في مدينة لا تكفّ عن إعادة تعريف التجربة السياحية، تصبح الرياضة جزءاً لا يتجزأ من هوية المكان، لا كخيار ترفيهي فقط، بل كوسيلة تعبير عن نمط الحياة العصري الذي تسعى دبي إلى ترسيخه عالمياً. وفي هذا السياق، تبرز رياضة «الفلاي بورد» كأحد أشكال الترفيه المائي الأكثر إدهاشاً، وواحدة من التجارب التي باتت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمشهد السياحة النشط في الإمارة، التي تسعى باستمرار إلى تقديم ما هو استثنائي وغير مسبوق، والتي تبرزها حملة #وجهات_دبي الصيفية 2025 التي أطلقتها «براند دبي»، الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي.
ومنذ منتصف العقد الماضي بدأت دبي الاستثمار في إدماج «الفلاي بورد» ضمن خريطتها السياحية، ليس فقط كخدمة متاحة في الشواطئ، بل كجزء من باقة أنشطة مغامرات مائية تقدم للزوار ضمن برامج متكاملة. ومنذ استضافتها لبطولة العالم «للفلاي بورد» عام 2015، تحول هذا النشاط إلى واحد من أبرز رموز الترفيه البحري في الإمارة، ينافس أنشطة أخرى مثل الجت سكي والباراسيلينغ والغوص. وتمتلك دبي ساحلاً ممتداً على الخليج العربي بمياهه الهادئة والمناسبة تماماً لهذا النوع من الرياضات. كما أن الطقس المشمس طوال معظم أيام السنة يمنح الزوار فرصة ممارسة «الفلاي بورد» في أي وقت تقريباً.
أما من حيث البنية التحتية، فقد جهزت المدينة العديد من مرافئها وشواطئها بخدمات متكاملة لخدمة هذه الرياضة، بدءاً من التدريب، إلى السلامة، وحتى التوثيق الفوتوغرافي والفيديو. وتجد في مناطق مثل جميرا بيتش ريزيدنس ونخلة جميرا ومارينا دبي، مراكز مجهزة بالكامل بخبراء معتمدين يقدمون جلسات تدريب احترافية وتجارب شخصية مدروسة بدقة.
ووفق بيانات صادرة عن دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي، فإن أكثر من 15% من زوار المدينة يبحثون عن أنشطة مغامرات وتجارب غير تقليدية. وتتصدر «الفلاي بورد» قائمة هذه الأنشطة، لا سيما لدى فئة الشباب من زوّار أوروبا وآسيا، الذين ينجذبون لفكرة «التحليق فوق الخليج» كما يروج لها في الحملات السياحية.
وأسهم هذا الطلب المتنامي في نشوء سوق متخصصة لخدمات «الفلاي بورد»، تضم عشرات الشركات والمراكز مثل «سي رايد دبي»، و«هايدرو ووتر سبورتس»، والتي لا تكتفي بتقديم التجربة، بل تطور نفسها لتواكب المعايير العالمية في التدريب والأمان والجودة، وأصبحت «الفلاي بورد» من أكثر الأنشطة مشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي. ومشهد شخص يحلق في الهواء على خلفية برج العرب أو نخلة جميرا أصبح مألوفاً على «إنستغرام» و«تيك توك»، ما منح هذه الرياضة بعداً ترويجياً مجانياً يعزز صورة دبي كمدينة تتجاوز التوقعات.
وتجاوزت رياضة «الفلاي بورد» في دبي كونها مجرّد نشاط مائي ترفيهي، لتصبح رمزاً لتجربة متكاملة من دبي، حيث تتداخل التكنولوجيا مع الترفيه، وتتماهى الرياضة مع السياحة، ويصبح كل مشهد – حتى ولو كان للحظات معدودة فوق الماء – دليلاً حيّاً على قدرة هذه المدينة على جعل المستحيل جزءًاً من يومياتها.
وبينما تواصل دبي توسيع آفاقها السياحية باتجاه الفضاء والتجارب المستقبلية، تظل «الفلاي بورد» واحدة من تلك اللحظات التي يمكن للإنسان فيها أن يشعر بأنه، ولو للحظة، قد امتلك أجنحة فعلية.
احتضان الجديد
ظهرت رياضة «الفلاي بورد» للمرة الأولى عام 2012 على يد المخترع الفرنسي فرانكي زاباتا، الذي استطاع عبر جهاز بسيط التصميم لكنه شديد التعقيد تقنياً أن يمنح الإنسان القدرة على الطيران فوق الماء عبر ضخ كميات هائلة من المياه من تحت قدميه. وسرعان ما تحولت الفكرة إلى ظاهرة عالمية، لم تجد أرضاً خصبة مثلما وجدت في دبي، المدينة التي تتقن احتضان كل جديد وتحويله إلى علامة تجارية سياحية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news