تراهن الحكومة، من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2026، على استكمال الأوراش المرتبطة بالسياسة المائية وإعطاء التدبير الاستباقي والمستدام للموارد المائية الأولوية، تنفيذا للتوجيهات الملكية، معولة على “الدستور المالي” للسنة المقبلة لتعزيز القدرات التخزينية للسدود ومواصلة تسريع إنجاز مشاريع تحلية ماء البحر.
وأورد رئيس الحكومة، في منشور موجه لوزراء وأعضاء الحكومة، أنه تنفيذا للتعليمات الملكية، يشكل التدبير الاستباقي والمستدام للموارد المائية أحد أهم أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2026، حيث إنه وبعد توالي عدة سنوات من الجفاف والضغط على الموارد الطبيعية، انخرطت بلادنا في سياسة طموحة من أجل ضمان ولوج مستدام للماء.
وهكذا ستعرف سنة 2026، حسب المنشور الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، تعزيز قدرات التخزين الوطنية من خلال سدي بني عزيمان وسيدي عبو، ليساهما بذلك في ضمان تزويد المناطق المعنية بحاجياتها من المياه، لافتاً إلى أنه في نفس الوقت يتواصل تنفيذ مشاريع الربط المائي بين الأحواض المائية لتحقيق التوازن بين الأحواض التي تعرف فائضا وتلك التي تعرف خصاصا بشكل يضمن التوزيع الترابي الأمثل في توزيع هذه الموارد.
وبموازاة ذلك، تواصل الوثيقة عينها، أنه سيتواصل العمل على تفعيل خارطة الطريق الوطنية لتحلية مياه البحر، بهدف بلوغ طاقة إنتاجية تتجاوز 1.7 مليار متر مكعب سنويا في أفق سنة 2030 أي مضاعفة القدرة الحالية بخمس مرات، لتلبية أكثر من نصف الحاجيات الوطنية من الماء الشروب وسقي الأراضي الفلاحية ذات الأهمية الاستراتيجية.
وفي نفس السياق، أورد أخنوش أن مشروع محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء الكبرى يمثل ورشا استراتيجيا بطاقة تصل إلى 300 مليون متر مكعب سنويا في أفق سنة 2028، حيث ستدخل هذه المحطة أولى مراحل تشغيلها بطاقة تصل إلى 200 مليون متر مكعب، وذلك قبل متم سنة 2026، مؤكداً تعزيز هذه الدينامية من خلال برنامج طموح لإنجاز ثماني محطات إضافية لتحلية المياه، وذلك بطاقة إجمالية تفوق 1.2 مليار متر مكعب سنويا في أفق سنة 2031.
وسجل رئيس الحكومة أن هذه المشاريع الاستراتيجية تتوزع على الجهات الساحلية الكبرى بكل من جهة الشرق (300 مليون متر مكعب/ سنة) وطنجة (150 مليون متر مكعب/ سنة) وسوس ماسة (350 مليون متر مكعب/ سنة) موازاة مع توسعة محطة تحلية مياه اشتوكة ايت باها (46 مليون متر مكعب/ سنة). إضافة إلى مشاريع محطات كل من الرباط (300 مليون متر كعب سنة)، وكلميم (49.6 مليون متر مكعب/ سنة)، وطانطان (47.2 مليون متر مكعب/ سنة) والصويرة (128 مليون متر مكعب/ سنة)، مع بدء أولى عمليات الاستغلال نهاية سنة 2028.
وتشكل هذه الاستراتيجية المائية، وفق منشور رئيس الحكومة الخاص بالتوجهات العامة لمشروع قانون المالية 2026، رافعة أساسية للسيادة الغذائية وتنافسية القطاع الفلاحي، مشيراً إلى أنه سيتم تخصيص جزء مهم من المياه المنتجة عبر محطات التحلية للسقي ضمن المخطط الوطني لتحسين نجاعة استعمال الماء في الري.
وفي هذا الإطار، أوضح أخنوش أنه سيتم التخطيط لإنجاز خمسة مشاريع كبرى مرتبطة بمحطات التحلية في كل من جهة الشرق وسوس ماسة والدار البيضاء وكلميم وطانطان بحجم مياه مخصص يتراوح بين 50 و250 مليون متر مكعبٍ سنويًا حسب المناطق.
وأبرزت الوثيقة عينها أن هذه الاستثمارات تهدف إلى تقوية المساحات المسقية الحالية ودعم توسيع المساحات الفلاحية الجديدة عبر شبكات مهيكلة للتوزيع والتزويد، لافتةً إلى أنه مشروع التهيئة الهيدروفلاحية لسهل سايس (30 ألف هكتار) ومشروع التهيئة الهيدروفلاحية للمنطقة الجنوبية الشرقية من سهل الغرب (30 ألف هكتار) بكلفة إجمالية تقدر بـ7 ملايير درهم لكل منهما يعتبر من أهم المشاريع المبرمجة.
ومن خلال هذا التكامل بين السياسة المائية والاستراتيجية الفلاحية، يوكد رئيس الحكومة أن المملكة “تجسد اختيارها لنموذج مرن ومندمج قائم على استدامة الموارد وترشيد استخدامها، وإنتاج القيمة على المستوى الترابي”.