هل ينوي رجال الأعمال السوريون العودة إلى وطنهم بعد سقوط نظام الأسد؟ | اقتصاد

إدلب- يأمل رجال سوريون مغتربون وآخرون شمالي سوريا في أن يدخل بلدهم حقبة اقتصادية جديدة خالية من الفساد والمحسوبيات، عقب سقوط نظام الأسد واعتماد الإدارة الجديدة في دمشق اقتصاد السوق الحر، أملًا في تشجيع عودة المغتربين وإعادة إحياء المشاريع المتعثرة.

وخلال سنوات الثورة وما تلاها من توسع الصراع المسلح في سوريا، هاجر المئات من أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية السورية إلى دول مثل تركيا ومصر والأردن، وأنشؤوا مؤسسات صناعية وتجارية، مستفيدين من تسهيلات البلدان المضيفة التي احتضنتهم.

وشكل سقوط نظام الأسد بارقة أمل كبرى لأصحاب الأعمال السوريين بأن يعودوا للعمل في وطنهم، أو أن يتوسّعوا في مشاريعهم من دول الجوار، إلا أن استجابتهم كانت متباينة، لأسباب كشفها بعضهم للجزيرة نت).

تركيا - يصف رجال أعمال سوريون مغتربون سياسة الإدارة الجديدة بالمشجعة لعودة الاستثمارات - الجزيرة نت
رجال أعمال سوريون مغتربون وصفوا سياسة الإدارة الجديدة بالمشجعة لعودة الاستثمارات (الجزيرة)

مناخ مشجع

ويقول درغام درغام مدير إحدى الشركات في تركيا، إنه أنشأ شركته منذ عام 2013 من خلال الحصول على تسهيلات من الحكومة التركية، ليتوسع العمل اليوم إلى 9 ولايات تركية منها إسطنبول ومرسين وكهرمان مرعش.

ويضيف درغام في حديث للجزيرة نت أن المناخ العام في سوريا “مشجع وممتاز” لرجال الأعمال مع سقوط نظام الأسد، مشيرًا إلى أن القيادة الجديدة في دمشق أظهرت وعيا ومسؤولية إستراتيجية في الفكر يشجع كل رجال الأعمال، للاستثمار في وطنهم الأم.

ولفت درغام إلى أنه كرجل أعمال سوري في تركيا يخطط لتوسيع أعمال شركته لتشمل مدن حلب وحمص ودمشق، موضحًا أن من بين الخطط القادمة إنشاء مصنع جديد للعصائر في حلب تحديدا.

وحول أهم المقومات الواجب توافرها، لتشجيع عودة الاستثمارات في سوريا، يرى درغام أنها تتمثل في سهولة الحركة النقدية والنظام المصرفي، والتخلص من البيروقراطية التي كانت في عهد النظام البائد، فضلا عن توفر الطاقة من كهرباء ووقود، وشبكة طرقات.

سوريا - حلب - تضم مدينة الشيخ نجار الصناعية في حلب عشرات المنشآت المتوقفة عن العمل خلال فترة النظام البائد - الجزيرة نت
تضم مدينة الشيخ نجار الصناعية في حلب عشرات المنشآت المتوقفة عن العمل خلال فترة نظام الأسد (الجزيرة)

في حين، يرى سعيد مزيك -مالك شركة لصناعة ألبسة الأطفال جنوبي تركيا- أن فترة حكم بشار الأسد كانت قائمة على طرد الاستثمارات والمشاريع، في ظل فساد إداري وتسلّط على الأرزاق، ما دفع المئات من رجال الأعمال إلى مغادرة البلاد، بحثا عن مقومات العمل الصناعي والتجاري.

وأكد مزيك -في حديث للجزيرة نت- أنه يستعد لإعادة تشغيل منشآته في ريف حلب بعد خلع النظام، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة أصدرت تطمينات ورسائل إيجابية للمستثمرين كي يعودوا إلى البلاد والمساهمة في حركة الاقتصاد السوري.

ويتطلع مزيك إلى أن ينقل كافة أعماله الصناعية خارج البلاد إلى الداخل السوري خلال الفترة المقبلة.

تركيا - يأمل رجال أعمال سوريون في تركيا بالعودة للعمل في وطنهم الأم بعد سقوط الأسد - الجزيرة نت
يأمل رجال أعمال سوريون في تركيا بالعودة للعمل في وطنهم الأم بعد سقوط نظام الأسد (الجزيرة)

سطوة النظام المخلوع

وعانى رجال أعمال سوريون فضلوا البقاء في البلاد، من سطوة سلطات النظام المخلوع سيما دوريات الجمارك ورجال الأمن، حتى باتوا يتقاسمون الأرباح معهم، كما يروي العديد من تجار مدينة حلب عاصمة سوريا الاقتصادية، مما عرضهم للخسارة وأخيرًا إيقاف مشاريعهم، التي تعاني أساسًا من غياب مقومات الاستمرار مثل الكهرباء والأمن والاستقرار.

ويقول محمد برادعي وهو تاجر ألبسة نسائية في مدينة حلب إن 25% من دخل متجره كان يذهب لدفع الإتاوات والضرائب في عهد النظام السابق، مضيفا أن دوريات الجمارك كانت لا تفارق محله وتزوره بشكل يومي للحصول على المال.

ويشير برادعي، في حديث للجزيرة نت إلى أن أرباحه كانت بالكاد تكفي لتأمين مصاريف عائلته اليومية ودفع فواتير الكهرباء والضرائب الباهظة على متجره، مؤكدا أن الحكومة السابقة كانت تتعامل بمنطق العصابات مع التجار.

ويأمل برادعي اليوم بأن ينعش متجره من خلال استيراد الملابس المتنوعة من تركيا، مع تغير الوضع الاقتصادي العام وتحرير الأسواق من تسلط النظام السابق، لافتا إلى أن المناخ العام يبشر بالخير وعودة حركة المبيعات بشكل أفضل من السابق.

وتبدي الحكومة الجديدة في سوريا، ممثلة بوزارة الاقتصاد بحكومة تصريف الأعمال مرونة وانفتاحًا لإنعاش حركة الاقتصاد المنهك بفعل الحرب، لا سيما بعد دعوة وزير الاقتصاد باسل عبد الحنان رجال الأعمال السوريين الذين هُجّروا منذ عام 1960، إلى العودة إلى “سوريا الحرة”، من أجل المساهمة في البناء، دلالة على توجه دمشق الجديد.

ويقول المحلل الاقتصادي عبد السلام العمر، إن سوريا في الوقت الحالي بيئة خصبة للاستثمار الاقتصادي لا سيما بالدرجة الأولى في مجال العمران والإسكان ضمن عمليات إعادة الإعمار، مع توقعات بعودة الآلاف من النازحين السوريين خلال الفترة القادمة.

ويشير العمر، في تعليق للجزيرة نت إلى أن مسألة السماح لرجال الأعمال من تجار وصناعيين بالتداول عبر الدولار والليرة التركية إلى جانب الليرة السورية هو مؤشر إيجابي جاذب للمشاريع الاقتصادية، ومحفز لحرية اقتصاد السوق.

ويرى العمر أن من غالبية رجال الأعمال ينتظرون توافر مؤشرات إضافية للاستثمار في الأسواق السورية، من أبرزها افتتاح المصارف على نطاق واسع، فضلا على إعادة بناء البنى التحتية وتأمين موارد الطاقة الرئيسية من كهرباء وقود.

عن شريف الشرايبي

Check Also

من الثورة إلى إدارة الشرع: ما هو مصير النساء السوريات؟

منذ بداية الثورة السورية في 2011، لعبت النساء السوريات دورا كبيرا͏ في الحركة الاحتجاجية ضد نظام …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *