قال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إن تحسّن العلاقات بين المغرب والجزائر شرط أساسي لحل نزاع الصحراء المفتعل، مؤكدًا أن الدعم الأمريكي للحكم الذاتي واعتباره الحل الوحيد والواقعي “حدث هام”، مطالبًا في هذا السياق بتفاصيل أوفى عن المبادرة المغربية وخطة تنزيلها.
واعتبر المسؤول الأممي، في إحاطته التي اطّلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية عام 2025، هذا العام، الذي يوافق مرور خمسين عامًا على نزاع الصحراء المفتعل، ستكون فيه الأشهر الثلاثة القادمة حاسمة وفرصة للتحقق من مدى إمكانية دفع الزخم من خلال انخراط نشط ومتجدّد من بعض أعضاء هذا المجلس، بما في ذلك الأعضاء الدائمين، ممّا يمكن أن يُسهم في تقليص التوترات الإقليمية.
ودعا دي ميستورا في إحاطته، التي ستكون مرجعية أساسية ضمن التقرير السنوي الذي يرفعه الأمين العام للأمم المتحدة قبل شهر أكتوبر المقبل، تنفيذًا لمقتضيات القرار رقم 2756، هذه الدول إلى دفع خارطة طريق جديدة نحو حل النزاع في الصحراء، معتبرًا أنه “في هذه الحالة، سنتمكن من تقديم دعم فعّال، وقد تصبح جلسة أكتوبر 2025 مناسبة هامة لهذا المجلس”.
وذكر في إحاطته حدثين “هامين” عرفهما ملف الصحراء، أولهما تجديد الخارجية الأمريكية تأكيدها موقف الرئيس ترامب لعام 2020، الداعم لسيادة المغرب وإصراره على “حل مقبول من الطرفين” لفض النزاع المفتعل واعتباره الحكم الذاتي حلًا واقعيًا وحيدًا، وهو ما قال روبيو إن الولايات المتحدة ستعمل على تسهيله بشكل فعّال.
وأشار في إحاطته إلى تطوّر ثانٍ منفصل، وكجزء من جهد ثنائي لم يتم فيه الإشارة المباشرة إلى ملف الصحراء، استُقبل وزير الخارجية الفرنسي باروت من قبل أعلى السلطات الجزائرية في 6 أبريل. وقد تم الإعلان عن هذه الزيارة إثر محادثة هاتفية بين الرئيس تبون والرئيس ماكرون.
وشدد دي ميستورا في جلسة مباحثات مغلقة أمس الإثنين بمجلس الأمن، على أن هذين التطورين يُعتبران ذا أهمية، وأن الانخراط الدبلوماسي في المنطقة من قبل اثنين من الأعضاء الدائمين في هذا المجلس هو مؤشر على تجديد الاهتمام بالفرص المتاحة، وأيضًا المخاطر التي قد تترتب عليها.
وقال إنه “لم نشهد تحسّنًا في العلاقات الجزائرية المغربية، بل على العكس. إن تحسين هذه العلاقات سيكون شرطًا مسبقًا لتجنّب مخاطر نشوب نزاع إقليمي، في ظل التوترات المستمرة، ونقص التواصل الدبلوماسي، وإغلاق الحدود، وزيادة كبيرة في اقتناء المعدات العسكرية المتقدّمة والنفقات المرتبطة بها في الآونة الأخيرة”.
ولفت الوسيط الأممي إلى أنه من الواضح للجميع أن مثل هذه التوترات المتزايدة، والتي جاءت نتيجة قرارات أحادية من الجزائر، “في السياق الإقليمي لها صلة كبيرة بالبيئة التي يسعى من خلالها الأمم المتحدة وهذا المجلس إلى تسهيل التوصل إلى حل سياسي لقضية الصحراء”.
وأوضح أنه خلال اجتماعاته في واشنطن العاصمة الخميس الماضي، تم التأكيد على ثلاث رسائل، أولها أن الحكم الذاتي يجب أن يكون “حقيقيًا”. وهذا يتماشى مع قناعته، مطالبا بمزيد من الشرح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وأشار إلى أن الرسالة الثانية تتعلق بـ”حل مقبول من الطرفين” وتُذكّرنا بأنه يجب إجراء مفاوضات فعلية بين الأطراف المعنية للوصول إلى حل. أمّا الرسالة الثالثة الهامة، فهي أن الإدارة الأمريكية الجديدة تعتزم المشاركة بشكل مباشر في تسهيل الوصول إلى حل متفق عليه من الطرفين.
وأشار إلى أنه في هذه الحالة، مع مراعاة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتحت إشراف مجلس الأمن والأمين العام، يمكن للأمم المتحدة أن تدعم هذا الانخراط. “لذلك، أود أن أضيف أنه هناك شعور بالإلحاح إذا أردنا أن نُساهم في خفض التصعيد في المنطقة، وفي الوقت نفسه نسعى لحل قضية الصحراء”.
وسجّل أن الرئيس الموريتاني غزواني ووزير خارجيته مرزوق، أكّدا خلال لقائه معهما أنهما تابعا عن كثب الوضع الإقليمي الدقيق، وأكّدا استعدادهما لدعم أي تقدم سياسي في قضية الصحراء، بروح “الحياد الإيجابي”.
وعبّر ستيفان دي ميستورا عن أمله في مواصلة دعم بعثة الأمم المتحدة “لأنها قد تكون مفيدة جدًا لدعم المرحلة الأولية من حل متفق عليه بين الأطراف. فعندما نلغي شيئًا في الأمم المتحدة، يصبح من الصعب جدًا إعادة إحيائه”.
وأكّد على الأوضاع المزرية والاحتياجات الإنسانية المستمرة بمخيمات تندوف، غرب الجزائر، موضحًا أنه خلال زيارته في وقت سابق من هذا الشهر، أعربت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي عن قلقهما من تقليص حصص الغذاء، “مما قد يؤدي، في أسوأ الأحوال، إلى توقّفها تمامًا هذا الصيف إذا لم يتم تأمين تمويل جديد”.