
الخط :
في سياق التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يعرفها العالم، قدمت ورقة تحليلية صادرة عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تحت عنوان: “الصحراء المغربية: الدعم الأمريكي المتجدد وتداعياته الإقليمية”، قراءة استراتيجية معمقة في مغزى وتجليات الاعتراف الأمريكي المتجدد بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ضمن رؤية تتجاوز اللحظة الدبلوماسية الظرفية، إلى مشروع إقليمي أكبر وأشمل يرتكز على التكامل الأطلسي.
الورقة تنطلق من فكرة مركزية مفادها أن الدعم الأمريكي لخطة الحكم الذاتي لا يجب النظر إليه فقط من زاوية توازنات القوى الدولية أو تداعيات النزاع الإقليمي، بل باعتباره جزءا لا يتجزأ من رؤية استراتيجية بعيدة المدى، يتبناها المغرب لتعزيز مكانته كقطب استراتيجي في منطقة الأطلسي وأفريقيا جنوب الصحراء، وفي قلب هذه الرؤية، تحتل الصحراء المغربية موقعا محوريا كممر جيواقتصادي وجيوسياسي حاسم في ربط شمال أفريقيا بغربها، وفي تمكين المملكة من لعب أدوار مستقبلية متقدمة في سلاسل القيمة العالمية.
وتتوقف الورقة البحثية عند المبادرة الملكية الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس في الفترة 2022-2023، والتي تشكل رافعة أساسية ضمن هذه الرؤية المغربية، فهذه المبادرة، التي تنبع “من إفريقيا ولأجل أفريقيا”، تقترح نموذجا جديدا للتعاون الإقليمي، قائما على التكامل، والتنمية المستدامة، وتسعى إلى بناء جسور تواصل بين بلدان حوض الأطلسي.
وفي هذا السياق، تُقدّم الصحراء المغربية باعتبارها حجر الزاوية في هذا المشروع الطموح، حيث ستتحول إلى منصة لوجستية واقتصادية متقدمة، تستقطب الاستثمارات وتربط بين الأسواق الإفريقية والأوروبية والأمريكية، بفضل بنيات تحتية كبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيضطلع بدور محوري في إعادة تشكيل طرق التجارة العالمية.
ومن بين المشاريع ذات البُعد الجيوطاقي التي تُسلط الورقة الضوء عليها، مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، الذي يمر عبر 13 دولة أفريقية وصولا إلى الأراضي المغربية، من بينها الأقاليم الجنوبية، وهذا المشروع يُمثّل نموذجا ملموسا لكيفية تحويل الموارد الطاقية إلى محرك للتكامل، إذ لا يهدف فقط إلى ضمان أمن الطاقة في دول غرب أفريقيا، بل أيضا إلى خلق ممر طاقي بديل نحو أوروبا، في ظرفية دولية حساسة.