الخط :
مصطلح “الجنوب“، أثار نقاشا خلال مؤتمر الحوارات الأطلسية أمس الجمعة، وذلك ضمن جلسة نقاشية تحت عنوان “الامتلاء بالجنوب ومستقبل التعددية”، والتي تخللتها مداخلة للفيلسوف والكاتب الفرنسي جاك أتال الذي استعرض رؤيته النقدية للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الراهنة، كما ركز المنظّر على مفهوم “الجنوب”، مشيراً إلى أن هذا المصطلح يحمل إرثا استعماريا، وغالبا ما يُستخدم للإشارة إلى البلدان المستعمَرة سابقا أو الدول الأقل تطورا.
وفي ذات السياق، تساءل الفيلسوف الفرنسي عن جدوى استخدام مصطلح “الجنوب”، معتبرا أنه تجاوز سياقه التاريخي، موضحا أن الجنوب، مثل أي فضاء جغرافي واجتماعي، ليس كيانا متجانسا، فهناك طبقات مخملية غنية ومهيمنة، كما توجد طبقات كادحة، إلى جانب مساحة رمادية تجمع بينهما.
تناولت المداخلة فكرة انحدار الولايات المتحدة كقوة عالمية، مشيرا إلى أن أمريكا، رغم تراجع نفوذها، ما زالت تحتفظ بقدر كبير من القوة على الساحة الدولية، واستشهد الفيلسوف بالإمبراطورية الرومانية التي ظلت مؤثرة رغم دخولها مراحل الانحدار، هذه المقارنة تعكس تصوّراً أعمق عن كيفية استمرار القوى العالمية في الحفاظ على هيمنتها، حتى خلال فترات ضعفها النسبي.
وسلّط الفيلسوف الضوء على هيمنة الغرب، التي امتدت إلى الأيديولوجيا، مشيرا إلى أن العالم أصبح “متغربا”، حيث تبنّت مجتمعات الجنوب أسلوب الحياة والفكر الغربي، بما في ذلك الفردانية وطريقة رؤية العالم، هذا “التغرب” أثار تساؤلات عن قدرة الجنوب على الحفاظ على هويته الثقافية والاجتماعية في مواجهة تأثير الغرب.
طرح المنظر الفرنسي تساؤلات مهمة حول مصير العالم: هل ستعود الديكتاتورية لتطغى؟ أم ستنتصر الديمقراطية والإنسانية؟ وأشار إلى ضرورة التمييز بين الديمقراطيات المستقرة، الأنظمة الديكتاتورية، والدول التي لا تزال في طور التحول بين النظامين.
وقال “الشمولية كارثة على البشرية. حتى وإن كان البعض اليوم يقول إن الحكم الاستبدادي أفضل للبيئة ولاتخاذ القرارات غير الشعبية، إلا أنني لا أعتقد أن هذا صحيح. الديمقراطية هي الأسوأ لكنها أفضل نظام”.
كما تناولت المداخلة النفوذ المتزايد لكل من الصين وروسيا في القارة الإفريقية، واصفا ذلك بالنفوذ الذي لا يخدم مصلحة إفريقيا، بل يعزز الأنظمة الشمولية التي تعتبر “كارثة إنسانية”، في المقابل، شدد الفيلسوف على أن الديمقراطية، رغم عيوبها، تبقى الأداة الأفضل لضمان تطور المجتمعات وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وخلص الفيلسوف الفرنسي حديثه بتحذير من توسع النفوذ الشمولي في إفريقيا والعالم، مؤكداً على ضرورة تعزيز الديمقراطية كسبيل للحفاظ على القيم الإنسانية وضمان مستقبل أفضل.