهو طبيب قضى سنوات عديدة في غزة “التقيت به هناك عامي 2008 و2009 عندما كان يعمل بالمستشفيات وكنت أعمل مسعفة مع الهلال الأحمر الفلسطيني”.

كما تحدثت الناشطة عن مزارعة إيطالية أحضرت لهم نبتة صبار الليلة الماضية، وأوصتهم بزراعتها في قطاع غزة عند وصول السفينة لتكون تذكارا لهم من إيطاليا.

الرسومات والتوقيعات الداعمة للشعب الفلسطيني داخل سفينة "حنظلة"
رسوم وتواقيع داخل السفينة التي تسعى لكسر الحصار عن غزة (الجزيرة)

ليس مجرد اسم

قبل أن نغادر، وقفت باترلي على سطح السفينة وقالت “حنظلة هو ضمير العالم حين يدير ظهره للعدوان. نحن نحمله معنا، ليس فقط لأنه رمز فلسطيني، بل لأنه تذكير دائم بإنسانيتنا وبكل ما لا يجب أن ننساه”.

وتابعت “ما نشعر به على متن هذا القارب هو الازدواجية التي يحملها الناس هنا، مزيج من الحزن، والرعب، والغضب الذي نشعر به جميعا ونحن نشاهد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، والتطهير العرقي، والاحتلال، ودولة الفصل العنصري التي يعيش الناس في ظلها، ولكن هناك أيضا الكثير من الأمل”.

وبعد ما يقرب من عامين على تنظيم المظاهرات في شوارع العواصم الأوروبية، تعتقد باترلي أن سفينة الحرية تأسر مخيلة الجمهور لأنها ترى فيها خطوة للتصعيد، قائلة “علينا تحمل بعض المخاطر التي يخوضها الفلسطينيون لمجرد البقاء على قيد الحياة كل يوم، وهذه هي مهمتنا”.

وأضافت الناشطة الإيرلندية “نهدف إلى إظهار التضامن مع النضال الفلسطيني من أجل الحرية، ونركز على أطفال غزة، تلك الأرواح الجميلة والثمينة التي لا تُعوّض لكنها تُزهق يوميا. لذا، نأمل أن ينال الأطفال الفلسطينيون في غزة وفي جميع أنحاء فلسطين المحتلة ليس الحرية والحقوق فحسب، بل الفرح أيضا”.

عن شريف الشرايبي

Check Also

بعد أزمة بائع العسلية .. شروط إيداع الأطفال في دور الرعاية

حالة من الصدمة والدهشة، شهدتها مدينة المحلة بالغربية خلال الساعات القليلة الماضية ، إثر واقعة …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *