ا.د حنان جنيد: الإعلام الصحي يشكل سلوكيات المواطنين بشكل مؤثر
ا.د إيناس أبو يوسف: الإعلام الصحي مسؤولية مشتركة بين الأطباء والإعلاميين
باحث إندونيسي مشارك: انتشار العادات الصحية الخاطئة بين الشباب مدفوع بالتأثير الاجتماعي لا الرقمي فقط
متابعة ـ التعليم اليوم :
قالت الدكتورة حنان جنيد، الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الإعلام الصحي في العصر الرقمي لم يعد مجرد أداة لنقل المعلومة، بل أصبح قوة فاعلة ومؤثرة في تشكيل وعي الجمهور وتوجيه سلوكياته الصحية، خصوصًا مع تصاعد استخدام وسائل الإعلام الجديد.
جاء ذلك في إطار الحلقة النقاشية العاشرة التي انعقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر كلية الإعلام جامعة القاهرة العلمي الدولي الثلاثين، تحت عنوان “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة”، والذي يناقش عدداً من القضايا المرتبطة بالصحة والطب ودور وسائل الإعلام في التوعية في هذا المجال.
وأوضحت الدكتورة جنيد، رئيسة الحلقة النقاشية، أن المناقشات ركزت على التقاطعات بين الإعلام الرقمي والصحة العامة، خاصة في ظل تصاعد مشكلات التضليل المعلوماتي الصحي، وانتشار الحملات الدعائية المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، وضرورة إعادة النظر في الأطر الأخلاقية والمهنية التي تضبط هذا النوع من التغطيات الإعلامية.
وتضمنت الحلقة النقاشية الحديث عن عدد من الموضوعات والقضايا المحورية، ومنها: التضليل والمعلومات المغلوطة الصحية على الإنترنت، الأطر الأخلاقية لتغطية القضايا الصحية، التواصل الصحي في عصر الهواتف الذكية من منظور أنثروبولوجي، وتأثير المؤثرين على وسائل التواصل في الترويج للسجائر الإلكترونية بين الشباب، إضافة إلى استراتيجيات التوعية الصحية عبر المنصات الرقمية الحديثة.
من جانبها، أكدت الدكتورة إيناس أبو يوسف، عميدة كلية الإعلام بالجامعة الكندية، عميد كلية الإعلام جامعة الأهرام الكندية والاستاذ المشارك بالحلقة النقاشية، أن المعلومات الصحية المغلوطة والمضللة على مواقع التواصل الاجتماعي تسبب أضراراً نفسية وجسدية واقتصادية بالغة، خاصة بين فئة الشباب، مشيرة إلى أن الفرق بين “المعلومة المغلوطة” و”المعلومة المضللة” يكمن في النية وراء نشرها؛ فالأولى غير صحيحة لكن يتم تداولها بحسن نية، بينما الثانية يتم نشرها عن قصد رغم المعرفة بزيفها.
وأضافت ا.د. إيناس أبو يوسف أن جائحة كورونا مثلت نقطة تحوّل حاسمة في إدراك مخاطر التضليل الصحي، حيث امتلأت المنصات الرقمية بمعلومات خاطئة عن الفيروس واللقاحات، ما أدى إلى خلق حالة من الخوف والارتباك المجتمعي، مشيرة إلى تصاعد ظاهرة “المؤثرين الصحيين” الذين يروجون للأدوية والمكملات الغذائية دون سند علمي، ما يمثل خطورة بالغة على الصحة العامة.
من جانبها، تناولت الدكتورة الأميرة سماح فرج، عميدة كلية الإعلام بجامعة سيناء، موضوع التواصل الصحي عبر الهواتف الذكية من منظور أنثروبولوجي، وطرحت تساؤلًا محوريًا في عرضها: “هل تخاطب الرسائل الصحية الرقمية الناس، أم تتحدث إليهم من خارج ثقافتهم؟”.
وأوضحت استاذ الحلقة النقاشية أن كثيرًا من حملات التوعية الصحية عبر التطبيقات ومنصات التواصل تتجاهل الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمع المصري، ما يجعلها غير مفهومة أو غير مقبولة من الجمهور.
