وسيط المملكة يرسم صورة قاتمة عن الإدارة المغربية ويبرز استمرار مظاهر الفساد الإداري وعرقلته لعجلة التنمية

الخط :

أبرز التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة لعام 2023، استمرار مظاهر الظلم الإداري الذي يتعرض له المواطنون، ومن تفشي الفساد الإداري الذي أصبح يشكل عائقا كبيرا أمام جهود الإصلاح والاستثمار، مشيرا إلى أن المؤسسة استقبلت خلال الفترة الممتدة من 2019 إلى 2023 ما مجموعه 29270 ملفا، أي بمعدل 5854 ملفًا سنويا.

وأشار التقرير إلى تغيير ملحوظ في طبيعة الملفات الواردة إلى المؤسسة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث ارتفعت نسبة التظلمات بشكل كبير مقارنة بأنواع الملفات الأخرى. فقد سجلت التظلمات نموا سنويا بلغ 12.63%، واحتلت المرتبة الأولى في الملفات الواردة بنسبة 74.37% من إجمالي الملفات المسجلة عام 2023، مقارنة بـ57.15% في عام 2019. وبذلك، شكلت التظلمات نسبة 67.27% من مجموع الملفات المسجلة خلال الفترة المذكورة.

وأوضح التقرير أن 93.75% من التظلمات الواردة بين عامي 2019 و2023 تركزت في أربعة تصنيفات رئيسية، الأولى مرتبطة بالتظلمات ذات الطبيعة الإدارية، وبلغ عددها 7788 تظلما، أي ما يعادل 39.55% من إجمالي التظلمات، والثانية مرتبطة بالتظلمات ذات الطبيعة المالية، والتي بلغ عددها إلى 5939 تظلما، بنسبة 30.16%.. الثالثة تتعلق بالتظلمات ذات الطبيعة العقارية، حيث بلغ عددها 3655 تظلما، بنسبة 18.56%.، أما الرابعة والأخيرة فتتعلق بالتظلمات المرتبطة بعدم تنفيذ الأحكام ضد الإدارة، والتي بلغ عددها 1078 تظلما، بنسبة 5.47%..

وأكدت مؤسسة الوسيط أن التعامل مع الاختلالات التي تؤثر على أداء المرافق الإدارية يجب أن يتجاوز النظرة السطحية التي تعتبرها مجرد حالات منعزلة. ودعت إلى تحليل عميق لأبعاد هذه الاختلالات وجذورها، وتحديد ما إذا كانت ناتجة عن عوامل عارضة يمكن تجاوزها بسهولة، أم أنها تمثل سلوكيات متأصلة في ثقافة الأداء الإداري والضمير المهني. في الحالة الأخيرة، يصبح من الضروري تبني حلول جذرية تتعدى مستوى الرصد إلى التنفيذ الفعلي لتوصيات المؤسسة، بالإضافة إلى تعزيز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأعربت المؤسسة في نفس التقرير عن قلقها من تحول الإدارة من أداة فاعلة في عملية الإصلاح إلى عنصر يعرقلها. مشيرة إلى أن بعض الممارسات التي تم الكشف عنها في تقارير سابقة ما زالت مستمرة، مما يؤدي إلى استنزاف الجهود والوقت في معالجة هذه التعثرات. مضيفة أن بعض الموظفين يسعون للحفاظ على مواقفهم حتى لو كانت مخالفة للقانون، بدلا من أداء واجبهم في تحقيق العدالة وإنصاف المرتفقين.

هذا وكشف التقرير عن ضعف تجاوب الإدارات مع تظلمات المواطنين وشكاويهم، سواء بعدم الرد عليها أو التأخر في ذلك، ما يشكل خرقا واضحا للقوانين التي تحدد آجال الرد، مبرزا أن بعض الإدارات تعتمد نهج “عدم الجواب” في التعامل مع الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها، مما يؤدي إلى صدور أحكام قضائية ضدها كان بالإمكان تفاديها لو قدمت ردودها في الوقت المناسب. كما أشار التقرير إلى أن نفس السلوك السلبي يظهر في تعامل بعض الإدارات مع مراسلات مؤسسة الوسيط، مما يؤدي إلى إهدار الجهود والوقت ويترك انطباعا سلبيا لدى المرتفقين.

كما تناول التقرير أيضا الاختلالات المرتبطة بإجراءات تسليم تراخيص الاستثمار، حيث رصدت المؤسسة تعقيد الإجراءات وبطء المساطر، مما يعرقل جهود الاستثمار، مشددة على ضرورة تعامل الإدارات بشكل أكثر انسيابية مع طلبات إنشاء المقاولات ومنح التراخيص الإدارية، بما يتماشى مع القوانين المتعلقة بتبسيط المساطر الإدارية وميثاق المرافق العمومية، مؤكدة في السياق ذاته على أهمية احترام الآجال القانونية، وتوفير المعلومات والوثائق الإدارية اللازمة للمرتفقين.

وفي ختام التقرير، دعت مؤسسة الوسيط إلى تحسين أداء الإدارة واحترام القوانين المنظمة للعمل الإداري، بما يعزز الثقة بين المواطنين والمؤسسات، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لتبسيط الإجراءات وتحسين صورة الإدارة لدى المرتفقين، من أجل خلق بيئة ملائمة للإصلاح والاستثمار.

عن أسيل الشهواني

Check Also

قرار غانا تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع “الجمهورية” الوهمية يؤشر على الانحصار الكبير الذي بات يشهده المشروع الانفصالي – برلمان.كوم

الخط : A- A+ قررت جمهورية غانا، يومه الثلاثاء، تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع “الجمهورية” الوهمية، …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *