كيف يخطط نتنياهو لسيادة الشرق الأوسط عبر ضرب إيران؟ | سياسة

تتركز رؤية نتنياهو للشرق الأوسط بشكل أساسي على ترسيخ إسرائيل كقوة إقليمية مهيمنة من خلال تحييد التهديدات الوجودية المزعومة، وخاصة إيران، وإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي بشكل أساسي لضمان أمن إسرائيل وتفوقها.

الاعتقاد الأساسي لنتنياهو هو أن إسرائيل يجب أن تستولي على كل الأرض، وتؤكد هيمنتها الكاملة على الشرق الأوسط. هدفه الدائم هو “أمن الوطن اليهودي للأجيال القادمة”، وإعطاء الأولوية لـ “أمن المشروع” على أمن الأفراد. وهو مستعد لاتباع “الخيارات الأصعب” والعمل تحت النيران لتحقيق هذه الأهداف، معتقدًا أن إسرائيل قادرة على تغيير الواقع الحالي في المنطقة.

لقد كان التهديد الإيراني على رأس أولويات نتنياهو طوال مسيرته السياسية. ويرى أن الهجمات الجارية على القدرات النووية الإيرانية تمثل تتويجًا لجهوده الرامية إلى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ويعتقد أن إضعاف وكلاء إيران، مثل حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، يزيل “بندقية محملة” موجهة نحو إسرائيل، مما يجعل استهداف المنشآت النووية الإيرانية أكثر أمانًا.

إعادة تشكيل القضية الفلسطينية

نتنياهو يعتبر حركات المقاومة الفلسطينية كيانات إرهابية، ويرفض أي مبررات لأفعالها أو فكرة أن إسرائيل قوة احتلال.

إن نهجه تجاه القضية الفلسطينية هو نهج “من الخارج إلى الداخل”، مما يعني أن الحلول يجب أن تنبع من عوامل خارجية بدلًا من التعامل المباشر مع الفلسطينيين. وهو مستعد لاتخاذ إجراءات ضد الدول المجاورة، مثل مصر والأردن “لإنهاء القضية الفلسطينية”، مؤكدًا أنه لن يتم منح الفلسطينيين أي شيء.

أحد العناصر الأساسية في الإرث السياسي لبنيامين نتنياهو، هو “تفكيك الحواجز” التي تواجهها إسرائيل، والتي ترتبط بشكل أساسي، باعتبار الفلسطينيين عقبة رئيسية في المنطقة.

لتحقيق ذلك، يحاول نتنياهو التحرك لإنهاء القضية الفلسطينية على حساب كل من مصر والأردن.

وهذا يشير إلى حل قوي، قد يتجاوز السبل الدبلوماسية، التقليدية أو تقرير المصير الفلسطيني، مما يؤثر بشكل مباشر على الأردن، وحدود مصر مع غزة، ودورها التاريخي في عملية السلام.

تفترض الرؤية الأميركية لترامب أن الدول العربية بما في ذلك مصر، لديها مساحة واسعة من الأرض، ويمكنها استيعاب الفلسطينيين، مما يعني أن الفلسطينيين لم يُنظر إليهم كقوميّة مميزة، تتطلب دولة خاصة بها. ونتيجة لذلك، ركزت الولايات المتحدة على إدارة العلاقات مع الدول العربية، بدلًا من التعامل مع الفلسطينيين ككيان وطني منفصل.

تعد سياسات رئيس الوزراء نتنياهو جزءًا من إستراتيجية طويلة الأمد لتحقيق الهيمنة الإسرائيلية الكاملة في المنطقة، بهدف القضاء على أي تحديات محتملة، وإعادة تشكيل الشرق الأوسط لصالحها. تتضمن هذه الرؤية تهميش القضية الفلسطينية (مما قد يؤدي إلى نزوح جماعي أو سيطرة دائمة دون حقوق متساوية)، وتعزيز الهيمنة من خلال القوة العسكرية والتحالفات الجديدة.

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى استغلال الصراعات الإقليمية الحالية لإجبار القوى الإقليمية الأخرى على الخضوع لهيمنة إسرائيل.

يتصور أن لإسرائيل دورًا محوريًا في إعادة ترتيب الشرق الأوسط بما يتماشى مع المصالح الإستراتيجية الغربية الأوسع، وخاصةً الأميركية. وهذا يتطلب جعل إسرائيل مكونًا أكثر بروزًا في “الغرب الثالث” (باعتبار أن أوروبا والولايات المتحدة هي الغرب التقليدي)، أو “الغرب الجديد” المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمصالح والإستراتيجيات الغربية، خاصة الأميركية- طويلة المدى.

النهج الإستراتيجي والمخاطرة

تتميز إستراتيجية نتنياهو بمبدأ “الصدمة والفرصة”، حيث يتم استغلال لحظات عدم الاستقرار الإقليمي لتعزيز المصالح الإسرائيلية.

لقد أظهر تاريخيًا تفضيله لإظهار إسرائيل كقوة قوية وعدوانية وغير قابلة للتنازل، متخليًا عن فرص السلام، أو تحسين العلاقات إذا كانت تتطلب التنازل عن أهدافه الإستراتيجية الأساسية.

كما أن نهجه يتبنى “قواعد اللعبة” المتغيرة، مما يسمح بتوجيه ضربات عسكرية وسياسية ضد الدول من الداخل، واستهداف النخب الحاكمة.

وتمتد رؤية نتنياهو إلى تحول جيوسياسي شامل في الشرق الأوسط، بما في ذلك تفكيك وإعادة تنظيم “المحور الشرقي” (إيران وسوريا والعراق). ويهدف إلى إحداث تغييرات كبيرة في دول مثل مصر وإيران.

يسعى أيضًا إلى تحويل الصراع الإقليمي الحالي إلى مواجهة أوسع نطاقًا بين “الشرق والغرب”، مما يتحدى ضمنًا روسيا والصين لمواجهة العواقب إذا لم تتماشيا مع هذه الديناميكية. في نهاية المطاف، يهدف إلى شرق أوسط تكون فيه إسرائيل “مطلقة العنان”، وحرة في التصرف، وقادرة على تأكيد هيمنتها دون قيود كبيرة.

ما الذي تعنيه هذه الرؤية للمنطقة، بغض النظر عن واقعيتها؟

  • تهميش الأدوار القيادية العربية التقليدية

تهدف عملية إعادة الهيكلة الإستراتيجية التي تقوم بها إسرائيل في الشرق الأوسط، بدعم من الولايات المتحدة، إلى إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية من خلال معالجة القضية الفلسطينية على حساب دول مثل مصر والأردن. وتتضمن هذه الخطة تهميش الأدوار القيادية العربية التقليدية لصالح تحالفات جديدة تركز على إسرائيل.

لقد سعت الإستراتيجية الأميركية، وخاصة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلى تجاوز مراكز القوة التقليدية في الشرق الأوسط ودمج المنطقة من خلال النفوذ الغربي، حيث من المتوقع أن تتحالف دول المنطقة معها بما فيها الدول العربية.

كما يُسهم تغيّر تصورات التهديد لدى دول الخليج في هذا التهميش. قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت دول الخليج تنظر في المقام الأول إلى إيران ووكلائها على أنهم التهديد الإقليمي الرئيسي. ومع ذلك، أدت الحرب في غزة إلى تراجع اعتبار إيران تهديدًا للعالم العربي، بينما يُنظر إلى إسرائيل بشكل متزايد كقوة إقليمية مهيمنة.

تفضل دول الخليج الآن الحلول الدبلوماسية مع إيران على المواجهة العسكرية، مدفوعة بقلقها بشأن اقتصاداتها واحتمال اندلاع حروب لا يمكن احتواؤها. إيران التي تواجه صعوبات اقتصادية، تعتمد بشكل متزايد على دول الخليج لتسهيل المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي.

  • التبعية لنظام إقليمي جديد بقيادة إسرائيل

وتتوقع إسرائيل أنه بمجرد التعامل بشكل كافٍ مع إيران، فإن القوى الإقليمية الأخرى، سوف تضطر إلى الخضوع لنظام إقليمي جديد بقيادة إسرائيل. يصبح الشرق الأوسط -وفق هذا النظام الجديد- مندمجًا بشكل عميق مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة من خلال الدور المركزي والموثوق الذي تلعبه إسرائيل.

إن الإرث السياسي لنتنياهو مرتبط بـ “وقف إيران النووية”، وتأمين الوطن اليهودي، وهو يعتقد أنه بعد القضاء على النظام الحاكم في إيران، فإن القوى الإقليمية الأخرى سوف تستسلم. والهدف هو أن تبرز إسرائيل باعتبارها القوة النووية الوحيدة في المنطقة، القادرة على إملاء الشروط والحفاظ على التفوق العسكري النوعي على جيرانها.

من وجهة نظر إسرائيل، فإن هذا الواقع الجديد يعني أن الفلسطينيين لن يحصلوا على “أي شيء” فيما يتعلق بالدولة، رافضة صراحةً الموقف العربي التقليدي تجاه القضية الفلسطينية.

  • وصفة عدم استقرار

من المرجح جدًا أن يتجه الشرق الأوسط نحو مزيد من عدم الاستقرار على المديين المتوسط والطويل، مع وجود العديد من السمات البارزة التي تشير إلى مستقبل غير مؤكد للغاية مع احتمال كبير لتصعيدٍ على نطاق أوسع.

تتميز المنطقة بصراعات متصاعدة، وخطر انتشار الأسلحة النووية، وإعادة تقييم التحالفات الإقليمية، وهشاشة عميقة داخل كل من إيران وإسرائيل تغذي الصراع المستمر.

ومن المتوقع أن يكون للحرب على إيران تأثيرات كبيرة على الاستقرار الداخلي للأنظمة العربية، وذلك في المقام الأول من خلال تشكيل الرأي العام، وتأجيج الاحتجاجات، وتفاقم الأزمات الاقتصادية

إن الصراع العسكري الممتد بين إسرائيل وإيران يتسبب في أزمة اقتصادية واسعة النطاق، وخاصة من خلال تأثيره على طرق التجارة وأسعار النفط. هذا الضغط الاقتصادي- إلى جانب استياء الرأي العام إزاء الافتقار إلى إستراتيجية واضحة للتعامل مع غزة والتكلفة البشرية المستمرة- من شأنه أن يؤدي إلى تعميق الأزمات داخل الأنظمة العربية.

في جوهرها، بينما قد تُصوَّر الحرب على إيران على أنها تستهدف قدرات إيران النووية وقيادتها العسكرية، فإن هدفها الإستراتيجي الأوسع هو إعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمي بما يعزز الهيمنة الإسرائيلية.

تُغذّي هذه العملية في الوقت نفسه السخط العام والاحتجاجات داخل الدول العربية، حتى في الوقت الذي تُمارَس فيه ضغوط إستراتيجية على حكوماتها لتبني تحالف جديد قد يُهمّش أدوارها وأولوياتها التقليدية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

عن شريف الشرايبي

Check Also

مصابون في سقوط صاروخ إيراني على بئر السبع | أخبار

20/6/2025–|آخر تحديث: 07:38 (توقيت مكة) نقلت القناة الـ12عن الإسعاف الإسرائيلي اليوم الجمعة، أن 5 إسرائيليين …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *