مع اقتراب كل فصل صيف، تعود موجات الحرارة الشديدة لتلقي بظلالها الثقيلة على عدد من المناطق المغربية، في ظل تغيرات مناخية باتت واقعاً يومياً لا يمكن تجاهله.
وفي هذا السياق، وجّه النائب البرلماني حسن أومريبط، عضو فريق التقدم والاشتراكية، سؤالاً كتابياً إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، طالب فيه باتخاذ تدابير استعجالية للحد من الآثار السلبية لهذه الظاهرة، خاصة في المناطق الفقيرة والنائية التي تعاني هشاشة تنموية واجتماعية ومناخية مركبة.
وأكد أومريبط، في سؤاله الموجه لليلى بنعلي، أن عدداً من المجالات الترابية ببلادنا تعرف خلال كل صيف درجات حرارة مرتفعة جداً، تتراوح بين 40 و50 درجة مئوية، وهو ما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، تمس بالدرجة الأولى الأطفال، الشيوخ، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، في ظل ضعف أو غياب وسائل الحماية والتكييف.
وأبرز البرلماني أن عدداً من الأسر في المناطق الحضرية، وإن بدرجات متفاوتة، استطاعت التكيف مع هذا الواقع عبر اقتناء أجهزة تكييف الهواء، والتي لم تعد من كماليات الحياة بل أصبحت ضرورة يومية.
واستند في ذلك إلى دراسات علمية تشير إلى أن خطر الوفاة المرتبط بالحرارة ينخفض بنسبة تصل إلى 75% في المنازل التي تحتوي على مكيفات.
لكن في المقابل، تعيش العديد من الجماعات القروية والمناطق ذات المناخ القاحل والخصاص التنموي والاجتماعي، حالة من الحرمان من هذه الوسائل الوقائية، ما يؤدي إلى بروز “جيل جديد من التفاوتات”، سماه البرلماني بـ”جيل التفاوتات بسبب التغيرات المناخية”، حيث لا يتعلق الأمر فقط بالتفاوت في الدخل أو التعليم، بل أيضاً في القدرة على الصمود أمام التحولات المناخية القاسية.
وسجل أومريبط في سؤاله أن أي مجهود لتعميم مكيفات الهواء يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الكلفة المالية، النجاعة الطاقية، والاستدامة الإيكولوجية، من خلال تشجيع استعمال المكيفات المشتغلة بالطاقة المتجددة، وتحفيز المقاولات الوطنية الناشئة التي تشتغل في هذا المجال على تطوير حلول أقل استهلاكاً للطاقة وأكثر نجاعة.
وفي ضوء ذلك، دعا البرلماني الحكومة إلى اعتماد مجموعة من الإجراءات العملية، جاء أبرزها: لخفض الموسمي والمجالي لفواتير الكهرباء المستعملة في تكييف الهواء، بالنسبة للأسر المقيمة في جماعات فقيرة ونائية ومعروفة بارتفاع الحرارة الشديد خلال الصيف؛
كما دعا تموين السوق الوطنية بمكيفات هواء تتسم بالاقتصادية في الأسعار، والفعالية الطاقية، والاعتماد على مصادر طاقة صديقة للبيئة؛ وتزويد جميع المرافق العمومية الأساسية، من مدارس ومستشفيات وإدارات، بأنظمة تبريد حديثة، تراعي النجاعة الطاقية وتحمي صحة المواطنات والمواطنين؛
وشدد في سؤاله على ضرورة الاستثمار في بدائل بيئية لتكييف الهواء، عبر تعزيز تقنيات التخطيط الحضري التي ترفع من نسبة المساحات الخضراء، وتوفير المسطحات المائية، والأرصفة والأسطح العاكسة لأشعة الشمس، وتحسين آليات العزل الحراري للمباني.
وختم البرلماني سؤاله الكتابي بالتأكيد على أن التغيرات المناخية لا تمس الجميع بنفس الحدة، إذ تفرض على الفئات الأكثر هشاشة ثمناً أكبر من غيرها، ما يتطلب من السياسات العمومية أن تواكب هذا الواقع الجديد، من خلال مقاربة شاملة تدمج البعد البيئي في صميم العدالة الاجتماعية والمجالية.