حسم الملك محمد السادس خلال خطاب العرش لهذه السنة المطالب التي رفعتها عدد من الأحزاب السياسية لبدء مشاورات تعديل مدونة انتخاب أعضاء مجلس النواب، وذلك بإعطاء توجيهاته لوزير الداخلية “من أجل الإعداد الجيد، للانتخابات التشريعية المقبلة، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين”.
وأفاد الملك في خطابه، أمس الثلاثاء، أنه “ونحن على بعد سنة تقريبا، من إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، في موعدها الدستوري والقانوني العادي، نؤكد على ضرورة توفير المنظومة العامة، المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية”.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي محمد شقير، في تصريح لجريدة “مدار21″، إن هذه التوجيهات تظهر الرغبة الملكية لكي “تفرز الاستحقاقات الانتخابية القادمة نخبة سياسية تتوفر على الكفاءة الملائمة للسهر على إنجاز كل الأوراش التنموية المفتوحة، خاصة ما يتعلق بتنظيم كأس العالم لسنة 2030″، مفيدا أن “الملك أراد الحسم في موضوع مدونة الانتخابات بالنظر إلى أن الرهان الاقتصادي والاجتماعي المقبل مهم جدا”.
وأورد شقير أن تخصيص جزء من الخطاب الملكي خلال ذكرى عيد العرش لمدونة الانتخابات جاء حتى “يتم الإعداد لها بشكل أكبر وأكثر حزما، حتى تكون هذه المدونة مؤطرة لانتخابات ينتظر الملك أن تكون مختلفة عن الانتخابات السابقة لتفرز نخبة يحتاجها المغرب لمواكبة الأوراش المفتوحة”.
ولفت شقير إلى السياق الذي تزامنت معه هذه التوجيهات، ذلك أن الفترة “شهدت حملات انتخابية سواء من أحزاب الأغلبية الحكومية أو المعارضة، إذ إن جميع الأحزاب تتعبأ للاستحقاقات القادمة، خاصة وأنها ستسفر عن تشكيل حكومة المونديال، وهي سابقة في تاريخ المغرب، وهو ما سيجعل الأحزاب تتنافس بشكل أكثر شراسة، لأن الرهان سيكون هو التهييء لأكبر تظاهرة رياضية ينظمها المغرب”.
وأورد المتحدث أن “هذه الغاية تفسر هذه المناوشات بين الأحزاب والضرب تحت الحزام، إذ هناك حمى انتخابية قبل الإعلان عن موعد الانتخابات”، مضيفا أنه في هذا السياق يأتي ما ورد في الخطاب الملكي حيث تم إعطاء التوجيهات لوزارة الداخلية من أجل القيام بالمشاورات مع الأحزاب السياسية لوضع التعديلات التي ستؤطر الانتخابات القادمة.
واعتبر أن الإشارة الملكية تعطي الانطلاقة السياسية لبدء الانتخابات من خلال إعداد الإطار المؤسساتي لهذه الاستحقاقات التي ستكون لديها رهانات سياسية كبيرة، وهو ما يساهم في حسم المطالب التي سبق أن رفعتها أحزاب سياسية للبدء في المشاورات، حيث كانت الداخلية تنتظر الإشارة الملكية وهو ما تضمنه الخطاب الملكي أمس الذي أعطى الانطلاقة.
وأردف المحلل السياسي نفسه أنه خلال هذا الدخول السياسي القادم سيتم الانكباب على إجراء مشاورات بين الأطراف المعنية مع وزارة الداخلية، والبحث عن الوسائل والإطار الملائم لتنظيم هذه الانتخابات.
ومن جهة أخرى، أفاد شقير أن في التاريخ الانتخابي للمغرب “يكون قبيل كل محطة انتخابية إعداد مدونة الانتخابات جديدة، وهذا من بين مظاهر القصور في الاستحقاقات الانتخابية، لأنه لا يعقل أن نعمل قبيل كل محطة على تعديل مدونة الانتخابات وإجراء المشاورات بهذا الشأن، لأنه يظهر وكأن الأمر فيه محاولة لترتيب حصيلة الانتخابات، ذلك أن البلدان الديمقراطية تتوفر على مدونة واحدة للانتخابات لفترة طويلة مما يخلق استقرارا مؤسساتيا يؤطر الانتخابات”.