أكدت المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2026 أن تطوير البنية التحتية يشكل اليوم دعامة أساسية للإقلاع التنموي للمغرب، باعتباره عنصرا محوريا في التحول الاقتصادي والمجالي والاجتماعي، مبرزة الدينامية القوية التي يشهدها هذا القطاع، لا سيما في مجالات النقل واللوجستيك، من خلال توسع شبكة الطرق السيارة، والريادة الإقليمية لميناء طنجة المتوسط، وإطلاق القطار فائق السرعة “البراق”، ما يعزز تموقع المملكة كمركز ربط بين القارات.
وأوردت المذكرة التي وجهها رئيس الحكومة إلى القطاعات الوزارية أنه منذ عقدين من الزمن مكنت تنمية البنية التحتية من دعم تنويع الإنتاج والتنافسية اللوجستية والتأهيل المجالي، وجاذبية الاستثمار الخاص، إذ تشمل هذه الدينامية القطاعات المهيكلة كالنقل والطاقة والمياه والرياضة والمجال الرقمي.
وسجل المصدر ذاته فيما يتعلق بالبنية التحتية للنقل، أن شبكة الطرق السيارة بالمغرب بلغت 1.958 كلم عند نهاية شهر يونيو 2025، مقابل أقل من 600 كلم عند بداية الألفية، مما يجعلها ثاني أكبر شبكة طرق سيارة في إفريقيا من حيث الكثافة.
وفي الإطار ذاته، تشير المذكرة إلى أن المغرب يعتبر رائدا في مجال السكك الحديدية في القارة الأفريقية وذلك بشبكة سكك حديدية تمتد لأكثر من 2.300 كلم، إلى جانب إطلاق القطار فائق السرعة “البراق”، الذي يشكل نقطة تحول تاريخية في أفق تمديده نحو الجنوب.
فيما يخص مجال الموانئ، تضيف المذكرة: “يحتل ميناء طنجة المتوسط مركز الريادة إفريقيا والمرتبة 22 عالميا في مجال الربط، كما تعكس مشاريع ميناء الناظور غرب المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي دينامية تحول لوجستي من شأنها تعزيز مكانة المغرب إقليميا وتكريس مكانته كمنصة وصل بين أوروبا وإفريقيا والأمريكتين”.
وعزز المغرب الربط الجوي بشبكة تضم 24 مطارا، منها 19 مطارا دوليا، بسعة تصل إلى 40 مليون مسافر سنويا، والتي من المتوقع أن ترتفع إلى 80 مليون مسافر بحلول سنة 2030، مما يعزز موقعه كقطب جوي استراتيجي بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وفق المصدر ذاته.
وبخصوص البنية التحتية للطاقة، سجلت المذكرة ارتفاع القدرة الإجمالية للإنتاج من 5.000 ميغاواط سنة 2000 إلى 11.800 ميغاواط سنة 2024 مع نمو غير مسبوق في الطاقات المتجددة، التي تمثل حاليا أكثر من 40% من المزيج الكهربائي والتي من المتوقع أن تصل إلى 52% في أفق سنة 2030، مشيرة أيضا إلى انخراط المملكة في دينامية جديدة تهم الهيدروجين الأخضر، إذ يتجاوز معدل كهربة التراب الوطني حاليا 99%، بما في ذلك المناطق القروية الأكثر عزلة.
وفي إطار مواجهة الإجهاد المائي المتزايد، عزز المغرب بنيته التحتية المائية التي بلغت 152 سدا كبيرا سنة 2024 مقابل 96 سنة (2000)، وبسعة تخزين تبلغ 19.5 مليار متر مكعب، وإنجاز 12 محطة لتحلية مياه البحر، بالإضافة إلى إطلاق مشاريع مهيكلة للربط المائي كمشروع الربط بين حوضي سبو وأبي رقراق وتُبلور هذه الاستثمارات استراتيجية وطنية للتكيف المناخي والسيادة المائية، بحسب المذكرة.
وفيما يتعلق بالربط الرقمي، تفيد بأن معدل تغطية الإنترنت عبر الهاتف المحمول وصل إلى 96% سنة 2025، بينما كان ضئيلا عند بداية الألفية، إذ تستفيد أكثر من 65% من الجماعات القروية حاليا من خدمات الجيل الرابع (4G) أو الألياف البصرية.
وفي السياق ذاته، يهدف برنامج “المغرب الرقمي 2030” إلى جعل المملكة قطبا إقليميا للتخزين والأمن السيبراني مع تعزيز سيادة البيانات، وفق المصدر ذاته.
ولم تغفل المذكرة عن أهمية البنية التحتية الرياضية، التي من شأنها أن تكون رافعة للإشعاع المغربي في أفق سنة 2030، مبرزة أن المغرب يعكف على إنجاز برنامج طموح من أجل تحديث بنيته التحتية الرياضية وذلك استعدادا لاحتضان كأس إفريقيا للأمم سنة 2025 وكأس العالم 2030.
وتضيف المذكرة ذاتها أن “الملاعب التي تم تجديدها (الرباط، طنجة، مراكش أكادير، فاس، وجدة …) وبناء “الملعب الكبير للدار البيضاء” تُجسد هذا الطموح بالإضافة إلى استضافة التظاهرات الكبرى تعزز هذه المشاريع تموقع المملكة كقطب رياضي ورافعة للإشعاع الإقليمي والدولي.