هكذا استقبلت الضفة الغربية إعلان استشهاد الضيف ورفاقه | سياسة

“ليس نعيا، بل هو تاج شرف وعز سيلقى الله به، يعز علينا أن نرثيك يا سيد الشهداء” بهذه الكلمات صدحت مكبرات الصوت في مساجد قرى جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية بمجرد إعلان أبو عبيدة الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) استشهاد محمد الضيف قائد هيئة أركان القسام ورفاقه في المجلس العسكري.

وعلى خطى نابلس، سارت بلدات ومدن فلسطينية كثيرة، ونعت بمكبرات الصوت في المساجد وغيرها “الشهداء القادة” و”خيرة جند القسام” محمد الضيف ورفاقه الستة، وخرجت مسيرات عفوية جابت شوارع مدن رام الله وسط الضفة ومخيم الفوار جنوبها.

بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بنعي الشهداء وذكر مناقبهم الحميدة والنضالية، وخرجت دعوات لإقامة صلاة الغائب بكل مساجد فلسطين على أرواح الشهداء عقب صلاة الجمعة اليوم.

وحين صدحت أصوات المآذن واصل المنتفضون في مسيراتهم بالضفة هتافهم المعهود للشهيد الضيف “حط (ضع) السيف قبال السيف.. إحنا (نحن) رجال محمد ضيف” وصرخوا “يا أبو خالد (كنية الضيف) لبيناك، كل الضفة هيها معاك”.

كما نعت فصائل وقوى فلسطينية إسلامية ووطنية -في بيانات وصلت الجزيرة نت- شهداء القسام الذين صنعوا بإبداعهم ودمائهم وتضحياتهم ملحمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول المجيد، وكسروا غطرسة المحتل وأفشلوا كل مخططاته، وسطروا مجدا تليدا بات يحتذى به.

وأكدت الفصائل أن الاحتلال لن يفلح في كسر إرادة وصمود الشعب الفلسطيني باغتيال قادته الذين يتقدمون صفوف المواجهة والقتال بالميدان، وأن التجربة أثبتت أن المقاومة قادرة على تجاوز الضربات وتعويض القادة بالقادة، والاستمرار في إيلام العدو وتصعيد الاشتباك معه حتى التحرير.

وفوا بالعهد

وتوافقت آراء سياسيين ومثقفين ومحللين سياسيين -تحدثوا للجزيرة نت- مع ما ذهبت إليه الفصائل وجماهير الشعب الفلسطيني، وأكدوا أن لإعلان استشهاد الضيف ورفاقه دلالات كثيرة أهمها صمود المقاومة ومواصلة عملها.

ورغم أن استشهاد هؤلاء القادة “خسارة فادحة” للشعب الفلسطيني وللمقاومة كما يقول عقل صلاح الكاتب والمحلل السياسي، فإن هذه القيادات كانت تدرك أن الطريق صعب وشاق وعرفت مصيرها وأرادت عبر هذه الحرب القاسية “تغيير وجه المنطقة ووجه التاريخ” كما أعلنت.

وثمة دلالات كثيرة لاستشهاد القادة، أهمها أن القيادة العسكرية للمقاومة الفلسطينية جزء من المعركة الميدانية، وكانت ملتحمة مع العدو “وليست مختبئة” كما روَّج الاحتلال، وتشرف إشرافا حثيثا وميدانيا على المعركة، سواء في مرحلة الإعداد قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبعدها.

كما قدَّم هؤلاء القادة أرواحهم قبل الجند، وبالتالي يقول صلاح إنه لا يمكن لإسرائيل أن تستغل حجم الإبادة الكبير بغزة لتقول إن هناك انفصاما بين الشعب والقيادة “وهذا يعكس وحدة الشعب والدم الفلسطيني مع مقاومته، ويعطي دفعة للجيل القادم أن قيادة القسام قدمت أرواحها لأجل شعبها وقضيته المقدسة”.

كما أنه إيفاء من القيادة العسكرية والسياسية لحماس -والتي لها رمزية ومصداقية كبيرة عند الفلسطينيين- تجاه رفاقهم الأسرى وخاصة أصحاب المؤبدات.

موقف قوة وإعداد

رغم أن اغتيالهم “ضربة قوية وموجعة” فإنه برأي صلاح “زاد المقاومة إصرارا، وقد استبسلت فعلا واستمرت المواجهة بغزة وزاد انتقامها وكانت على أشدها بعد استشهادهم، وتميزت أكثر قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وألحقت خسائر بشرية كبيرة جدا بصفوف الاحتلال، وأجبرت نتنياهو على الموافقة على الصفقة”.

ويضيف صلاح “المقاومة وبالتحديد كتائب القسام ومنذ استشهاد يحيى عياش وحتى الآن قادرة ومستمرة في صنع القيادات، والترتيبات العسكرية مستقلة ومستمرة”.

ويؤكد أنه لو كان لاستشهادهم أثر سلبي على صمود المقاومة لتكتمت القسام على الخبر، ولكن حماس والقسام اليوم بموقف قوة وهي تجبر إسرائيل على إطلاق سراح الأسرى” وأن هذا الوقت المناسب لإعلان استشهاد قادتها “مما يعطي دفعة للقسام للصمود والمضي قدما لترتيب نفسها، ودفعة للمصداقية لإتمام صفقات التبادل”.

المقاومة تجدد نفسها

يرى الناشط والسياسي عمر عساف -في حديثه للجزيرة نت- أن قائدا مثل الضيف كان يدرك حين شقّ طريق المقاومة حجم التضحيات والمخاطر، وأنه مشروع شهيد على قيد الحياة، وأن استشهاده والقادة خلال المواجهة دلالة على افتدائهم لوطنهم وحرية شعبهم، وأن هذه الحرب “بروفة” لتحرير فلسطين.

ويعتقد أن المقاومة لن تتراجع باستشهاد الضيف ورفاقه، وكذلك قيادة القسام التي أثبتت دوما أنها قادرة على تجديد نفسها، وعلى العكس “سيزيد إقبال الشباب والأشبال الذين يؤمنون بهذا الطريق، وأن الشعب قادر على أن يخلف هؤلاء بقادة آخرين، لأن هؤلاء القادة أسسوا لمؤسسة مقاومة وليس أفراد مقاومة”.

ويؤكد عساف أنه لم يحدث أي فراغ قيادي باستشهاد هؤلاء القادة في ظل استمرار المقاومة وإنجاز صفقة تبادل، وأن الوفاء للقادة من حماس وكل قوى المقاومة يكون عبر مزيد من المقاومة والتمسك أكثر بهذا الخيار.

الإعلان جرأة كبيرة

أما حسن خريشة السياسي ونائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني السابق، فقد اعتبر أن إعلان استشهاد الضيف والقادة “جرأة كبيرة” في الزمان والمكان، لا سيما في ظل عملية التبادل والتفاف الناس حول المقاومة وتشكليهم حاضنة شعبية لها، ومن فوق بيت السنوار “وهذا فيه رمزية أنهم باستشهادهم حققوا هذه الانتصارات التي نعيشها”.

وأضاف خريشة أن استشهاد القادة لا يؤثر على سير حماس ومقاومتها وأنها ستظل مستمرة، وأن إعلان ذلك “مصارحة واضحة وشفافة للشعب الفلسطيني كان لا بد منها” لأنهم فقدوا قادة لا يقلون أهمية قبل ذلك ولم يحدث فراغ، فقد تربوا على أن القائد يخلفه آخر، وأن من سيأتي بعدهم لن يستمر طويلا.

وضجت مواقع التواصل بعبارات تمجد الضيف وقادة القسام وتستذكر عنفوانهم وإلهامهم للجماهير الفلسطينية، وكتب عادل الأسطة الروائي والناقد الفلسطيني على صفحته عبر فيسبوك تحت عنوان: من سيلقي خطاب النصر؟ وقال “في ارتقاء قادة المقاومة في ساحة القتال دحض لكثير من الآراء التي تتهم وتتهم فقط، وفيها أيضا دحض للفكر الصهيوني في الأدبيات الصهيونية التي كتب عنها غسان كنفاني في كتابه: في الأدب الصهيوني”.

أما نجاة أبو بكر القيادية في حركة فتح فكتبت على صفحتها في فيسبوك “كنت ضيفا في الأرض، ورحلت منتخبا وضيفا مع الشهداء، رحمك الله”.

عن شريف الشرايبي

Check Also

مغردون: بعد 14 عاما انتصر الطفل حمزة الخطيب على قاتله عاطف نجيب | أخبار

تصدر وسم “عاطف نجيب” منصات التواصل الاجتماعي السورية، فما قصته؟ في عام 2011، ومع اندلاع …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *