الجزائر تتناقض مع سلوكها الدبلوماسي وتجدد دعمها للجهود الأممية بشأن الصحراء

جددت الجزائر، في بيان مشترك مع إيطاليا أعقب القمة الحكومية المنعقدة بروما، دعمها للمسار الأممي في قضية الصحراء، مؤكدة تأييدها لجهود المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا من أجل إعادة إطلاق المفاوضات المباشرة.

غير أن هذا الموقف يعيد إلى الواجهة تناقضًا واضحًا في تعاطي الجزائر مع الملف، بعدما كانت قد انسحبت، قبل أقل من عام، من التصويت على القرار نفسه الذي يشكل مرجعية مركزية للمسار التفاوضي الذي تعلن دعمه اليوم.

ففي ختام الدورة الخامسة من القمة الحكومية المشتركة بين الجزائر وإيطاليا، المنعقدة يوم 23 يوليوز 2025 بروما، صدر بيان مشترك يتضمن موقفًا لافتًا من قضية الصحراء، جاء في النقطة 29 منه: “جدد الطرفان تأكيد دعمهما لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، من أجل إعادة إطلاق المفاوضات المباشرة والتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، بما يتماشى مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

هذا الموقف، الصادر عن أعلى مستوى من التنسيق الحكومي بين الجزائر وروما، حمل في ظاهره دعمًا واضحًا للمسار الأممي، ولمبدأ الحل السياسي المتفاوض بشأنه، وهو ما يُفترض أن يشكل امتدادًا للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن وآخرها القرار رقم 2756 المعتمد في أكتوبر 2024، والذي جدد ولاية بعثة المينورسو وأكد على مركزية المبادرات الواقعية والتوافقية.

لكن اللافت أنه خلال جلسة التصويت على هذا القرار في مجلس الأمن، فضل السفير الجزائري الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، الانسحاب وعدم المشاركة في التصويت، رغم أن بلاده عضو منتخب في المجلس، وهو ما أثار علامات استفهام كثيرة حول مدى تطابق المواقف المعلنة للجزائر مع سلوكها الدبلوماسي الفعلي داخل المنظمات الدولية.

البيان المشترك مع إيطاليا أقرّ، بوضوح، بدعم جهود دي ميستورا وإعادة إطلاق المفاوضات المباشرة، ما يعني، من الناحية السياسية، القبول بالجلوس إلى طاولة الحوار مع جميع الأطراف، بمن فيهم المغرب.

إلا أن الانسحاب من التصويت على القرار الأممي الأخير، الذي يحظى بدعم واسع من أعضاء المجلس ويكرس دور الأمم المتحدة في الوساطة، يمكن قراءته كتحفظ من الجزائر على بعض بنود القرار، خصوصًا تلك التي تُشيد بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي وتعتبرها “جادة وذات مصداقية”.

هذا التردد أو التناقض ليس جديدًا، بل يعكس المأزق الذي تواجهه الجزائر منذ سنوات في التوفيق بين خطابها الرسمي حول احترام الشرعية الدولية، ومواقفها المتشددة من أي مبادرة لا تنسجم مع طروحات جبهة البوليساريو التي تحتضنها وتدعمها.

وما يعزز هذا التناقض، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لم يشر في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده عقب القمة مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إلى قضية الصحراء، رغم إدراجها في البيان الختامي. وهو ما يدفع إلى التساؤل: هل كان إدراج هذه النقطة في البيان مجرد مجاملة دبلوماسية لإيطاليا، أم تعبيرًا عن موقف رسمي لم تُرِد الجزائر تسليط الضوء عليه في العلن؟

ظهرت المقالة الجزائر تتناقض مع سلوكها الدبلوماسي وتجدد دعمها للجهود الأممية بشأن الصحراء أولاً على مدار21.

عن أسيل الشهواني

Check Also

مجلس النواب والجمعية الوطنية لفيتنام يوطدان تعاونهما البرلماني

جرى التوقيع، اليوم الجمعة بالرباط، على اتفاقية تعاون بين مجلس النواب والجمعية الوطنية لجمهورية فيتنام …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *