أكد الملك محمد السادس أن الاحتفال بعيد العرش يشكل “مناسبة سنوية لتجديد روابط البيعة المتبادلة، ومشاعر المحبة والوفاء، التي تجمعنا على الدوام، والتي لا تزيدها الأيام إلا قوة ورسوخا.”
وأضاف في خطاب عيد العرش، اليوم الثلاثاء، أن هذه المناسبة تمثل أيضًا وقفة “للوقوف على أحوال الأمة: ما حققناه من مكاسب، وما ينتظرنا من مشاريع وتحديات، والتوجه نحو المستقبل، بكل ثقة وتفاؤل.”
وأشار العاهل المغربي إلى ما تم إنجازه على مدى سنوات اعتلائه العرش قائلاً: “لقد عملنا، منذ اعتلائنا العرش، على بناء مغرب متقدم، موحد ومتضامن، من خلال النهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية الشاملة، مع الحرص على تعزيز مكانته ضمن نادي الدول الصاعدة.”
وأوضح أن هذه الإنجازات ليست من قبيل الصدفة، بل هي ثمرة رؤية بعيدة المدى، وصواب اختيارات تنموية كبرى، إضافة إلى الأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي الذي ينعم به المغرب.
وأكد العاهل المغربي: “واستنادا على هذا الأساس المتين، حرصنا على تعزيز مقومات الصعود الاقتصادي والاجتماعي، طبقا للنموذج التنموي الجديد، وبناء اقتصاد تنافسي، أكثر تنوعا وانفتاحا؛ وذلك في إطار ماكرو – اقتصادي سليم ومستقر.”
وعلى الرغم من تحديات سنوات الجفاف والأزمات الدولية، أكد الملك محمد السادس أن الاقتصاد الوطني حافظ على نمو مهم ومنتظم خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن المغرب يشهد نهضة صناعية غير مسبوقة.
وقال العاهل المغربي: “لقد ارتفعت الصادرات الصناعية، منذ 2014 إلى الآن، بأكثر من الضعف، لاسيما تلك المرتبطة بالمهن العالمية للمغرب.”
وأوضح أن قطاعات السيارات والطيران والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية والسياحة، أصبحت رافعة أساسية للاقتصاد الصاعد، سواء من حيث الاستثمارات أو خلق فرص الشغل.
وأكد الملك محمد السادس: “ويتميز المغرب الصاعد بتعدد وتنوع شركائه، باعتباره أرضا للاستثمار، وشريكا مسؤولا وموثوقا، حيث يرتبط الاقتصاد الوطني، بما يناهز ثلاثة ملايير مستهلك عبر العالم، بفضل اتفاقيات التبادل الحر.”
وأشار إلى أن المغرب يتوفر اليوم على بنيات تحتية حديثة ومتينة بمواصفات عالمية، مستدلا بمشاريع كبرى أُطلقت أخيرا، منها “أشغال تمديد خط القطار فائق السرعة، الرابط بين القنيطرة ومراكش، وكذا مجموعة من المشاريع الضخمة، في مجال الأمن المائي والغذائي، والسيادة الطاقية لبلادنا.”
وخاطب الملك محمد السادس قائلاً: “تعرف جيدا أنني لن أكون راضيا، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم، بشكل ملموس، في تحسين ظروف عيش المواطنين، من كل الفئات الاجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات.”
وشدد على أهمية التنمية البشرية، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم المباشر للأسر المستحقة، لافتًا إلى نتائج الإحصاء العام للسكان 2024 التي أظهرت تحولات ديمغرافية واجتماعية ومجالية مهمة.
وأشار إلى انخفاض معدل الفقر متعدد الأبعاد على الصعيد الوطني من 11,9 في المائة سنة 2014 إلى 6,8 سنة 2024، واعتبر أن المغرب تجاوز هذه السنة عتبة مؤشر التنمية البشرية ليصنف ضمن الدول ذات “التنمية البشرية العالية.”
ومع ذلك، أكد العاهل المغربي وجود بعض المناطق، خاصة في العالم القروي، التي لا تزال تعاني من الفقر والهشاشة بسبب نقص البنيات التحتية، وقال: “وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية.”
وختم الملك محمد السادس بالقول: “فلا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين.”