أكدت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح، أن قطاع الاقتصاد الرقمي وترحيل الخدمات، حقق رقم معاملات قياسيا في الصادرات الرقمية، إذ بلغ 26.219 مليار درهم، متجاوزا الهدف المرحلي المحدد لسنة 2026 بقيمة 25 مليار درهم.
وأضافت الوزيرة في جواب كتابي عن سؤال حول “رقمنة الخدمات العمومية وتطوير الاقتصاد الرقمي”، تقدم به البرلماني إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن هذا القطاع سجل نتائج لافتة خلال سنة 2024، بخلق أكثر من 22,550 فرصة عمل مباشرة في إطار اتفاقيات استثمارية مع شركات عالمية، وبلوغ عدد مناصب الشغل المستقرة في القطاع إلى حدود نهاية 2024 حوالي 148,500 منصب مباشر.
وفي التفاصيل، أوضحت الفلاح أنه تنفيذا للتوجيهات الملكية، الداعية إلى ضرورة تسريع وتيرة الرقمنة، وجني ثمار الطفرة الرقمية التي يشهدها العالم، تولي الحكومة أهمية كبيرة لورش التحول الرقمي إيمانا منها بأن هذا التحول يشكل رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويساهم في جعل المملكة المغربية قطبا رقميا إقليميا، مسجلة انخراط وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في إعداد الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030″، التي تم إطلاقها رسميا يوم 25 شتنبر 2024.
وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجية تقوم على محورين رئيسيين يتمثلان في رقمنة الخدمات العمومية، وبث دينامية في الاقتصاد الرقمي، إذ يتعلق المحور الأول باعتماد الوزارة مقاربة جديدة في تبسيط ورقمنة المساطر الإدارية ترتكز على منطق “مسار المرتفق” المرتبط بمختلف مراحل حياة المواطن والمقاولة، وتركز على تبسيط المسارات الأكثر طلبا وذات الأثر الأكبر، من خلال تقليص كل من عدد المراحل المطلوبة لمعالجة الطلبات، وعدد الوثائق، وأجال اتخاذ القرارات الإدارية، وكذا الكلفة المترتبة عن هذه المساطر.
وفي هذا السياق، تضيف المسؤولة الحكومية أن الوزارة حددت مجموعة من المسارات ذات الأولوية في مجالات متعددة، منها “الترشيح لامتحان الباكالوريا الحرة”، وتسجيل الأطفال بالمدرسة، ومسار الحصول على رخصة فتح واستغلال “دور الحضانة”، والمسارات المرتبطة بانتهاء الخدمة بسبب الوفاة أو الإحالة على التقاعد، وكذا مسار الحصول على دعم الدولة المتعلق بالضريبة على الشركات والضريبة على الدخل بالنسبة للشركات العاملة في مجال ترحيل الخدمات (offshoring).
وضمن المحور نفسه، تعمل الوزارة على إعادة تصميم بوابة “إدارتي” لتُصبح منصة رقمية موحدة وسهلة الولوج، إذ يتم حاليا الاشتغال على ملاءمة جميع هذه الخدمات مع الإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، وكذا مع معايير حماية أمن نظم المعلومات، بحسب الجواب الكتابي.
وتشير الوزيرة إلى أنه “يتم العمل، وفق مقاربة تشاركية، على تطوير وإغناء المنصة الوطنية للتبادل البيني والإعداد لإطلاق مشروع تصميم منصة الحساب الرقمي، وذلك من أجل تسهيل تبادل البيانات بين الإدارات وتمكين المرتفقين من الولوج والاضطلاع عليها بغاية تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ورفع فعالية الإدارة”.
وفي السياق ذاته، تعمل الوزارة، بحسب الفلاح، على إعداد الإطار المرجعي لقياس نضج سجلات البيانات الإدارية لتسريع تنزيل ورش تبادل البيانات ومواكبة الإدارات على اعتماده وتحديد الإجراءات اللازمة لتطوير سجلاتها، بالإضافة إلى إصدار مجموعة من الدعامات المنهجية كدليل تبسيط المسارات والتحضير لرقمنتها ودليل إدارة التغيير، ودليل الاستماع للمرتفقين.
وتحرص الوزارة على توفير الدعم والمواكبة للإدارات من أجل تطوير مشاريع التحول الرقمي، وإرساء بيئة ملائمة للإدارة الإلكترونية، عبر إغناء الجانب القانوني والتنظيمي، حيث عملت بتنسيق مع مختلف الشركاء على إعداد مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية، من بينها مشروع قانون بشأن رقمنة الخدمات الإدارية ومشروع مرسوم بشأن التبادل الإلكتروني بين الإدارات للوثائق والمستندات الإدارية، ومشروع مرسوم حول المعطيات العمومية المفتوحة.
وبخصوص محور الاقتصاد الرقمي، توضح الوزيرة أن “قطاع ترحيل الخدمات”، يُعد من الركائز الأساسية للنمو الرقمي في المغرب، حيث يشهد دينامية قوية بفضل رؤية استباقية ترتكز على تطوير بيئة تنافسية محفزة للاستثمار وتعزيز مكانة المملكة كوجهة مفضلة في هذا المجال على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك من خلال تطوير قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، وكذا تعزيز الانفتاح الدولي عبر استقطاب استثمارات استراتيجية من شركات عالمية كبرى”.
وأبرزت المسؤولة عن قطاع إصلاح الإدارة، أن هذه المقاربة أسفرت عن نتائج ملموسة، أبرزها توقيع 34 مذكرة تفاهم واتفاقية استثمارية مع شركات عالمية مرموقة، باستثمارات تفوق 2.5 مليار درهم، وخلق أكثر من 22550 فرصة عمل مباشرة في مختلف جهات المملكة، إلى جانب تسجيل رقم معاملات غير مسبوق في صادرات ترحيل الخدمات والحلول الرقمية بلغ 26.219 مليار درهم برسم سنة 2024، حيث تجاوز الهدف المرحلي المحدد في إطار الاستراتيجية بحلول 2026، والذي تم تحديده في 25 مليار درهم.
وضمن نتائج هذه المقاربة أيضا، خلق أزيد من إلى 148.500 ألف وظيفة مباشرة مستقرة في القطاع إلى حدود سنة 2024، مما يعزز مساهمة القطاع في الحد من البطالة وتعزيز الإدماج المهني في الاقتصاد الرقمي، وإحداث مناطق متكاملة مخصصة لترحيل الخدمات مزوّدة ببنية تحتية رقمية متطورة وخدمات لوجستية عالية الجودة، تستوفي المعايير الدولية وتوفر بيئة عمل تحفيزية وآمنة للشركات العالمية، تضيف الوزيرة.
وأسفرت هذه المقاربة، بحسب ما ورد في الجواب الكتابي ذاته، عن اعتماد نظام تحفيزي يشمل تخفيضات هامة على الضرائب المفروضة على الشركات والدخل، وتطوير منصة رقمية موحدة Morocco 2 Outsource لتيسير ولوج المستثمرين إلى خدمات ترحيل الخدمات وتدبير ملفات الاستفادة من الإجراءات التحفيزية، إضافة إلى المساهمة في حملات ترويجية بالخارج تبرز استقرار المغرب السياسي والاقتصادي، وتسلط الضوء على قدرته التنافسية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي.
وعلى مستوى قطاع المقاولات الناشئة، شددت الوزيرة على أن الحكومة تحرص على تطوير الاقتصاد الرقمي من خلال احتضان ومواكبة المقاولات الناشئة، وتشجيع القطاعين العام والخاص على اعتماد التحول الرقمي، وتطوير التواصل حول ريادة الأعمال والتجارب الناجحة، بهدف تعزيز منظومة المقاولات الناشئة المبتكرة على الصعيد الجهوي والدولي، إذ قامت الوزارة بتفعيل العرض الوطني لمواكبة ودعم الشركات الناشئة (“startup venture building “vp) من خلال التوقيع على اتفاقية شراكة مع صندوق الإيداع والتدبير ومؤسسة “تمويلكم”، بهدف انتقاء فاعلين وطنيين ودوليين في مجال تطوير الأعمال (حاضنات ومسرعات من أجل تطوير برامج ذات جودة عالية تتكيف مع السوق المغربية، ومواكبة وتأطير الشركات الناشئة وتدبير وتوزيع الدعم المخصص لها.
وقامت الوزارة بتفعيل عرض رأس المال المجازف/المخاطر (VENTURE CAPITAL VC) أيضا، من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم مع كل من صندوق محمد السادس للاستثمار وصندوق الإيداع والتدبير، التي تهم إطلاق آليات مبتكرة لصناديق تمويل الشركات الناشئة، وانتقاء شركات التدبير الهادفة لإحداث وتدبير الصناديق المخصصة للشركات الناشئة، بحسب الجواب الكتابي.
وفي إطار مقاربة شاملة، لفتت الفلاح إلى أنه “تمت صياغة خطة عمل جديدة ستمكن مجمعات “التيكنوبارك”، المتواجدة حاليا بخمس مدن مغربية، من تجويد برامج المواكبة للشركات الناشئة، لا من حيث الكيف ولا من حيث التغطية الجغرافية من خلال تعزيز القدرة على مواكبة الشركات الناشئة من أجل تسهيل ولوجها للتمويلات والأسواق الوطنية والدولية وتطوير المنتوج والابتكار، وتوسيع التغطية الجغرافية للتكنوبارك من أربع جهات حاليا اإلى سبع جهات في مرحلة أولى في أفق سنة 2026، وذلك في إطار تقريب مواكبة الابتكار في مختلف جهات المملكة.
وتطرقت الوزيرة في سياق تقديمها تفاصيل بشأن “رقمنة الخدمات العمومية وتطوير الاقتصاد الرقمي” إلى التوقيع على اتفاقية مع الشركة المغربية لتكنولوجيا المعلومات “تكنوبارك”، تتعلق بتنفيذ برامج المواكبة للشركات الناشئة، وذلك عبر وضع أربعة برامج دعم تتراوح مدتها ما بين 6 و12 شهرا، وتشمل جميع مراحل دورة حياة الشركات الناشئة ما قبل الحضانة (الحضانة التطوير والتسريع)، بهدف تحقيق استفادة 1360 مستفيدا بحلول سنة 2026، موزعين على سبع جهات بالمملكة.
وتشير المسؤولة ذاتها في جوابها الكتابي إلى إطلاق “مبادرة المغرب 200″، تهدف إلى دعم وتشجيع الشركات المغربية الناشئة من خلال المشاركة في فعالية النسخة الثالثة من معرض “جيتكس إفريقيا – المغرب”، والتي تكفلت الوزارة بـ95% من مصاريف مشاركة 200 شركة ناشئة مغربية، إذ دأبت الوزارة على هذه المبادرة خلال معارض جيتكس إفريقيا، بعدما استفادت 100 شركة من هذا الدعم في النسخة الأولى، و200 في النسخة الثانية.
ولمواكبة توجه الحكومة في تسريع ورش التحول الرقمي بالمملكة، وخلق فرص الشغل، تشدد على أنه يتم العمل على توفير المواهب الرقمية من حيث العدد والمهارات وذلك من خلال إطلاق برنامج وطني لتعزيز الكفاءات الرقمية على مستوى مختلف الجامعات المغربية، ودعم الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراة في المجال الرقمي، وكذا تطوير المهارات وإعادة تأهيلها من خلال برامج تكوينات مكثفة وإحداث مدارس البرمجة في مختلف جهات المملكة.
وأكدت أمل الفلاح التزام الحكومة الراسخ بمواصلة جهودها في رقمنة الخدمات العمومية وتطوير الاقتصاد الرقمي، باعتباره خيارا استراتيجيا يهدف إلى تعزيز التنافسية، وتحفيز الابتكار، وخلق فرص جديدة للشغل، بما يواكب التحولات الرقمية المتسارعة على الصعيدين الوطني والدولي.