واستعرضت ا.د الأميرة سماح نماذج من حملات سابقة نجحت في دمج هذا البُعد مثل حملة مكافحة البلهارسيا، وحملة “100 مليون صحة”، مشيرة إلى أن بعض هذه الحملات دمجت الرسائل الصحية ضمن السياق الشعبي والثقافي مما عزز من فعاليتها.
ومن جهتها، شددت الدكتورة نرمين الأزرق، وكيلة معهد الإعلام بالـCIC، على ضرورة وجود مدونة أخلاقيات لتغطية القضايا الصحية في الإعلام الرقمي، موضحة أن الصحفي الصحي لا بد أن يتحلى بالمسؤولية الاجتماعية في نقل المعلومات، وأن يكون واعيًا بتأثير ما ينشره على الجمهور وصناع القرار على حد سواء.
وأضافت ا.د نرمين الأزرق إلى أن الإعلام الصحي مسؤول بشكل مباشر عن تشكيل توجهات الجمهور، خصوصًا في ما يتعلق بالصحة النفسية، الأمراض المزمنة، والوقاية من العدوى، مؤكدة على أهمية تبني نهج تشاركي بين الإعلاميين والأطباء والخبراء الصحيين لصياغة معايير مهنية واضحة تحكم تغطية الأخبار الصحية وتجنب الإثارة أو التهويل.
وخلال فعاليات الحلقة النقاشية، عرض الباحث الإندونيسي هاريس ويجايا، المحاضر في جامعة سومطرة الشمالية، نتائج دراسة ميدانية أجراها على 1738 مراهقًا في مدينتي ميدان وبادانج، كشفت عن أن 14.8% من المشاركين يستخدمون السجائر الإلكترونية، وأن 61.3% منهم تأثروا بأصدقائهم ومحيطهم الاجتماعي في اتخاذ قرار الاستخدام، مقابل نسبة أقل تأثرت بالمحتوى الرقمي.
وأكد د. هاريس على أن تأثير التفاعل الاجتماعي داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع له دور أقوى من الإعلام الرقمي في هذا النوع من السلوكيات، مشددًا على أهمية دمج الأسرة والمدرسة في حملات التوعية، ودور المجتمعات المحلية في تقديم بدائل صحية أكثر جاذبية للشباب.
وفي دراسة أخرى عرضتها الباحثتان نورباني وسابيلا تري أناندا، من جامعة سومطرة، تم تحليل استخدام جيل Z (مواليد ما بعد 1995) لمنصة إنستغرام كوسيلة لتقديم “الصورة الصحية الذاتية”، وكيف أصبحت المظاهر المتعلقة بالنمط الصحي جزءًا من الهوية الرقمية لدى الشباب، في إطار بحث نوعي ركز على مدينة ميدان.
و فى ختام فعاليات الحلقة النقاشية، عرضت الدكتورة مها البهنسي مقرر الجلسة جانبا مما خلصت إليه مداخلات المشاركين خلال الحلقة النقاشية، وسلطت الضوء على ما دار في الجلسات حول دور هذه التقنيات في تحسين مشاركة المرضى والتعليم الصحي، بالإضافة إلى معالجة قضايا الخصوصية والوصول والعدالة، مشيرة إلى أن الابتكار الرقمي لم يعد مجرد تكملة للنظام الصحي، بل أصبح حجر الزاوية لمستقبله، من تحسين الوصول والتواصل إلى تمكين المرضى ومقدمي الرعاية على حد سواء.
الجدير بالذكر أن المؤتمر الدولي الـ30 لكلية الإعلام جامعة القاهرة يُقام يومي 7 و8 مايو 2025، بمقر الكلية، بعنوان “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة”، وذلك برعاية الدكتور محمد سامي عبدالصادق، رئيس الجامعة، وبإشراف الدكتورة ثريا البدوي، عميدة الكلية ورئيسة المؤتمر، والدكتورة وسام نصر، وكيلة الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث وأمينة عام المؤتمر، وبمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والممارسين في المجال الاعلامى.

