استطاعت المغربية، هندة صليح، أن تحقق إنجازاً جديداً للمرأة العربية، بعد أن أصبحت أول امرأة في العالم تنال المستوى الرابع في مجال الطيران الداخلي الحر من الرابطة الدولية المرموقة للطيران الحر، وهو أعلى تصنيف يُمنح في هذا التخصص، بعد أن حازت من قبل رقمين قياسيين في موسوعة «غينيس»، وهي أيضاً أول امرأة عربية تصبح مدربة طيران داخلي.
وأعربت صليح لـ«الإمارات اليوم» عن فخرها بتحقيق هذا الإنجاز، الذي يُمثّل قمة الاحتراف في مجال التدريب والطيران معاً، لافتة أن عملها مدربةً في «كلايم جزيرة ياس، أبوظبي» يُعدّ بيئةً مثاليةً للتطور المستمر، مع توافر أكبر نفق طيران داخلي في العالم، ودعم فريق ملتزم بالتميّز، وأشارت إلى أن التدريب اليومي والتفاعل مع متدربين من مختلف المستويات أتاحا لها فرصة نادرة لصقل مهاراتها، والوصول إلى أعلى المعايير.
معايير صعبة
وعن معايير منحها المستوى الرابع، أوضحت صليح أن الأمر لا يقتصر على إتقان مهارات الطيران المتقدمة فحسب، بل يشمل أيضاً فهماً عميقاً لخصائص تدفق الهواء داخل النفق، وتطبيق أعلى معايير السلامة، والقدرة على تدريب وتقييم المدربين من جميع المستويات، كما يتطلب ذلك مئات الساعات من التدريب المُكثّف في النفق الهوائي، وقيادة برامج تدريب المدربين، واجتياز تقييمات دقيقة من قبل «الرابطة الدولية للطيران الداخلي»، مضيفة: «بالنسبة لي، كان هذا الإنجاز ثمرة سنوات من الالتزام، والتعلم المستمر، والشغف العميق بهذه الرياضة، والوصول إلى هذا المستوى تطلّب مني إتقان الطيران، وفن التدريب، والقدرة على إلهام وتطوير الآخرين في هذا المجال».
وعن التحديات التي واجهتها، قالت: «كوني أول امرأة تحقق هذا المستوى عالمياً، واجهت الكثير من التحديات، بعضها يتعلق بالتوقعات المجتمعية، وأخرى بتجاوز المعايير المعتادة في مجال يهيمن عليه الذكور، لكني لم أعتبرها عوائق، بل فرصة لأثبت أنه لا توجد حدود لما يمكن تحقيقه»، وأكدت أنها بالإصرار والتركيز وحب الطيران، تمكنت من تخطي كل العقبات، لافتة إلى أن عدد المدربات في هذا المجال لايزال محدوداً في بعض المناطق، وذلك يعود إلى عوامل ثقافية واجتماعية، وأحياناً لقلة الوعي بالفرص المتاحة، لكن الأمور تتغيّر بسرعة، ومع بروز نماذج نسائية مُلهِمة، هناك المزيد من النساء يقبلن على هذا المجال، ويحققن نجاحات جيدة فيه.
من القانون إلى الطيران
وتطرقت صليح إلى انتقالها من مجال القانون الذي درسته وتخصصت فيه، إلى الطيران الداخلي، ووصفته بالخطوة الجريئة والغريبة في نظر الكثيرين، خصوصاً في العالم العربي، حيث لايزال هذا المجال جديداً وغير شائع، مضيفة: «منذ اللحظة الأولى التي اختبرت فيها الإحساس بالطيران، أدركت أن هذا هو شغفي الحقيقي، وواجهت تحديات كثيرة، منها أن الطيران الداخلي يتطلب جهداً بدنياً كبيراً، ويُعرف بأنه مجال يتسم بوجود عدد أكبر من المدربين الرجال، ويتطلب قوة جسدية وتحملاً عالياً، أضف إلى ذلك أنني بدأت رحلتي في بلد جديد، بثقافة مختلفة، ما شكّل تحدياً إضافياً في التواصل والتعلّم، وكان هناك أيضاً ضغط نفسي كبير، لأني كنت أدرك أنني أول امرأة عربية تصبح مدربة طيران داخلي، والآن أصبحت أول مدربة على مستوى العالم تصل إلى مستوى (مدرب رابع)، والحفاظ على هذه الطاقة والعزيمة والسعي الدائم نحو الأفضل في هذا المجال يتطلب دقة عالية، وانضباطاً مستمراً، وهذا لم يكن بالأمر السهل، لكنه كان مصدر قوة وإلهام لي في كل مرحلة من رحلتي»، واعتبرت أن حصولها على المستوى الرابع هو بداية جديدة وليس نهاية المطاف، مشيرة إلى طموحها في تطوير مهاراتها في الطيران الديناميكي المتقدم باستمرار، والإسهام الفعّال في تطوير تقنيات التدريب، والأهم من ذلك تتطلع إلى دعم وتدريب الجيل الجديد من المدربين والمدربات بـ«كلايم جزيرة ياس» في أبوظبي.
مواقف طريفة
أشارت هندة صليح إلى أن من أكثر المواقف الطريفة التي تواجهها خلال عملها وتسعدها وتفاجئ الزوار، عندما تخلع الخوذة عقب خروجها من النفق، بعد إنهاء الجلسة وعرض الطيران، حيث ينبهر الكثيرون، لأنهم لم يتوقعوا أن الشخص الذي كان يطير هو فتاة، ومحجبة أيضاً، وتستطيع الطيران بهذه القوة والمهارة، وتقول: «أمام دهشتهم أبتسم دائماً، وأستغل هذه اللحظة لأكسر الصورة النمطية السائدة، وأُظهر للجميع أنه لا يوجد مستحيل، وليس هناك أي عائق يقف في طريق الشغف والتميّز».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news