“الشاباص” إدارة السجون ومراكز الاعتقال في إسرائيل | الموسوعة

هيئة أُنشئت عام 1949، مهمتها الإشراف على السجون الإسرائيلية. يقع مقرها الرئيسي في مدينة الرملة، وهي مسؤولة عن 33 سجنا ومركز اعتقال منتشرة في أنحاء إسرائيل، وتضم آلاف السجناء، من بينها نحو 20 معتقلا يقبع فيها أسرى فلسطينيون، والبقية خصصت للمعتقلين الجنائيين الإسرائيليين.

نشأة وتأسيس الشاباص

تعود الجذور التنظيمية لإدارة السجون الإسرائيلية إلى الحقبة الاستعمارية البريطانية؛ إذ أصدرت سلطات الانتداب البريطاني على فلسطين، في 6 يوليو/تموز 1921، ثلاثة قوانين لتنظيم عمل السجون، أبرزها قانون عام 1946، الذي نص على إنشاء هيئة خاصة لإدارة السجون وتنظيم شؤونها.

ومع انتهاء الانتداب البريطاني عام 1948، انتقلت سيطرة البُنى التحتية للسجون إلى العصابات الصهيونية المسلحة، التي استخدمتها لاعتقال آلاف الفلسطينيين عبر عمليات التهجير والمجازر التي رافقت احتلال الأراضي الفلسطينية.

ونظرا لقلة المرافق العقابية الرسمية، احتجز المعتقلون الفلسطينيون في معسكرات جماعية مؤقتة محاطة بالأسلاك الشائكة، وكذلك في مراكز الشرطة، وتعرضوا لشتى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك التجويع والإعدامات التعسفية دون محاكمة.

وأشار المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه في كتابه “التطهير العرقي في فلسطين” إلى أن هذه المعتقلات ضمّت نحو 9 آلاف فلسطيني، معظمهم من الفئة العمرية بين 10 و50 عاما.

في مرحلة لاحقة، أنشأت السلطات الإسرائيلية جهازا للشرطة تولّى في بداياته الإشراف على إدارة السجون، وكان يتبع مباشرة المفتش العام للشرطة والسجون.

إلا أن نقطة التحول المؤسسي جاءت في الأول من يناير/كانون الثاني 1949، حين أصدر بيخور شيطريت، وزير الشرطة الإسرائيلية آنذاك، قرارا بفصل إدارة السجون عن جهاز الشرطة، وتأسيس “مصلحة السجون الإسرائيلية”، وتم تعيين جرو جيرا أول مفوض عام لها، على أن تتبع إداريا لوزارة الداخلية الإسرائيلية.

وكان سجن تلموند أول منشأة رسمية أشرفت عليها “الشاباص” في العام نفسه، كما أغلقت السجون المؤقتة مثل إجليل وعتليت وصرفند وأم خالد، ونُقل إليها كذلك الإشراف على بعض السجون التابعة للجيش.

في العقود التالية، ومع تصاعد عمليات الاعتقال بحق الفلسطينيين أنشأت إسرائيل مزيدا من السجون لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المعتقلين، مما رسّخ دور “الشاباص” باعتباره مؤسسة مركزية في منظومة الاحتلال الأمنية والقمعية.

محطات تاريخية

بدأت إسرائيل في تأسيس سجون جديدة عام 1951، بعد تقادم سجن “شطة”، الذي يعود إلى الحقبة العثمانية، وكان قد استخدمه الجيش البريطاني في فترة الانتداب. وشملت الخطوة أيضا تخصيص جناح خاص بالسجينات في سجن الرملة.

إعلان

وبين عامي 1951 و1966، لم تُنشأ سجون جديدة، واكتفت إسرائيل بفرض نظام الحكم العسكري على القرى الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، محولة إياها إلى “معسكرات اعتقال مفتوحة”، ولم يُسمح للسكان بمغادرتها إلا بإذن من الحاكم العسكري.

في 31 يوليو/تموز 1958، شهد سجن شطة أول تمرد داخل السجون الإسرائيلية، أسفر عن مقتل 11 معتقلا واثنين من الحراس، وتمكن 66 أسيرا من الفرار.

وعلى إثر ذلك أُنشئت لجنة تحقيق انتهت إلى تحميل إدارة السجن مسؤولية الإهمال الأمني، ما أدى إلى استقالة المفوض العام تسفي هيرمون وتعيين أرييه نير خلفا له.

اتخذ المفوض الجديد عددا من الإجراءات، شملت تعزيز الأمن عبر بناء جدران وأبراج مراقبة وغرف تحكم، إلى جانب تدريب طواقم أمنية محترفة. كما أُعيد تنظيم الهيكل الإداري، وتم تعيين مديرين جدد لأقسام التنظيم والأمن والتأهيل.

مع اندلاع حرب 1967 وازدياد أعداد المعتقلين الفلسطينيين، استعانت مصلحة السجون بالجيش الإسرائيلي لإنشاء معتقلات مؤقتة، من ضمنها القصيمة ووادي موسى وسانت كاترين، لكنه أغلقها بعد عامين.

واستجابة لتصاعد المقاومة الفلسطينية، أنشأت إسرائيل سجونا جديدة، من ضمنها سجن عسقلان وسجن بئر السبع، لقمع النشطاء والقضاء على المقاومة.

في 1968، أسس المفوض نير مدرسة لتأهيل حراس السجون، تضم فصولا دراسية ومرافق تدريبية، كما افتُتح سجن “نيف تيرزا” وأصبح أول سجن خاص بالنساء في إسرائيل.

وفي سبعينيات القرن الـ20، أدت أوضاع الاكتظاظ وسوء المعيشة داخل السجون إلى زيادة محاولات الهروب، أبرزها في 8 يناير/كانون الثاني 1979، عندما فر 8 سجناء من السجن المركزي في الرملة.

على إثر ذلك، شُكلت لجنة تحقيق برئاسة القاضي مردخاي كينيث، وأصدرت تقريرا في مايو/أيار 1981، سلّط الضوء على التقصير الإداري وظروف الاعتقال السيئة، لكن توصياتها لم تُنفذ.

ومع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، أنشأت إسرائيل سلسلة من السجون والمعتقلات في الضفة الغربية وقطاع غزة، من بينها سجون جنين ونابلس ورام الله وغزة المركزي، إلى جانب معتقلات منها الفارعة والظاهرية وعَناتا. غير أن معظم هذه المنشآت أُغلقت بعد اتفاق أوسلو عام 1993، وسُلّم ما تبقى منها إلى السلطة الفلسطينية.

عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ارتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين مجددا، ما دفع إسرائيل لإعادة افتتاح سجن الدامون، وتحويل أقسام من السجون الجنائية الإسرائيلية لاستخدامها في احتجاز الأسرى الفلسطينيين. كما أنشأت لاحقا مجمع سجون “ريمونيم” عام 2004، والذي يضم سجون “أوفيك”، و”هشارون”، و”هداريم”.

في العام ذاته، أقرّ الكنيست تعديلا على قانون السجون يسمح بخصخصتها، إلا أن المحكمة العليا ألغته نهائيا عام 2009، معتبرة الخصخصة مخالفة للمعايير القانونية والأخلاقية.

وقد تراكمت التحذيرات من المؤسسات الرقابية، ونشر مراقب الدولة عام 2004 تقريرا وصف فيه أوضاع السجون بأنها “لا تفي بالمعايير المقبولة”، محذرا من الاكتظاظ، وسوء المرافق، والنقص في الأسرة، وتردي الظروف الصحية.

عام 2007، انتقلت إدارة سجون مثل مجدو وعوفر من الجيش إلى مصلحة السجون، ما جعلها الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة كافة السجون في إسرائيل.

إعلان

وفي ديسمبر/كانون الأول 2010، لقي 40 سجانا مصرعهم بعد انقلاب حافلتهم أثناء إخلاء سجن الدامون، إثر تمدد حرائق الكرمل إلى محيط السجن. وقد أُغلق سجن الكرمل لاحقا، إلى جانب سجن صرفند الذي أُغلق عام 2015 وحُول إلى منطقة سكنية.

في 6 سبتمبر/أيلول 2021، وقعت حادثة هروب مثيرة من سجن جلبوع، إذ تمكن 6 أسرى فلسطينيين من الفرار عبر نفق حفروه يدويا، ما أثار عاصفة من الانتقادات حول كفاءة الإجراءات الأمنية في السجون الإسرائيلية.

أما في أعقاب عدوان 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد شهدت السجون الإسرائيلية اكتظاظا غير مسبوق نتيجة الاعتقالات المكثفة في غزة والضفة، وردا على ذلك، أنشأ الجيش مراكز اعتقال جديدة في محيط غزة، وحوّل قواعده العسكرية إلى منشآت احتجاز مؤقتة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الأسرى الفلسطينيين.

الهيكلية

تضم مصلحة السجون الإسرائيلية نحو 9 آلاف و500 موظف، تشكل النساء منهم ما يقارب 20%. وتخضع المصلحة لقيادة مفوض عام يحمل رتبة مقدّم، يرفع تقاريره مباشرة إلى وزير الأمن القومي الإسرائيلي.

وتنقسم المصلحة إلى عدد من الأقسام الرئيسية، أبرزها:

  • قسم التخطيط
  • الدعم اللوجيستي
  • التكنولوجيا
  • الإصلاح
  • الإشراف الطبي
  • الحاخامية العسكرية للسجون
  • قسم التوظيف
  • قسم العمليات
  • قسم الأمن والاستخبارات

وتشرف مصلحة السجون على عدد من الوحدات الخاصة أبرزها:

  • متسادا

تأسست عام 2000، وهي وحدة نخبة متخصصة في تحرير الرهائن، واعتقال الفارين من السجون، والتدخل السريع في حالات الاضطرابات داخل السجن.

  • نحشون

وهي القوة المركزية لمرافقة السجناء أثناء نقلهم، كما تتولى مهام حفظ الأمن وضبط النظام في جميع مرافق مصلحة السجون.

  • درور

وحدة استخباراتية متخصصة في جمع المعلومات لمنع تهريب المواد المحظورة، وعلى رأسها الهواتف المحمولة، إلى داخل السجون.

  • تسور

تأسست عام 2006 وتُعنى بمراقبة حياة الأسرى الجنائيين داخل السجون.

  • تيفل

أُنشئت في مايو/أيار 2022، في أعقاب عملية هروب 6 أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع، وتُعنى بمواجهة تهديد الهروب عبر الأنفاق.

انتهاكات ممنهجة بعد طوفان الأقصى

أكدت المؤسسات الخاصة بشؤون الأسرى أن مصلحة السجون الإسرائيلية تمارس انتهاكات مروعة بحق الأسرى الفلسطينيين، تصاعدت وتيرتها بشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ففي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شرعت مصلحة السجون في تطبيق إجراءات استثنائية بموجب قانون الطوارئ، استهدفت التضييق على الأسرى الفلسطينيين، عبر تقليص حقوقهم وتغيير أنماط التعامل داخل السجون.

بعد يومين أجرى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، تعديلا على “قانون أوامر مصلحة السجون”، أتاح له إعلان حالة طوارئ تسمح باحتجاز الأسرى دون توفير أسرّة للنوم، وتكديس أعداد كبيرة منهم في غرف ضيقة تفتقر إلى المعايير الإنسانية الأساسية.

كما منعت مصلحة السجون زيارة المحامين واللجنة الدولية للصليب الأحمر، كما لم تكشف عن أعداد الأسرى المحتجزين أو أوضاعهم الصحية والإنسانية.

ووفق ما وثقته المؤسسات الحقوقية، فإن الانتهاكات التي تمارسها مصلحة السجون تشمل التعذيب الجسدي والنفسي بكافة أشكاله، وسياسات التجويع والإذلال والحرمان من العلاج بما يرقى إلى الجرائم الطبية، والاعتداءات الجنسية.

وأكدت شهادات أسرى محررين، خصوصا من أبناء قطاع غزة، أنهم تعرضوا لأساليب تعذيب مروعة وصادمة، بعد اعتقالهم من مراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات وحتى من نقاط التفتيش.

أسفرت هذه السياسات عن استشهاد المئات من الأسرى داخل سجون الاحتلال نتيجة التعذيب والإهمال الطبي المتعمد. ويُذكر أن أول شهيد فلسطيني في هذا السياق كان نظمي النمس، الذي قضى نحبه عام 1967 تحت وطأة التعذيب.

أبرز السجون المركزية التي تشرف عليها مصلحة السجون الإسرائيلية

تدير مصلحة السجون الإسرائيلية قرابة 20 منشأة عقابية يحتجز فيها آلاف الأسرى الفلسطينيين في ظروف إنسانية صعبة، تتنافى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وفيما يلي أبرز هذه السجون:

إعلان

  • سجن عسقلان المركزي

استُخدم مقرا للجيش البريطاني ومركزا لاستقبال وفوده فترة الانتداب، وكذلك ألحق به البريطانيون قسما خاصا لتوقيف الثوار الفلسطينيين والتحقيق معهم.

ووضعت إسرائيل يدها عليه بعد احتلال فلسطين، وافتتحته سجنا عام 1970، إثر تصاعد المقاومة الفلسطينية وازدياد عدد المعتقلين الأمنيين، اشتُهر عند افتتاحه بما سُمي “التشريفة” إذ كان الأسرى يمرون من بوابة السجن حتى زنازينهم، بين صفين من الجنود ينهالون طوال الطريق على كامل أجساد الأسرى بهراواتهم.

يضم أقساما عدة، منها قسم لجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وهو مخصص للتحقيق مع الأسرى، وآخر يُسمى “قسم العار” ويضم المتعاونين مع الشاباك وإدارة السجن.

  • سجن نفحة

تأسس عام 1980 في صحراء النقب، ويضم مبنيين أحدهما بُني على الطراز الأميركي، وهو مخصص للمعتقلين الجنائيين وتجار المخدرات، والآخر يُستخدم لاحتجاز القيادات الفلسطينية تحت ظروف أمنية مشددة تشمل العزل والتنكيل.

  • سجن شطة

يقع في سهل بيسان جنوب بحيرة طبريا، ويحيط به سور بارتفاع 7 أمتار تعلوه أسلاك شائكة و6 أبراج مراقبة. يُستخدم لاحتجاز أسرى فلسطينيين من القدس ومناطق 1948 والجولان، إلى جانب عدد من الجنائيين الإسرائيليين.

  • سجن مجدو

أُنشئ في مرج بني عامر شمال إسرائيل، وافتتح لاحتجاز الفلسطينيين الأمنيين عام 1988 بعد اندلاع الانتفاضة الأولى. نُقلت إدارته من الجيش إلى مصلحة السجون عام 2003.

  • سجن عوفر

بُني في فترة الانتداب البريطاني قرب رام الله، وحوّلته إسرائيل إلى معتقل خيام خلال عملية “السور الواقي” عام 2002. تولت مصلحة السجون الإسرائيلية إدارته عام 2005، وحلت مكان الخيام تدريجيا مبان ثابتة.

  • سجن الدامون

يقع في أحراش الكرمل قرب حيفا، وكان مستودعا بريطانيا فترة الانتداب، ثم تحول إلى سجن عام 2000 أثناء الانتفاضة الثانية لاحتجاز الأسرى الفلسطينيين.

  • معتقل سدي تيمان

يقع في صحراء النقب شمال بئر السبع، ويُعرف بـ”معتقل حروب غزة”، لاحتجاز أسرى القطاع فيه أثناء الحروب. ويضم أكواخا من الصفيح والزنك، ويُحتجز فيه الأسرى الغزيون دون مقومات الحياة الأساسية، وتمارس ضدهم صنوف العنف والإذلال، بما في ذلك القتل والتعذيب والاعتداءات الجنسية.

  • السجن السري رقم 1391

سجن سري تتكتم إسرائيل على وجوده، ولا تقدم بيانات رسمية متعلقة به، وتضع مكانه في الخرائط الجوية حقولا وتلالا، وذكرت الصحافة الإسرائيلية أن هذا السجن محاط بحراسة مشددة وأسوار مرتفعة وبرجي مراقبة وأبواب إلكترونية، كما يُمنع دخول منظمات حقوق الإنسان أو المؤسسات الدولية إليه.

  • سجن جلبوع

افتتح عام 2004 شمالي إسرائيل، ويُعد من أكثر السجون تحصينا. يُحتجز فيه أسرى فلسطينيون تعتبرهم إسرائيل من “الأخطر أمنيا”، وذاع صيته بعد نجاح 6 أسرى في انتزاع حريتهم منه عام 2021 في عملية هروب نوعية.

عن شريف الشرايبي

Check Also

دعاء يوم الجمعة مكتوب وقصير.. يزيل الهم ويكشف البلوى

دعاء يوم الجمعة ووقت ساعة الإجابة.. اختلف العلماء في هذه الساعة ووقتها، على أقوال كثيرة …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *