المغرب وفضيلة الجوار.. الملك محمد السادس يجسّد على أرض الواقع سياسة الانفتاح والتضامن في عالم مضطرب

الخط :

بات مبدأ حسن الجوار والعمل المشترك ضرورة وجودية للدول، لا مجرد خيار دبلوماسي في عالم تتشابك فيه الأزمات وتتقاطع فيه التحديات. والمغرب، بقيادة الملك محمد السادس، يُجسّد منذ اعتلائه العرش هذا المبدأ بمسؤولية وواقعية، مُؤمناً بأن الجغرافيا تصنع المصير المشترك، وأن التكتل الإقليمي هو السبيل لمواجهة الأزمات المتسارعة، سواء كانت بيئية أو أمنية أو اقتصادية…

وفي مشهد يعكس هذا التوجه، وجّه رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، شكره للمغرب، بعد أن ساهم في إعادة التيار الكهربائي لجنوب إسبانيا، عقب الانقطاع الكبير الذي ضرب البلاد، حيث قال في كلمة تلفزية إن التدخل المغربي، إلى جانب فرنسا، مكّن من تزويد المناطق المتضررة بالكهرباء، وهو ما يُبرز أهمية الربط الطاقي بين البلدين ودوره في تجاوز الأزمات العابرة للحدود.

ويُجسد هذا الموقف العملي روح التضامن التي تطبع علاقات المغرب الخارجية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة أو التوترات السياسية. فالمغرب، رغم استهدافه في الحملات الإعلامية الإسبانية من طرف بعض المنابر الداعمة للانفصال في المغرب، ورغم تقلبات السياسة الأوروبية، لم يتخلَّ عن التزامه ببناء علاقات جوار قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون العملي.

وفي السياق ذاته، استقبل الملك محمد السادس، بداية هذا الأسبوع، وزراء خارجية اتحاد دول الساحل، الذين أشادوا بموقف المملكة الداعم لاستقرار بلدانهم واحترامها لسيادتها، ورفضها التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما يعكس السياسة الإفريقية المتزنة للمغرب، التي تقوم على الشراكة لا الوصاية، وعلى التنمية لا الاستغلال.

ولم يُميز المغرب في تعامله مع جيرانه بين من يحترم مبدأ حسن الجوار ومن يخونه، إذ ظل الملك محمد السادس يُجسّد سياسة اليد الممدودة حتى في تعامله مع الجارة الشرقية الجزائر، رغم ما تبديه من عداء مزمن وتحركات مفضوحة للمس بوحدة المغرب الترابية. ومنذ خطاب العرش الشهير سنة 2021، حين دعا الملك محمد السادس لفتح صفحة جديدة بين البلدين، لم تُقابَل دعوات الرباط بالحكمة والنداء للوحدة المغاربية، إلا بالتصعيد والتحامل الإعلامي والدبلوماسي من قصر المرادية.

وها هي الجزائر اليوم تجني ثمار هذا العناد، وتجد نفسها في عزلة قاتلة، بعدما اختارت التصعيد بدل الحوار، والعداء بدل التعاون. علاقاتها متوترة مع فرنسا ومع إسبانيا، ومرفوضة من قِبل دول الساحل التي ضاقت ذرعًا بتدخلاتها ومحاولة تحكمها في قراراتها السيادية، لقد تحولت إلى دولة منبوذة في محيطها الإقليمي، في الوقت الذي يُراكم فيه المغرب، بهدوء واتزان، مكاسب دبلوماسية ويُرسخ صورته كشريك موثوق وفاعل إيجابي في استقرار المنطقة.

في المحصلة، المغرب لا يبيع الشعارات، بل يُمارس المسؤولية. وفي محيط إقليمي مضطرب، يظل صوت الرباط مختلفًا، يد ممدودة، وعمل دؤوب، ومواقف ثابتة لا تُدار وفق رياح المصالح الظرفية، بل وفق رؤية استراتيجية تجعل من الاستقرار والتنمية حجر الزاوية في بناء علاقات الجوار.

عن أسيل الشهواني

Check Also

“جيتكس إفريقيا 2025” من خلال تعقيبات بمجلس النواب.. رصد للمكاسب وتقدير للنجاح المحقّق

الخط : A- A+ شكلت حصيلة دورة 2025 لمعرض “جيتكس إفريقيا”، التي قدمتها أمل الفلاح …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *