تعديل المراسيم بقوانين يشعل البرلمان والطالبي يحيل الجدل على المحكمة الدستورية

شهد مجلس النواب تجدد الجدل حول أحقية النواب في تقديم تعديلات على مشروع قانون يتعلق بالمصادقة على مرسوم بقانون. وفي حين تمسكت بعض الفرق البرلمانية بحق التعديل، شددت مداخلات أخرى على خصوصية المراسيم بقوانين وضرورة احترام مسطرتها الخاصة، معتبرة أن أي تعديل يجب أن يتم لاحقًا عبر مقترحات قوانين. وهو الجدل الذي حسمه راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، بتضمينه في تعديلات النظام الداخلي لتمكين المحكمة الدستورية من حسمه.

وأثير هذا الجدل، خلال جلسة عامة، بعد تقديم المجموعة النيابية للعدالة والتنمية تعديلات على مشروع قانون رقم 23.25 يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.25.168 بتتميم القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار.

وأفاد عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن “نقاش حق التعديل يكفله لنا الدستور وقرارات المحكمة الدستورية، ونحن في هذه الحالة لسنا نعدل المرسوم بقانون بل المشروع بقانون”، مضيفا أن ذلك يكفله الفصل 83 من الدستور والمادة 189 من النظام الداخلي، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية أصدرت ثلاث قرارات بشأن الموضوع، مشددا على أن مراسيم القوانين خاضعة بدورها لقاعدة التعديل.

وعبّر بوانو عن احتجاجه على تفسير اللجنة للقانون أو النظام الداخلي، مبرزا أنه قبل المصادقة على المشروع قانون برمته يجب طرح التعديلات لأنها تهم هذا النص، وإذا تم طرح التعديلات بعد المصادقة سنكون أمام مقترحات قوانين وليس تعديلات على هذا النص، مطالبا بالسماح بتقديم التعديلات قبل المصادقة على النص برمته.

ورأى مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أن مجال مناقشة هذه القضايا ليس الآن لأنه ستطرح خلال مختلف مراسيم القوانين، داعيا لإيجاد فضاء آخر عبر نقاش مع الرؤساء لحسم الموضوع.

ومن جهته، أورد سعيد بعزيز، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، أن المرسوم بقانون هو استثناء منح للحكومة لطبيعته الاستعجالية ويأتي بين الدورتين ولا يحق للبرلمان أن يعدل فيه، وبالتالي فإن هذه الجلسة العامة التي لا تنعقد بين الدورتين هي صاحبة الاختصاص في التشريع في مشاريع القوانين وليس المراسيم بقانون.

وتابع “نحن لا نصادق على المرسوم بقانون حتى نعدل فيه، إذ إن هذا الأخير تصل بشأنه اللجنتان إلى اتفاق وليس بالمصادقة، في حين أننا نصادق اليوم على المشروع بقانون، ولنا الحق في التعديل عليه، وهذا حق دستوري وأطره النظام الداخلي أيضا، وهذه مناسبة مؤسسة لتجربة جديدة فيما يتعلق بدراسة المراسيم بقوانين”.

رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، أكد من جهته أن هذا النقاش أثير على مستوى اللجنة التقنية ولجنة النظام الداخلي وتوصلنا إلى صيغة أن تقدم التعديلات في نفس اليوم الذي يأتي فيه المرسوم بقانون، مبرزا أن النظام الداخلي الحالي أفرد في بابه الثامن جزءا خاصا للمراسيم بقوانين، موضحا أنه “بعد المصادقة عليها تنشر بالجريدة الرسمية ويترتب عليها آثار اجتماعية واقتصادية، فكيف اليوم سيكون المآل خلال تعديل مواد، بدأت في التنزيل، خلال المصادقة على المشروع الذي يتضمن مادة فريدة بالمصادقة على المرسوم؟”.

وتابع الحموني أن تعديل مشروع القانون يكون في المادة الفريدة التي جاءت بها الحكومة، موضحا أن المسطرة التشريعية لا تتيح الاستثناء، داعيا إلى إحالة هذا النقاش على المحكمة الدستورية لتقديم جوابها في الموضوع.

وقال محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، إن الفلسفة الدستورية جاءت بمراسيم القوانين كتمدد للسلطة التنفيذية على المجال التشريعي في حالة الاستعجال بين الدورتين، واتفاق اللجنتين البرلمانيتين مع الحكومة يحسم الجدل، مضيفا أن تعديلات المجموعة النيابية في المشروع بقانون صحيحة شكلا، ولكن على خاطئة على مستوى المضمون لأنها تعدل في المرسوم بقانون الذي منح للحكومة صلاحية التشريع به.

وبدوره، أبرز أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أن هذا النقاش غير مسبوق حول مراسيم القوانين وهذا أمر جيد، مستدركا أن الرأي السديد هو أن المرسوم بقانون لديه مسطرة خاصة نظرا لخصوصيته، ثم أن الدستور منح للحكومة هذه السلطة فيما يتعلق بمراسيم القوانين، مضيفا أن من واجب البرلمان في إطار التعاون مع الحكومة، ولا يمكن الآن مناقشة بعض المقتضيات التي لم تثار في اللجنة لترفع إلى الجلسة العامة، مبرزا أن التعديل متاح للبرلمان عبر مقترح قانون، وليس أن يتم ذلك في اليوم نفسه.

ومن جانبه لفت علال العمراوي، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أنه عندما نقوم بشيء جديد، فإن الاجتهاد ينبغي أن يكون في فضاء يحقق شروط التوافق الذي يمكن أن تعززه المحكمة الدستورية، مبرزا أنه لا يمكن اليوم أن نأتي بقرارات غير مسبوقة خلال هذا اليوم، مفيدا أنه إذا كانت الغاية هي تجويد النص فإن البرلمان يتوفر على مساطر تتيح ذلك عبر مقترحات قوانين.

وأكد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أنه بغض النظر عن الخلفيات السياسية للتعديل، فإننا أمام ثلاث حالات، الأولى متعلقة بالحق في تعديل مضمون المرسوم بقانون داخل اللجنة وهذا متاح للبرلمان، وكانت هناك حالة ثانية لتعديل مشروع المرسوم خلال الجلسة العامة وذلك غير ممكن لأن المرسوم يكون قد أخذ مسارا.

وتابع رئيس مجلس النواب نحن اليوم أمام حالة ثالثة متعلقة، مبرزا أن القاعدة العامة تنص على أن التعديل حق مطلق للنواب، لكن هذه قاعدة خاصة خصص لها الدستور الفصل 81 مسطريا ومضمونا، مشيرا إلى أن القاعدة تنص على أن القانون الخاص هو من يقيد القانون العام وليس العكس.

وأورد الطالبي أن توازي الأشكال يقتضي أن يكون التعديل بعد أن يأخذ النص صيغة القانون وهذا ما لن يتوفر إلا بعد المصادقة، مفيدا أن إحالة هذا الخلاف على المحكمة الدستورية سيطرح إشكالا لأنه كانت قرارات سابقة قضت بعدم الاختصاص لأنه خلاف داخلي، مضيفا أن طرح التعديلات للمصادقة سيكون حينها الرفض من الأغلبية ولن نصل إلى حل.

ولحسم الخلاف، اعتبر الطالبي أن الحل هو أن يتم تضمين الموضوع في نقاش تعديل النظام الداخلي، وحينها ستكون المحكمة الدستورية مطالبة بالبت في الموضوع، وسيتم تجاوز هذا الإشكال. وتفاعلا مع المقترح أقدمت المجموعة النيابية على سحب التعديلات.

عن أسيل الشهواني

Check Also

“النساء الحركيات” يطالبن بتفعيل المناصفة والدولة الاجتماعية

أكدت منظمة النساء الحركيات، الذراع النسائي لحزب الحركة الشعبية، التزامها بمواصلة التأطير والمرافعة الميدانية من …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *