تحول عيد الشغل من طقس نضالي احتجاجي إلى طقس باهت يأتي بسبب ضعف الحركة النقابية وتشتتها – برلمان.كوم

الخط :

مع حلول اليوم الأممي للطبقة العاملة، والذي يصادف فاتح ماي من كل سنة، يرى العديد من المتابعين للشأن السياسي في المغرب، أن المركزيات النقابية في السنوات الأخيرة فقدت قوتها وأصبحت ضعيفة أمام القرارات الحكومية.

وخلال السنوات الأخيرة، فقد الاحتفال بعيد الشغل بالشوارع المغربية بريقه وشعاراته القوية والحضور الكثيف في المسيرات، حيث تحول الاحتفال بالعيد الأممي من منصة نضال إلى طقس مناسباتي.

وفي هذا السياق، قال غالي مراد، الأستاذ الباحث في السياسات العمومية والفعل العمومي، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، إن تحول عيد الشغل بالمغرب من النضال إلى طقس باهت، هي ظاهرة يمكن اعتبارها معقدة تمس ببنية التحولات الكبرى، التي يعيشها المجتمع بشكل عام سواء داخل المغرب أو خارجه، لأن هناك تحولات كبرى تعكس التغيرات العميقة في بنية الفعل الاحتجاجي في حد ذاته، وفي دينامية العلاقة ما بين الدولة والنقابة والمجتمع والفرد الذي أصبح ينزع أكثر للحس الفرداني.

وأوضح ذات المتحدث، أن التحول في عيد الشغل من طقس نضالي احتجاجي إلى طقس باهت مرحلي مرتبط بفاتح ماي، يأتي بسبب ضعف الحركة النقابية وتشتتها، لأن هناك تعددية مفرطة بوجود مجموعة من النقابات مما أدى إلى انقسام داخل الجسم النقابي مما تسبب في إضعاف القدرة التفاوضية والتعبوية.

وأضاف، أن هناك أزمة القيادة والتجديد في بعض النقابات، حيث أن هناك إشكالية حقيقية في بعض النقابات خصوصا في شيخوخة هياكلها وضعف تجديد نخبها، وهو ما ينعكس على قدرة هذه النقابات على استقطاب الأجيال الجديدة من العمال والموظفين.

وتابع المتحدث ذاته، أن هناك تراجع الانخراطات في النقابات، من خلال وجود أفعال احتجاجية خارج إطار النقابات، على غرار احتجاجات التنسيقيات التي أطرت نفسها في إطار أشكال جديدة، وكذلك يمكن العودة إلى الشكل الاحتجاجي من خلال المقاطعة التي عرفناها خلال فترة كورونا، كشكل احتجاجي بعيد كل بعد على الفعل النقابي، وهذا نتيجة تغييرات في بنية سوق الشغل، لأننا أمام قطاع غير مهيكل، والعمل المؤقت واقتصاد المنصة.

وأشار المتحدث، إلى “أننا أصبحنا نرى عمالا يشتغلون أكثر داخل المنصات وداخل العالم الافتراضي، وهذا الأساس يمس تحولات بنية المجتمع، من مجتمع صلب يعني قائم على السلوك الجامعي إلى سلوك قائم على النزعة الفرضية، وهذا ما جعل تنظيم العمل النقابي وتعبئة المنخرطين في هذا الفعل الاحتجاجي أكثر صعوبة.

 وأكد، أن الحوار رغم أهميته المبدئية وأنه يدخل الفعل الاحتجاجي في صيغة من التنظيم إلا أنه في بعض الأحيان يتحول إلى آلية لتدبير العلاقة مع النقابات، من خلال امتصاص الغضب وتأجيل المطالب الجوهرية، بحيث أصبحنا أمام حوارات متعددة واتفاقات لا ترقى لمستوى مطالب الشغيلة، من خلال تقديم تنازلات جزئية، ومحدودية تحقيق المطالب، لا ترقى إلى مستوى التحديات الحقيقية، على غرار تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وغلاء المعيشة وهشاشة الشغل، وإصلاح نظام التقاعد، وقانون الإضراب.

وأردف، أن الآليات المعتمدة في تنظيم الإضرابات، ستدفع نحو تقييد الحركات الاحتجاجية، وكذلك تقييد فعل الإضراب كفعل احتجاجي، والحكومة من خلال طبيعة الاتفاقيات تعطي شرعية لمخرجاتها التي تجسد لنا القدرة على تحقيق المطالب، بعدما كان الشارع يشكل أداة وآلية.

 واعتبر المتحدث ذاته، أن هناك تغييرا في أولويات واهتمامات الأجراء، لأن أولويتهم وطبيعة اهتمامتهم تغيرت خصوصا مع صعود النزعة الفردانية، وتراجع الأيديولوجية الكبرى، وهذه نقطة مهمة، لأن الأيديولوجية الكبرى، كانت هي المحرك الأساسي للفعل الاحتجاجي، حين كان هناك تأطير إيديولوجي من قبل الأحزاب السياسية والنقابات.

واختتم المتحدث تصريحه بالقول، “إن تحول عيد الشغل في المغرب من منصة النضال إلى طقس باهت هو نتيجة التفاعل المركب بين ضعف ذاتي للحركة النقابية، واستراتيجيات واحتواء ناجحة من طرف الحكومة، عبر آليات الحوار الاجتماعي، التي تقدم القليل وتسكت الكثير”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب

أكد رئيس برلمان أمريكا الوسطى (البرلاسين)، كارلوس ريني هيرنانديز، أن الزيارة التي قام بها مؤخرا …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *