من قصر الحصن كانت بداية قصة أبوظبي، وفي كل عام يعود مهرجان الحصن ليصحب زوّاره في رحلة إلى البداية ويقدّم لهم في كل دورة من دوراته جوانب جديدة ومختلفة من قصة أبوظبي، مؤكداً أن التراث حي ومتواصل من جيل إلى جيل، ليس فقط كأسلوب حياة ولكن أيضاً كمصدر إلهام للعديد من الأفكار والمشاريع المبتكرة.
ويعود المهرجان في دورته التاسعة، التي تنطلق غداً وتستمر حتى التاسع من فبراير المقبل، في المناطق المحيطة بقصر الحصن، ليروي مزيداً من القصص تحت شعار «تعبير حي عن ثقافة أبوظبي»، وذلك من خلال ثلاث مناطق رئيسة هي: التراث والحرف والمجتمع، وفق ما أوضحت مدير إدارة الفعاليات والمنصات الثقافية في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، رندة عمر بن حيدر، خلال اللقاء الإعلامي الذي تم تنظيمه، صباح أمس، في بيت الحرفيين بأبوظبي، لافتة إلى أن كل منطقة من هذه المناطق مستوحاة من التراث سواء بشكله التقليدي المتعارف عليه أو بأشكال عصرية مستلهمة من الموروث، واستغرق الإعداد للمهرجان واختيار المشاركين ثلاثة أشهر، في حين اعتمد اختيار المشاركين سواء من العارضين أو المساهمين أو أصحاب المشاريع على مدى ما يقدمونه للمهرجان من إضافة حقيقية، وما يحملونه من قصص ملهمة خلف مشاريعهم وأفكارهم.
وأشارت بن حيدر إلى أن المهرجان هذا العام يأتي بأعداد أكبر من المساهمين، وأنشطة جديدة تفتح حوارات بين ثقافة اليوم والأمس، موضحة أن من أبرز ملامح التغيير في الدورة الجديدة استمرارها لـ16 يوماً بدلاً من 10 أيام في الدورات السابقة، تلبية للإقبال الكبير على الحدث من الجمهور من مختلف الفئات والجنسيات.
فعاليات وأنشطة جديدة
يستحدث المهرجان هذا العام أنشطة عدة، وفق ما استعرضته رندة بن حيدر، منها معرض «قصة جزيرة بوظبي» الذي يُقام في قصر الحصن، ويستكشف جوانب من تاريخ الجزيرة من خلال السرد التاريخي والأساطير والرموز الثقافية والشعر، كما ينظم بيت الحرفيين برنامج «الطيب» الذي يحتفي بتقاليد صناعة العطور في الثقافة الإماراتية، مقدماً تجربة غامرة لاستكشاف أدوات ومكونات الطيب وقصصه، وفهم ارتباط صانعيه بالطبيعة وموازنة التقاليد بالاتجاهات الحديثة.
أمّا العرض الرئيس للمهرجان هذا العام فيركز على فن «التشوليب»، الذي يقدّم بالشراكة مع فرسان شرطة أبوظبي، ويجمع بين الفروسية والشعر إلى جانب عروض بالظلال، حيث ينشد الفرسان أشعارهم بانسجام مع حوافر خيولهم، محتفلين بعودتهم إلى قصر الحصن.
حياة يومية وعادات
ويعرض المهرجان هذا العام لزوّاره مشاهد جديدة من الحياة اليومية والعادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع الإماراتي، حيث عرض في الدورات السابقة مشاهد تمثيلية لعادات الزواج قديماً وللعرس التقليدي، وكذلك لطقوس الولادة وتنشئة الطفل قديماً، ويقدّم المهرجان هذا العام مسرحية «سند السنع»، وتدور أحداثها في فريج تاريخي بأبوظبي، لتروي قصة «سند» الصغير الذي يُظهر ذكاءه وحبّه للمعرفة عبر مساعدته لجيرانه، مُبرزاً قِيم الترابط المجتمعي في الماضي.
كذلك يقدّم مهرجان الحصن في دورته التاسعة فعالية طاولة الطاهي برعاية أمينة، وهي منصة طهي مباشرة تستضيفها الشيف مريم المنصوري ووالدتها أمينة، تحتفي بالتقاليد الإماراتية في الطهي، ويشارك الضيوف في وصفات عائلية وقصص ملهمة وأطباق تمزج بين فن الطهي والحرف التقليدية، بينما تتيح فعالية «المجلس» للزوّار إعادة تصوير صور تاريخية في مجلس الرجال، بينما يمكن لزائرات المهرجان تجربة الحياة في الماضي بارتداء الزي الإماراتي التقليدي والتقاط لحظات مميزة في مجلس النساء.
موروث وتقنيات حديثة
ويجمع المهرجان بين الموروثات الأصيلة والتقنيات الحديثة من خلال فعاليات مبتكرة من أبرزها «رحلة المقناص»، بالتعاون مع «أبوظبي للألعاب الإلكترونية» وهي تجربة تحتفي بالمزج بين التراث والابتكار، مقدمة ألعاباً من استوديو محلي تسلط الضوء على الثقافة الإماراتية وتفتح آفاقاً لصناعات جديدة، في حين تقدّم «ساندستورم كوميكس» مشاركة تمزج فيها التراث بالفن الحديث من خلال أنشطة للصغار والكبار، تشمل الرسم المباشر وورش عمل مع أبرز فناني الإمارات.
3 مناطق
تضم المناطق الثلاث الرئيسة للمهرجان العديد من الفعاليات، فتأخذ منطقة التراث الزوّار في رحلة عبر الثقافة والعادات والحياة اليومية لأبوظبي التاريخية، ويستعرض الحِرَفيون مهاراتهم، ويدعون كل شخص إلى الانضمام إليهم والتعلم منهم، ليصبح الجميع جزءاً من لوحة حية يتشاركون فيها أساليب عيش الأجداد ويختبرون المدينة التاريخية والتجربة الحياتية فيها من منظورهم، كما تضم معرض قصة جزيرة بوظبي، ومدرسة الصقارة، والمجلس الوطني الاستشاري، والميدان والفريج وسوق الصوغ، ومنطقة الصحراء بما تشهده من فعاليات مستمدة من حياة البادية.
بينما تركّز منطقة الحرف في الدورة الحالية على العطور والطيب، وهي من الحرف المتوارثة في المجتمع الإماراتي، وتجمع المنطقة بين حرفيين تقليديين ومصممين معاصرين، وذلك ضمن برنامج «الطيب» الذي ينظمه بيت الحرفيين، ويقدّم تجربة لاستعراض مجموعة متنوعة من متاجر العطور المحلية بالتنسيق مع مجلس سيدات أعمال أبوظبي.
ومن العطور إلى الصحراء، حيث تستلهم ساحة الصناع حياة البادية، ويمر الضيوف أثناء تجوّلهم في هذه المنطقة بخمس محطات تستعرض مجموعات نجمية استرشد بها أهل البادية في صحرائهم اللامتناهية، ونسجوا منها موروثاً شعرياً وقصصياً يعكس تساؤلاتهم الكونية وواقع حياتهم الاجتماعية وحرفهم، كما تضم منطقة الحرف فعاليات عدة منها البازار وسوق المزارعين ومسابقة القهوة ومكتبة الحصن، بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية وغيرها.
رندة بن حيدر:
. المهرجان يأتي هذا العام بأعداد أكبر من المساهمين، وأنشطة جديدة تفتح حوارات بين ثقافة اليوم والأمس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news