من مدينة مالقا الإسبانية، وجّه رئيس مجلس النواب المغربي راشيد الطالبي العلمي نداءً صريحًا أمام قادة البرلمانات الأعضاء في الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، أكد فيه أن القضية الفلسطينية تظل “أصل معضلات المنطقة”، محذرًا من استمرار معاناة الشعوب في ظل الحروب والنزاعات، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي يدفع “الثمن الأكبر” لهذه الأوضاع المتدهورة.
وفي كلمة له خلال قمة رؤساء البرلمانات بالاتحاد، المنعقدة اليوم الخميس، شدد الطالبي العلمي على أن “المدخل إلى تسوية مشكلات المنطقة هو وقف الحرب في غزة أساسا”، داعيًا إلى حل سياسي “عادل ودائم” يقوم على أساس حل الدولتين، كما دأب على التأكيد عليه الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس.
واعتبر أن هذا المسار وحده كفيل بقطع الطريق على التطرف، واستغلال النزاعات لمصالح قطرية، وفتح أفق التعايش والتنمية والازدهار المشترك.
الطالبي العلمي حذّر من مغبة تجاهل الحقوق الفلسطينية، مشيرًا إلى أن “المنطقة ستظل رهينة للعنف والتعصب والتشدد وعدم الاستقرار”، ما لم يُمَكَّن الشعب الفلسطيني من “حقوقه المشروعة في الاستقلال وبناء دولته الوطنية المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية”.
وذكّر بأن الشرق الأوسط يشكل شريانًا من شرايين الاقتصاد العالمي، مما يجعل استقراره “رهانًا للاستقرار الاقتصادي العالمي برمته”.
وفي سياق كلمته، عبّر رئيس مجلس النواب المغربي عن شرفه بالمشاركة مجددًا في قمة الجمعية، مثنيًا على استضافة المدينة المتوسطية العريقة “مالقا”، التي قال إنها “تجسد الإرث المتوسطي المتنوع، الغني والمنفتح”.
واستحضر الطالبي العلمي الرمزية التاريخية للمدينة التي احتضنت أول مؤتمر برلماني حول الأمن والتعاون في المتوسط عام 1992، واعتبر أن اجتماع اليوم مدعو ليمثل “منطلقا لمسيرة جديدة” تعيد الاعتبار للعمل البرلماني المشترك في ظل التحديات المعاصرة.
وانتقد العلمي ما أسماه العودة إلى منطق الحرب والعنف في منطقة شرق المتوسط، رغم الآمال التي واكبت اتفاقات أوسلو ومؤتمر مدريد في بداية التسعينيات. وأكد أن الأوضاع الدولية باتت مفتوحة على “كل التداعيات والاحتمالات المقلقة”، وهو ما يفرض مسؤولية متجددة على النخب والمؤسسات البرلمانية.
وفي موضوع الهجرة، أحد المحاور الرئيسة للقمة، أبرز الطالبي العلمي أن الظاهرة ترتبط مباشرة بالحروب والنزاعات والاختلالات المناخية وضعف التنمية، لكنه شدد بالمقابل على ضرورة تصحيح التمثلات الخاطئة عنها في بلدان الاستقبال.
وقال رئيس مجلس النواب إن “الهجرة النظامية مطلوبة وضرورية”، داعيًا إلى عدم توظيفها في الصراعات السياسية، والاعتراف بدورها في تنمية المجتمعات المُستقبِلة.
وفي هذا الإطار، نوّه رئيس مجلس النواب المغربي بـ”التعاون النموذجي” بين المغرب وإسبانيا في تدبير تدفقات الهجرة، واصفًا التنسيق بين البلدين بـ”المحكم” والقائم على “رؤية إنسانية حقوقية”.
وختامًا، وجّه الطالبي العلمي تحية إلى الرئاسة الإسبانية للجمعية البرلمانية، ممثلة في Francina Armengol وPedro Maroto، على ما بذلوه من جهود لإنجاح الدورة، كما هنّأ الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب المصري، على توليه الرئاسة الدورية المقبلة للجمعية، معربًا عن ثقته في قيادته لمؤسسة برلمانية متوسطية قوية وفاعلة.