فاطمة التامني تنتقد تقاعس الحكومة بعد إغلاق “بويا عمر”: أين البدائل؟

وجهت النائبة البرلمانية، فاطمة التامني, انتقادات حادة للحكومة بسبب ما وصفته بـ”التقاعس والغياب التام للتصور المؤسساتي” بعد إغلاق مؤسسة “بويا عمر”، التي كانت تأوي وتعالج عدداً من المرضى العقليين في المغرب، معتبرة أن ما حصل “لا يليق بسياسات دولة من المفروض أن تراكم وتطور، لا أن تتراجع وتتخلى”.

وقالت التامني في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن “مؤسسة بويا عمر، رغم الانتقادات التي كانت توجه إليها، كانت على الأقل توفر نوعاً من الرعاية والعلاج والمواكبة”، مشيرة إلى أنه “منذ لحظة الإغلاق، كان المنتظر من الحكومة أن تُواكب هذا القرار بسياسات بديلة ومتكاملة، لكن الواقع أظهر العكس تماماً”.

وجاء تصريح التامني في سياق تزايد حالات التجول العشوائي للمرضى العقليين في شوارع المدن المغربية، حيث أصبح حضورهم لافتًا في الفضاءات العامة دون أي مواكبة طبية أو حماية اجتماعية. وتكررت في الآونة الأخيرة حوادث مقلقة تورّط فيها بعض المرضى، ما أدى إلى تهديد سلامة المواطنين، وخلق حالة من الهلع وسط السكان، في ظل غياب حلول فعالة ومستدامة.

هذا الوضع دفع بعدد من الفاعلين والمنتخبين إلى دق ناقوس الخطر بشأن ما وصفوه بـ”الإفلات الكامل من الرعاية”، مع غياب مراكز إيواء بديلة أو منظومة علاج نفسي فعالة. وقد تحولت العديد من الأحياء في المدن الكبرى إلى فضاءات مفتوحة للتيه والضياع، بعدما بات المرضى العقليون يعيشون في أوضاع كارثية، تفتقر لأدنى شروط العناية الصحية والكرامة الإنسانية.

وأضافت أن “السياسات المتعاقبة في هذا المجال لم تحافظ حتى على ما تحقق من مكتسبات. لم نشهد أي نهوض فعلي بالطب النفسي، ولم نلاحظ توفير الأطر البشرية المؤهلة، من أطباء ومواكبين، كما لم نلمس وجود رؤية واضحة أو مخطط مدروس على مستوى المؤسسات التعليمية أو وزارة الصحة”.

وأكدت التامني أن “التعليم، بدوره، لم يعرف أي مقاربة استباقية ترصد الظواهر النفسية أو السلوكية في صفوف التلاميذ، خصوصاً في ظل انتشار ظواهر الهدر المدرسي والعنف، ما يعني أن هناك فراغاً خطيراً في السياسات العمومية التي من المفترض أن تتكامل”.

وفي نفس السياق شددت النائبة، في تصريحها للجريدة، على أن “وزارة الصحة، عوض أن تتجه نحو وضع تصور شامل للرعاية النفسية، اختارت الحلول الترقيعية فقط، عبر غلق بويا عمر دون توفير بديل، ونقل المرضى من مدينة إلى أخرى، بل ورميهم في مدن دون أي رعاية، مما جعل عدداً منهم عرضة للضياع”.

وأضافت بلهجة حازمة: “المريض العقلي لا يُفقد فقط أهليته، بل يمكن أن يتحول إلى خطر على نفسه وعلى الآخرين. فمن الواجب على الدولة أن تحميه كمواطن، وتحمي المجتمع منه إذا تطلب الأمر، لكن حماية المواطن تبدأ من توفير البنية التحتية والموارد البشرية الضرورية”.

واعتبرت أن ما يجري اليوم “يُسائل كل القطاعات الحكومية المعنية، خاصة بعد أن أصبحنا نُسجل ضحايا أبرياء نتيجة هذا الإهمال”، مضيفة أن “من غير المقبول أن تستمر الحكومة في تجاهل ملف بهذه الخطورة، في وقت يعيش فيه المرضى العقليون وأسرهم أوضاعاً مأساوية”.

وختمت التامني تصريحها بالتأكيد على ضرورة “محاسبة الحكومة ومساءلتها عن فشلها في القيام بأدوارها في هذا الملف الحساس، وعدم ترك المواطنين يدفعون ثمن هذا التجاهل والإهمال”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

هل تُشعل تصريحات “الميكروبات” أزمة داخلية داخل “العدالة والتنمية؟

أثارت تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، خلال احتفالات عيد الشغل الخميس، …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *