عشاء في «بيت الزعفران» بدبي.. بمذاق الفن والزهرة الغالية

يحتل الزعفران مكانة مهمة في الثقافة الإماراتية، فمنذ مئات السنين تمتد استخداماته عبر جوانب مختلفة من ممارسات الحياة اليومية، بما في ذلك الطعام، والدواء، والعطور، وغيرها. وانطلاقاً من هذه الأهمية، تتحدى مجموعة من الفنانين المفهوم التقليدي لهذا النوع الشهير والغالي من التوابل في «بيت الزعفران» ضمن النسخة الـ13 من مهرجان سكة للفنون والتصميم، الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي في حي الشندغة التاريخي.

ويقدم هذا البيت تجربة حسية متكاملة، تجمع بين الأطباق المميزة والمبتكرة، والأعمال الفنية، وكذلك المعرض القائم على البحث.

وقالت الباحثة والقيمة على «بيت الزعفران»، فاطمة القرشي، التي تعمل على المشاريع والفعاليات في «دبي للثقافة»، لـ«الإمارات اليوم»، عن فكرة المشروع: «نواصل ما بدأناه العام الماضي من خلال (بيت فنون الطهي) الذي تقوم فكرته على تقديم تجربة عشاء كل ليلة على امتداد أيام مهرجان سكة، وتقوم فكرة العشاء في الدورة الحالية على الزعفران، نظراً لأهمية هذه المادة في الثقافة المحلية، فهو مكون يعبّر عنا، ونستعين به على نحو يومي، واستوحي البيت من هذه الزهرة بجميع تفاصيله، وحتى تصميمه الداخلي».

وأشارت فاطمة إلى أن الزعفران يحمل قيمة معنوية، إذ يستخدم في الاحتفالات والأعياد، ويضاف إلى الطعام لإكرام الضيف، لأنه مادة غالية، كما يستمد قيمته من الاستخدامات المتنوعة التي يحملها.

وحول تنفيذ «بيت الزعفران»، أوضحت أنه تم التعاون مع الباحثة فاطمة السويدي، صاحبة العديد من البحوث في مجال العمارة، إذ بحثت عن تاريخه في الثقافة الإماراتية، بدءاً من القهوة، وصولاً إلى العطور والمخمرية، كما فتشت عن القصائد الإماراتية التي كتبت عن تلك «الزهرة»، وهذا البحث نتج عنه تنظيم معرض خاص بقيمة الزعفران واستخداماته.

ونوهت بأن المعلومات البحثية القيمة تستكمل مع المذاقات، إذ تمت الاستعانة بتسعة طهاة، خمسة منهم إماراتيون، وأربعة من جنسيات مختلفة، وتعمدوا ابتكار نكهات مختلفة، سواء الهندية أو الفرنسية أو المحلية، ما يجعل تجارب العشاء على امتداد أيام المهرجان متنوعة جداً، إذ إن كل طاهٍ يقدم إبداعه الخاص حول الزعفران. ولفتت فاطمة إلى أن الطهاة عملوا على مزج النكهات العالمية بالزعفران، وعملت الشيف آمنة الهاشمي على استخدامه مع النكهات الفرنسية، مبتكرة صلصات خاصة من هذه المادة.

وحول قوائم الطعام على امتداد أيام مهرجان سكة الذي يستمر حتى التاسع من الشهر الجاري، نوهت بأن هناك قائمة مختلفة كل يوم، وكذلك عدد الأطباق يتبدل، فبعض الطهاة قرروا تقديم ثلاثة أطباق فقط، وبعضهم يطرح ما يقارب خمسة في التجربة الواحدة، فيما آخرون يبتكرون خيارات نباتية بهدف إرضاء مختلف الأذواق في الطعام.

وأكدت فاطمة أن التجربة التي تقدم تتجاوز العشاء، فهي حكاية فنية متكاملة، إذ تم الاعتماد على الفنانة حمدة الفلاحي لتصميم الطاولة والعمل التركيبي، وكذلك وضع عمل للفنانة روضة المزروعي، استخدمت فيها الزعفران كمادة ملونة، فيما قدمت ثلاث فنانات من «ونث يرد استوديو» الأطباق الخاصة بالعشاء، والتي رُسم عليها وزينت هي أيضاً بالزعفران.

مكونات غير معتادة

من جهتها، قالت الشيف الإماراتية ميثاء الورشو، عن الأطباق التي حضرتها في أول أيام مهرجان سكة الذي انطلق أول من أمس: «ابتكرت من الزعفران قائمة طعام تدمج المطبخ الإماراتي مع العالمي، فقدمت حساء من الزعفران ولحم الجمل وحليب الجمل، وهي مكونات غير معتادة، كما اعتمدت على مكونات من قلب المطبخ الإماراتي، مع تحويل طريقة الطهي».

وأوضحت أنها جمعت كل المكونات الإماراتية التي أرادت استخدامها، وعملت على اختبار مزج المواد والنكهات، كي تحصل على أفضل المذاقات للأطباق المبتكرة، واصفة الزعفران بـ«المادة الحساسة جداً، لذا لابد من ضبطها في الأطباق، فالكمية المدروسة منها هي التي تقدم مذاقها على النحو الصحيح».

وشددت الشيف ميثاء على أن «بيت الزعفران» يضعها أمام مسؤولية كبيرة، لأنها تعمل على تقديم الأطباق الإماراتية، ويجب أن يكون ذلك على نحو مميز، لافتة إلى أن تجربتها الشخصية أيضاً تتخطى الطهي، إذ تقدم الدروس فيه بأبوظبي.

عن التصميم

من ناحيتها، قالت الفنانة حمدة الفلاحي التي صممت الطاولة الخاصة بالعشاء، علاوة على عمل تركيبي في «بيت الزعفران»: «لقد استوحيت تصميم الطاولة من وردة الزعفران، بهدف التعبير عن دورة حياتها، فهي تنبت في الرمل، ولهذا تم الاعتماد على وجود الزجاج الشفاف كقاعدة للطاولة، وتحتوي جميعها على الرمل وتلك الزهرة، ثم وضعت على الطاولة أواني تحتوي على الزعفران، فضلاً عن رش العطور التي تحمل رائحته، لمنح الحضور التجربة كاملة».

وأضافت: «الزعفران الموجود على الطاولة صنع من زهرة حين تجفف تصبح شبيهة بالزعفران الحقيقي، وتم الاعتماد على الألوان الخاصة بهذه الزهرة لتكون هي الموجودة على الطاولة، وفي تفاصيل التصميم كاملاً»، منوهة بأنها اعتمدت على البحث طويلاً من أجل خلق الشعور الخاص بالزعفران للذين يحضرون العشاء، كي تكون تجربة استثنائية ومختلفة.


الطاولة محجوزة

قالت القيمة على «بيت الزعفران»، فاطمة القرشي، إن طاولة العشاء التي تتسع لـ20 شخصاً، محجوزة بشكل شبه كامل طوال أيام المهرجان الذي تعاون مع أكثر من شريك، من بينهم معهد فنون الطهي، وخلال المشروع يتم دعم المواطنين لتعلم فنون الطهي، وهناك مجموعة من المتدربين الملتزمين في البرنامج، انضموا إلى «البيت» لمساعدة الطهاة.

. 9 طهاة، خمسة منهم إماراتيون وأربعة من جنسيات مختلفة، يعدون الأطباق.

Google Newsstand

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share


تويتر


عن ثراء زعموم

Check Also

«فن رأس الخيمة» يجسّد إرثنا الثقافي

أكد صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، أن …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *