أيمن عودة أحد أبرز الوجوه السياسية لفلسطينيي 48 | الموسوعة

محام وسياسي فلسطيني من أبناء الداخل المحتل (فلسطينيي 48). يشغل عضوية الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) ويرأس تحالف “الجبهة العربية للتغيير”. اشتهر بمواقفه المنددة بسياسات الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما أثناء حرب الإبادة التي شنها ضد قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقد جعلته مواقفه هذه عرضة لحملة انتقادات واسعة من قِبل أوساط إسرائيلية، ومحاولات متكررة لعزله من الكنيست.

المولد والنشأة

ولد أيمن عادل عودة في الأول من يناير/كانون الثاني 1975 في حي الكبابير (شمال مدينة حيفا) في فلسطين المحتلة، لأسرة فلسطينية مسلمة. وكان والده عامل بناء ووالدته ربة منزل.

وهو يتقن 4 لغات ويتحدثها بطلاقة: العربية والعبرية والإنجليزية والرومانية.

وعام 2005، تزوج من الطبيبة والناشطة السياسية نردين عاصلة، وله منها 3 أبناء.

عودة أثناء مشاركته بمظاهرة أمام الكنيست قبيل التصويت على قرار طرده منه في يوليو/تموز 2025 (الفرنسية)

الدراسة والتكوين

أنهى عودة تعليمه الأساسي في مدرسة مسيحية بمدينة حيفا، وأصبح أثناء المرحلة الثانوية ناشطا بارزا، وانتُخب رئيسا لمجلس طلبة المدرسة، مما جعله عرضة لملاحقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) بسبب نشاطه السياسي المبكر.

والتحق فيما بعد بجامعة “ميهاي إمينسكو” في رومانيا، ونال درجة البكالوريوس في القانون عام 1997، وشارك أثناء سنوات دراسته في مسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني ومناهضة للاحتلال الإسرائيلي.

وعقب عودته إلى إسرائيل، بدأ عودة ممارسة مهنة المحاماة، وحصل عام 2001 على رخصة رسمية لمزاولة القانون.

التجربة السياسية

شغل عودة بين عامي 1998 و2003 عضوية المجلس البلدي بمدينة حيفا ممثلا عن كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي يُعد الحزب الشيوعي الإسرائيلي عمودها الفقري. وفي تلك الفترة برز مدافعا صلبا عن حقوق المواطنين العرب (الفلسطينيين) والطبقات المهمشة.

وأسس عودة أثناء توليه عضوية المجلس حركة شبابية تابعة للجبهة (حداش) ونشط في تعزيز الهوية الوطنية والثقافية لفلسطينيي الداخل المحتل. واعتقلته الشرطة الإسرائيلية مرات عدة بسبب نشاطه السياسي، وواجه مضايقات متكررة من قبل نشطاء إسرائيليين.

ومن أبرز مبادراته في تلك المرحلة، إطلاق أسماء عربية على شوارع عدد من القرى والمدن الفلسطينية داخل الخط الأخضر، إلى جانب دعوته لإنشاء صندوق قومي للفلسطينيين في إسرائيل، على غرار “الصندوق القومي اليهودي”.

وفي الفترة بين 2003 و2006، تولى إدارة المشاريع في جمعية “سيكوي” المعنية بتعزيز المساواة بين الفلسطينيين واليهود داخل إسرائيل، كما شغل عضوية الهيئة الإدارية لمتحف محمود درويش وتراثه.

epa04644809 Ayman Odeh, leader of Hadash party and running for the United Arab List in 17 March Knesset elections, meets with journalists in Nazareth, Israel, 02 March 2015. Opinion polls suggest their United List would be the third largest party in the 120-seat Knesset with 12 seats, outstripping ultra-nationalist Avigdor Lieberman, whose Israel Beiteinu party initiated the higher threshold and is projected to win six seats. EPA
عودة انتُخب عام 2006 أمينا عاما للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (الأوروبية)

وعام 2006، انتُخب أمينا عاما للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ثم تولى عام 2010 رئاسة لجنة مناهضة الخدمة المدنية المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل.

وخاض عودة أولى محاولاته للترشح إلى الكنيست بانتخابات عام 2009، لكنه جاء في المرتبة 75 على قائمة الحزب، ثم حلّ سادسا بانتخابات 2013 دون أن ينجح في دخول الكنيست.

وشهد عام 2015 نقطة تحول في مسيرته، إذ انتُخب رئيسا للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وقاد لاحقا “القائمة العربية المشتركة” بانتخابات الكنيست الـ20، وفاز بمقعد برلماني. واستمر في رئاسة القائمة حتى عام 2022، وأصبح أحد أبرز الوجوه السياسية لفلسطينيي الداخل.

مواقف سياسية بارزة

اشتهر عودة بجرأته في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، لا سيما أبناء الداخل الفلسطيني (فلسطينيي 48) وتبنّى مواقف حاسمة في مواجهة سياسات التمييز، ورفض بشكل قاطع تجنيد الفلسطينيين في الجيش الإسرائيلي أو إدماجهم فيما يُعرف بـ”الخدمة المدنية البديلة”.

وبموازاة ذلك، كان من الداعين إلى تعزيز الشراكة السياسية والاجتماعية بين الفلسطينيين واليهود الديمقراطيين، في إطار رؤية تستند إلى العدالة والمساواة. كما طالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة.

Israeli-Arab lawmakers from the Joint List of Arab parties (from L to R) lawyer Osama Saadi, Knesset member Ahmad Tibi, leader of the joint list of Arab parties Ayman Odeh, and political leaders Masud Ghanayem, Youssef Jabarin and Basel Ghattas pose for a photo in front of the Dome of the Rock at the Al-Aqsa Mosque compound, Islams third holiest site, in the Old City of Jerusalem on July 28, 2015. AFP PHOTO / AHMAD GHARABLI
عودة (الرابع من اليمين) مع النواب الفلسطينيين بالكنيست “القائمة المشتركة للأحزاب العربية” (غيتي)

وعام 2009، انتقل للإقامة في منطقة النقب المحتل مدة شهر كامل، تضامنا مع سكانها في وجه سياسات التهجير والاقتلاع التي تمارسها السلطات الإسرائيلية.

وأثناء تلك الفترة زار جميع القرى “غير المعترف بها” وعلى رأسها قرية العراقيب، وكان حضوره الميداني في هذه القرى سببا في اعتقاله مرارا، على خلفية مشاركته في التصدي لعمليات الهدم.

وعام 2023، عارض عودة حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة بعد عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

هجوم إسرائيلي

منذ دخوله الكنيست عام 2015، واجه عودة حملة تحريض وتهجم متواصلة من قبل عدد من السياسيين الإسرائيليين، وكان أبرزهم زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان.

وفي مارس/آذار من العام نفسه، هاجمه ليبرمان علنا بقوله “أنت مواطن فلسطيني، وغير مرحّب بك في إسرائيل” ليردّ عليه عودة بعبارة لاقت صدى واسعا “أنا جزء من الطبيعة، من البيئة، من المناظر الطبيعية، وُلدت هنا، بينما أنت جئت مهاجرا من الاتحاد السوفياتي”.

وفي 11 فبراير/شباط 2016، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية ناشطا يمينيا متطرفا بعد أن وجّه تهديدات بالقتل لعودة، على خلفية مواقفه السياسية المؤيدة للقضية الفلسطينية التي عبّر عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي 18 يناير/كانون الثاني 2017، أصيب عودة بجروح طفيفة أثناء اقتحام الشرطة الإسرائيلية قرية أم الحيران في النقب المحتل.

وفي 20 مايو/أيار 2018، عاد ليبرمان لمهاجمته مجددا بعد مشاركته في مظاهرة تضامنية مع غزة. وفي السياق نفسه، قدّمت الشرطة الإسرائيلية شكوى رسمية ضد عودة على خلفية زيارة أجراها إلى جعفر فرح مدير مركز “مساواة” في مستشفى “بني تسيون” بمدينة حيفا.

وزعمت الشرطة أن عودة رفض الانصياع لتعليمات عناصرها وشتمهم، وأظهره مقطع فيديو يصف أحدهم بـ”عديم القيمة”. ومن جهتها، أكدت القائمة المشتركة أن أفراد الشرطة تجاهلوا الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها عودة، وتصرفوا معه بـ”فظاظة”.

وفي 19 يوليو/تموز 2025، تعرّض عودة لهجوم مباشر أثناء وجوده داخل سيارته حينما أقدمت مجموعة من المستوطنين على مهاجمة مركبته بالعصي والحجارة.

وعقب الحادث، كتب عودة على مواقع التواصل “الشرطة تواطأت كليا مع الفاشيين الذين لاحقوني، ولم تحرّك ساكنا لحمايتي”.

محاولات عزله من الكنيست

في 31 مايو/أيار 2025، شارك النائب عودة في مظاهرة حاشدة بمدينة حيفا نظمها ائتلاف “شراكة السلام” احتجاجا على حرب الإبادة في قطاع غزة. وأثناء كلمته أمام الحشود، صرّح بأن “غزة ستنتصر” مما أثار موجة هجوم إسرائيلية واسعة.

وبعد 5 أيام فقط، بادر عضو الكنيست عن حزب “الليكود” أفيخاي بؤرون بتقديم عريضة تطالب بعزل عودة من الكنيست، وقد حملت توقيع 70 نائبا.

واستندت العريضة إلى قانون يسمح بعزل أعضاء الكنيست في حال ارتكابهم “تحريضا على العنصرية” أو “دعما لمعارضة مسلحة ضد دولة إسرائيل” مشيرة أيضا إلى منشور لعودة على مواقع التواصل في يناير/كانون الثاني 2025 أدان فيه الاحتلال.

عودة زعيم القائمة المشتركة وحزب حداش يدلي بصوته بانتخابات عام 2021 (الفرنسية)

وفي تعقيبه على الحملة، أكد عودة أن تصريحاته “تمثل الضمير الإنساني العميق” مشددا على أنه يحظى بتأييد “الغالبية الساحقة من شعوب العالم”.

وفي 24 يونيو/حزيران 2025، افتتحت مداولات لجنة خاصة شكّلت للنظر في إقصاء عودة من الكنيست. وأثناء الجلسة، شنّ النائب أوفير كاتس من حزب الليكود هجوما حادا عليه، واصفا إياه بأنه “الجبهة الثامنة لدولة إسرائيل” وقال “بينما يقاتل الجنود على 7 جبهات، علينا تطهير الجبهة الثامنة”.

وفي السياق ذاته، أعاد ليبرمان هجومه على عودة، قائلا إن مكانه ليس في الكنيست بل “في برلمان حماس أو مع الحوثيين”.

وفي المقابل، حظي عودة بدعم دولي ومحلي لافت. ففي 13 يونيو/حزيران 2025، كتب عضو الكونغرس الأميركي بيرني ساندرز عبر منصة إكس “أنا وزملائي ندين بشدة الجهود الرامية لطرد أيمن عودة من الكنيست، وهي خطوة تستهدف دعواته الشجاعة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة”.

وقد ردّ عودة في اليوم التالي “شكرا لك، صديقي العزيز بيرني، على قيمنا المشتركة”.

كما وقّع أكثر من 150 أكاديميا من كليات الحقوق والعلوم السياسية بالجامعات والكليات الإسرائيلية عريضة موجهة لرؤساء المعارضة، ترفض محاولات عزله. وبالتوازي، نُظمت مظاهرة حاشدة أمام الكنيست، دعما لعودته ورفضا لما اعتُبر تكميما للأصوات السياسية المناهضة للحرب.

وفي 30 يونيو/حزيران، تمكّن داعمو قانون العزل من تمرير مسودته باللجنة المختصة، وأُقرّ بأغلبية 14 صوتا مقابل صوتين عربيين معارضين. وقد أيدته كتل برلمانية بارزة منها “يوجد مستقبل”، و”معسكر الدولة”، و”إسرائيل بيتنا”.

غير أن القانون أخفق في الوصول إلى النصاب القانوني داخل الجلسة العامة للكنيست بعد أسبوعين، ولم يتمكن المبادرون من حشد الأصوات التسعين المطلوبة من أصل 120 عضوًا، مما أفشل مساعي عزل عودة.

وعقب هذا الإخفاق، أصدر عودة بيانا قال فيه “بفخر كبير، يمكنني أن أقول: الفاشيون فشلوا. لقد فشلوا لسبب واحد: أنتم، الشعب. حاولوا إسكاتنا، لكن أصواتنا كانت أعلى”.

وأضاف “لا خيار أمامنا سوى الثبات على مواقفنا. هكذا فقط نحمي حقّا انتزعه شعبنا بنضال طويل: توسيع مساحة حرية التعبير. مواقفنا وطنية وإنسانية، أما مواقفهم فعنصرية وفاشية”.

وفي المقابل، واصل معسكر اليمين التحريض على عودة، فقد غرّد وزير التراث عميحاي إلياهو قائلا “حتى لو لم ننجح اليوم في إزاحة الإرهابي الذي يرتدي بدلة، فإننا لا نزال نتقدم نحو النصر”.

المؤلفات

أصدر عودة عام 2011 كتابا بعنوان “الجبهة الآن بالذات” ووجّهه إلى فئة الشباب، وسبق له عام 2006 -أثناء فترة عضويته في بلدية حيفا- أن ألّف كتيبين توعويين: الأول بعنوان “حقوقك البلدية” والثاني “جواب عن كل سؤال في ضرائب البلدية ورخص البناء”.

تغريدة أيمن عودة التي شكر فيها عضو الكونغرس بيرني ساندرز من حسابة على تويتر
عودة (يسار) وعضو الكونغرس الأميركي ساندرز (صفحة عودة بمنصة إكس)

الجوائز والأوسمة

  • اختارته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية ضمن قائمة أفضل 100 مفكر عالمي رائد لعام 2015.
  • أدرجته صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية الإسرائيلية ضمن قائمة أفضل 100 شخصية مؤثر لعامي 2016 و2017.
  • وعام 2019، صنفته مجلة “تايم” الأميركية ضمن قائمة 100 شخصية واعدة في العالم.

عن شريف الشرايبي

Check Also

خفض المساعدات يهدد حياة اللاجئين في إقليم غامبيلا بإثيوبيا | أخبار

7/8/2025–|آخر تحديث: 03:25 (توقيت مكة) قالت منظمة أطباء بلا حدود، الأربعاء، إن التخفيضات الكبيرة في …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *