الحكومة مدعوة لتفعيل التوجيهات الملكية للقطع مع الفوارق المجالية

تلقت فعاليات مدنية بارتياح كبير التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش، والتي أكدت على ضرورة تدارك الفوارق المجالية الكبيرة، من خلال إطلاق جيل جديد من المشاريع التنموية، وذلك بهدف أن “تشمل ثمار التقدم والتنمية كل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء”.

وفي هذا الصدد قال محمد الديش، رئيس الإئتلاف الوطني من أجل الجبل، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن الائتلاف يثمن التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش، على اعتبار أنها متماشية مع مطالبه المرفوعة من أجل تحقيق العدالة المجالية لفائدة المناطق الجبلية والساكنة، وذلك عبر تنمية شاملة ومندمجة.

وأورد أن البرامج التي تم تنزيلها سواء القطاعية أو تلك المتعلقة بتقليص الفوارق الاجتماعية هي برامج مجزأة ومحدودة في الزمن والمكان وأغلبها غير ملائم للخصوصيات المحلية للمناطق الجبلية، مفيدا أن الجيل الجديد من البرامج المبني على سياسات طويلة الأمد ومتوسطة الأمد وليس برامج معزولة وتقليدية لأنها تبقى برامج مجزأة لا تعطي أكلها.

وتابع المتحدث نفسه أن عددا من الجماعات والمناطق خرجت للاحتجاج بعدما كان سكانها دائما صابرين ولا يرفعون أي مطالب ويتعايشون مع الخصاص الذي كان لديهم في عدد من النواحي، مفيدا أنه الآن لم يعد هناك وقت للصمت بالنسبة لهؤلاء، مستشهدا باحتجاجات منطقة آيت بوكماز.

وأفاد الديش أن المغرب “يعرف برامج تنموية مهمة جدا ورائدة، غير أن الملاحظ كما جاء في الخطاب الملكي أن “المغرب يسير بسرعتين”، والحقيقة أن المغرب يسير بسرعات مختلفة، سرعة “التيجيفي” والموانئ الكبرى وفي المقابل أيت بوكماز تطالب بشبكة الاتصالات وطبيب، كما نجد أن المواطنين بحاجة إلى الماء بمناطق في إقليم تاونات علما أن حوض ورغة هو من أكبر الأحواض المائية، وعدد من المناطق تشهد خصاصا كبيرا وتفتقر للبنيات التحتية اللازمة”.

وأشار رئيس الائتلاف الوطني من أجل الجبل إلى أن هذه الأمور تجعل المغرب فيه مفارقات كبيرة وفوارق مجالية لا يمكن معالجتها بالطرق التقليدية، مضيفا “نتمنى أن التوجيهات الملكية التي جاءت في الخطاب يتم البدء في تنزيلها وتسريع تفعيلها على أرض الميدان من طرف الحكومة والمؤسسات المعنية، وذلك من خلال برامج استراتيجية شاملة وليس فقط برامج قطاعية.

ومن جانب آخر أضاف الديش حول استفادة العالم القروي والجبال من البرامج التنموية المرتبطة بورش احتضان كأس العالم 2030، أن المدن التي ستحتضن هذه المنافسة هي التي تم إيلائها الأهمية الأكبر، وربما تستفيد بعض المدن المحاذية لها أيضا غير أنها لن تشمل المناطق الهامشية، وهذا يبقى من التخوفات المطروحة.

وأورد أن كأس العالم “ليس مبتغى في ذاته ولكنه وسيلة لخلق التنمية وخلق عائد وطني، غير أن هذا الأخير يجب أن يظهر للمواطنين والزائرين، ذلك أن السياح لن يزوروا فقط المدن المحتضنة للمونديال بل سيزورون مناطق وقرى أخرى قريبة منها، وبالتالي يجب إظهار وجه المغرب الذي ينبغي أن يكون متكاملا”.

وأردف أنه “يمكن أن تكون التفاوتات بسيطة نظرا لاختلاف المجالات، ولكن لا يمكن السماح بالاختلافات الصارخة، إذ إن مدن مهمة بمجرد الابتعاد عنها بكيلومترات قليلة نجد أن هناك تباينا كبيرا ومناطق لا تتوفر على الخدمات الأساسية وتشهد هجرة كبيرة ما يسبب إثقال كاهل المراكز إضافة إلى خسران عدد من القيم والتقاليد المغربية الأصيلة”.

ويذكر أن الملك قال في خطاب العرش “لن أكون راضيا، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم، بشكل ملموس، في تحسين ظروف عيش المواطنين، من كل الفئات الاجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات”، مشيرا “مع الأسف، ما تزال هناك بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية”.

وشدد الملك في السياق نفسه “وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية. فلا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين”، داعيا “لإحداث نقلة حقيقية، في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية”.

وأصدر الملك توجيهات للحكومة “لاعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية، يرتكز على تثمين الخصوصيات المحلية، وتكريس الجهوية المتقدمة، ومبدأ التكامل والتضامن بين المجالات الترابية”، مؤكدا أنه “ينبغي أن تقوم هذه البرامج، على توحيد جهود مختلف الفاعلين، حول أولويات واضحة، ومشاريع ذات تأثير ملموس”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

وزير الثقافة المصري: الملك أرسى دعائم تنمية شاملة

أكد وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، مساء أمس الأربعاء بالقاهرة، أن الملك محمد السادس …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *