ناشطة في رحلتها التاسعة لغزة: نكسر الصمت العالمي لا الحصار فقط | سياسة

|

بينما تستمر آلة التجويع الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، اختارت المحامية والناشطة الفلسطينية الأميركية هويدا عراف أن تنحاز لكلمة “لا” في وجه الاستسلام الجماعي.

ورفعت الناشطة شعار “لا للحصار، لا للصمت، لا للاحتلال”، وجعلت من تلك الكلمة سفينة تبحر نحو ما لا يسمح بالوصول إليه، متحدية بحرا وسلطة، ومصممة على كسر الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007.

ومنذ الأحد الماضي، تواصل سفينة “حنظلة” الإبحار باتجاه غزة، في مسعى جديد لكسر الحصار، واستكمال مسار طويل من المواجهة السلمية مع الاحتلال الإسرائيلي، دفاعا عن حق الفلسطينيين في الحياة والكرامة.

على متن هذه السفينة، لا تكون غزة مجرد جغرافيا محاصرة، بل تتحول إلى رمز تتحدى الحصار، وأمل تتشبث به شعوب لا تزال تؤمن بأن للعدالة صوتا يمكن أن يعبر البحار، فبالنسبة لهويدا وطاقم “حنظلة”، لا يقتصر دورهم على الشهادة على الظلم، بل يتعداه إلى مقاومته والمشاركة في مواجهته.

البداية من البحر

وفي حديثها للجزيرة نت من على متن سفينة “حنظلة”، استحضرت هويدا عراف محطات رحلاتها السابقة، مؤكدة أن غزة لم تكن يوما وجهة عابرة، بل كانت رمزا لمعنى العدالة حين تتخلى عنها الدول، وللكرامة حين تغيب القوانين.

وكانت هويدا من بين النشطاء الذين شاركوا في أول كسر بحري للحصار على غزة، عندما وصلت سفينتا “الحرية” و”غزة الحرة” إلى شواطئ القطاع في أغسطس/آب 2008، في خطوة أربكت الحسابات الإسرائيلية والدولية في آن.

وقالت عضو تحالف “أسطول الحرية” للجزيرة نت “تحدينا الحصار، وطلبنا من العالم أن يتحرك خلفنا، لأن ما تقوم به إسرائيل مخالف للقانون الدولي، وهو عقاب جماعي وجريمة حرب”.

وتابعت: “دخلنا البحر رغم كل التحذيرات، ووصلنا إلى غزة دون إذن من إسرائيل، وبقينا هناك بضعة أيام قبل أن نغادر. كان هناك طفل صغير قطعت ساقه ويريد السفر للعلاج، لكن إسرائيل رفضت. لم يكن الحصار مجرد منع، بل كان شكلا من أشكال الموت البطيء”.

وأضافت هويدا: “لا نقبل بهذا الواقع، ولا نقبل أن يجوّع الأطفال عمدا في هذا العالم ونحن صامتون. رسالتنا إلى إسرائيل واضحة: افعلي ما تشائين، لن نتوقف. وعلى الشعوب أن تضغط على حكوماتها، لا فقط لإرسال المساعدات، بل لرفع الظلم”.

لن نستسلم

الناشطة التي شاركت في تأسيس حركة التضامن العالمية، تذكرت أيضا مشاركتها في سفينة “مافي مرمرة” عام 2010، التي تعرضت لهجوم إسرائيلي أسفر عن مقتل 10 متطوعين وإصابة العشرات واختطاف نحو 700 مدني أثناء إبحار السفينة في المياه الدولية.

وتصف هويدا عراف تلك اللحظات بقولها “اقتحموا السفينة وقتلوا واختطفوا النشطاء، وكان ظن إسرائيل أن العنف سيردعنا، لكننا نظمنا أسطولا جديدا بعد ذلك بعام واحد”.

وأكدت أن “الأسطول لم يكن فقط لنقل المساعدات، بل موقف سياسي وإنساني بأن الشعب الفلسطيني يستحق الحرية ورفع الحصار. لكن التحديات لم تقتصر على البحر، بل شملت الجانب السياسي أيضا، حيث بدأت إسرائيل التنسيق مع دول متوسطية لمنع السفن من الإبحار نحو غزة، وهذا مؤسف للغاية”.

جريمة علنية

وتخوض هويدا عراف اليوم مشاركتها التاسعة في رحلات كسر الحصار، لكنها ترى أن “الوضع أصبح أكثر سوءا من أي وقت مضى”.

وتوضح “في عام 2008، كنت أعتقد أن إسرائيل تخدع العالم، وأننا إذا فضحنا ممارساتها فإن الناس سيكتشفون الحقيقة، أما اليوم، فالعالم يرى الجريمة بعينه، لكنه يصمت”.

وأضافت “الحصار انتهاك صارخ للقانون الدولي، وهو جريمة حرب تستخدم كأداة للتطهير العرقي والإبادة الجماعية. إسرائيل لا تسمح حتى بإدخال حليب الأطفال إلى غزة، والإبادة تمارس علنا أمام العالم، بينما الدول تتفرج بلا خجل”.

ورغم هذا الواقع القاتم، لا تفقد هويدا إيمانها بقدرة الشعوب على إحداث التغيير، قائلة: “هناك ملايين حول العالم يقفون إلى جانبنا، لكن الحكومات في أميركا وأوروبا اختارت أن تمرر هذه السياسات، وأن تجعل من القوة حقا، ومن الظلم قانونا، ومن الصمت موقفا”.

وتواصل عراف حديثها بصوت تختلط فيه العاطفة بالصمود، وتقول: “أعلم أن ما نقوم به صعب، خاصة بالنسبة لي كأُم. أترك أطفالي في كل رحلة، وأدرك أنني قد لا أعود. لكن لا يمكنني أن أنظر في أعينهم وأصمت على ما يتعرض له أطفال غزة. لا يمكنني أن أطلب من أطفالي أن يعيشوا في عالم يرى المجازر ويصمت”.

وفي ختام حديثها، تعود هويدا إلى البحر، حيث بدأت الحكاية “إذا تمكنا من الوصول هذه المرة، نريد أن نؤسس خطا دائما نحو غزة. لا نريد أن يبقى القطاع معزولا. هذا البحر لا تملكه إسرائيل، ولن نتركه لها”.

عن شريف الشرايبي

Check Also

كويكب بحجم برج بيزا يقترب من الأرض .. هل يشكل خطرا؟

في حدث مثير للاهتمام، رصد علماء الفلك كويكبًا يُعادل حجمه برج بيزا المائل في إيطاليا، …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *