في خطوة لافتة تعكس إرادة سياسية جديدة على مستوى العلاقات مع المغرب، أقدمت السلطات السورية على إغلاق مكتب جبهة “البوليساريو” الانفصالية بالعاصمة دمشق، في خطوة وُصفت بأنها “تصحيح لوضع شاذ”، وتعكس التزام دمشق بوحدة وسيادة المملكة المغربية.
وأكد مصطفى الخلفي، الخبير في قضية الصحراء المغربية والوزير الأسبق، أن هذه الخطوة تمثل موقفاً نبيلاً من القيادة السورية، يعيد العلاقات الثنائية إلى نصابها الصحيح، ويجسد رفضاً واضحاً لأي دعم للمشاريع الانفصالية التي تستهدف وحدة الدول العربية.
ووجَّه الخلفي “شكراً عميقاً لسوريا”، مشيرًا إلى أن “هذا القرار يُنهي صفحة مؤلمة خلَّفها موقفٌ سابق لا يُعبِّر عن الشعب السوري، بل عن خيارات نظامٍ رحل وترك نقطةً سوداء في تاريخه السياسي”.
وذكر الخلفي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة “التاسعة”، أن وجود “البوليساريو” في سوريا كان نتيجة انخراط النظام السوري السابق في مشروعٍ انفصالي يتعارض مع مبادئ الوحدة العربية. وقال إن المغرب لطالما ميَّز بين مواقف النظام السابق والشعب السوري، وظل ثابتًا في دعمه لوحدة سوريا ورفضه لأي مساسٍ بأراضيها.
وأشار الخبير في قضية الصحراء المغربية إلى أن مشروع “البوليساريو” لم يكن وليدَ قضيةٍ محلية، بل نتاج تحالفات إقليمية خلال الحرب الباردة، استُخدم فيها الشباب الصحراوي كأدواتٍ لخدمة أجندات خارجية، لا سيما من قبل الجزائر وليبيا، في محاولة لتقسيم المغرب وإضعافه.
ووصف الخلفي قرار إغلاق المكتب بأنه “إغلاقٌ لصفحة الماضي وفتحٌ لأفق جديد”، وأشار إلى أن عناصر من “البوليساريو” كانت قد تورطت في الحرب السورية إلى جانب النظام السابق، وهو ما يشكل تناقضًا صارخًا مع شعارات الجبهة نفسها حول “تقرير المصير”، معتبرًا أن من “يدَّعي الدفاع عن حرية الشعوب لا يمكنه أن يقف ضد إرادة الشعب السوري في التحرر”.
ونوَّه المتحدث إلى أن المغرب كان من أوائل الدول التي عبَّرت عن انفتاحها على القيادة السورية الجديدة، مشيرًا إلى أن الرباط أعلنت، من قمة بغداد، نيتها إعادة فتح سفارتها بدمشق، وهو ما تُرجم بإرسال بعثة تقنية لبحث خطوات إعادة التمثيل الدبلوماسي.
وأكد أن الموقف المغربي من الأزمة السورية لم يكن متقلِّبًا، بل تأسس منذ البداية على دعم الشعب السوري، واحترام وحدة أراضي سوريا، ورفض التدخل الأجنبي. كما ذكَّر بموقف المغرب الحاسم عام 2011، حين طرد السفير السوري واحتضن اجتماعات لإيجاد حل سياسي للأزمة.
وسجَّل الخلفي أن وحدة الدول العربية مبدأ لا يقبل التفاوض، وهو ما يجسده هذا الموقف السوري الذي يتناغم مع ما سبق أن عبَّر عنه حزب البعث في العراق في السبعينيات، عندما رفض دعم أي مشروع تقسيمي.
وأضاف بهذا الصدد، خلال المقابلة التلفزيونية: “اليوم، نحن أمام لحظة تاريخية تثبت أن الأمة العربية قادرة على تصحيح مساراتها، وأن المغرب سيظل دائمًا سندًا لأي توجه وحدوي يخدم استقرار وسيادة الشعوب”.