أزمة فيلم “أحمد وأحمد”.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة | فن

|

يشهد موسم السينما المصري الصيفي هذا العام أفلاما تنتمي إلى نفس الأنواع السينمائية الرائجة في كل موسم، وكل عام تقريبا، وهي الأكشن والكوميديا. ثم يأتي فيلم “أحمد وأحمد”، الذي ينتمي إلى النوعين معًا، كما لو أنه يؤكد غياب الأنواع السينمائية الأخرى عن خارطة الإنتاج.

فيلم “أحمد وأحمد” من إخراج أحمد نادر جلال، وتأليف أحمد درويش ومحمد عبد الله سامي، وبطولة أحمد السقا، وأحمد فهمي، وجيهان الشماشرجي. ينافس الفيلم أعمالًا أخرى في الموسم، مثل: “المشروع إكس”، “ريستارت”، والشاطر، في موسم صيفي باهت حتى الآن، سواء من حيث عدد الأفلام المعروضة أو جودتها.

 

معادلة الضحك والحركة

ينتمي فيلم “أحمد وأحمد” إلى فئة “الأكشن الكوميدي” (Action Comedy)، وهو نوع يمزج بين عناصر الحركة السريعة والمثيرة (الأكشن) وطابع المرح والفكاهة (الكوميديا)، بحيث يُحافظ على التوازن بين الإثارة والضحك.

يقدّم الفيلم نفسه كعمل يسعى إلى الدمج بين الأكشن والضحك الخفيف في آنٍ واحد. وتدور أحداثه حول شاب يُدعى أحمد (أحمد فهمي)، يعود من السعودية بهدف الخطبة، لكنه يُفاجأ باختفاء خاله أحمد (أحمد السقا)، ليكتشف لاحقا أنه فاقد للذاكرة. هذا الفقدان يفتح الباب أمام مغامرات غير متوقعة، ويقود إلى الكشف عن حقيقة مغايرة تماما لهوية الخال، المفترض أنه مدرس كيمياء.

يعتمد الفيلم على توزيع ذكي للمهام التمثيلية: أحمد السقا يتولى الجانب القتالي والحركي، بينما يُسند الجانب الكوميدي إلى أحمد فهمي. هذه المعادلة تسعى إلى استثمار نقاط القوة لدى كل ممثل، لكنها تطرح أيضًا تساؤلات حول مدى التوازن والتكامل بين عنصري الأكشن والكوميديا في البناء الدرامي.

يمكن تحليل كلا الجانبين من خلال مشهد واحد فقط، هو المشهد الافتتاحي للفيلم، حيث يكتشف أحمد فهمي ماضي خاله، وتهاجمهم عصابة داخل المستشفى، ويتولى أحمد السقا القضاء عليهم جميعًا وسط أجواء من التشويق.

تم تصوير هذا المشهد في مواقع متعددة داخل المستشفى، وتصميم الحركة فيه مقبول، وكذلك أداء أحمد السقا. وبالمثل، قدّم أحمد فهمي أداء لا بأس به في تجسيد شخصية ابن الأخت المرتبك، الذي لا يفهم ما يحدث من حوله ويجد نفسه متورطا رغمًا عنه.

لكن تبرز بعض المشكلات في هذا المشهد، أولها أنه طويل جدًا كمشهد افتتاحي، بل حتى كمشهد أكشن بشكل عام. وهذه الإطالة تتكرر في معظم مشاهد الحركة في الفيلم، ما يشير إلى خلل في إدارة الإيقاع.

أما الجانب الكوميدي، فقد تم تصميمه ليكون خلفية لمشاهد الأكشن، ويعتمد أساسا على ردود فعل أحمد فهمي المنبهرة والمندهشة دوما من حقيقة خاله، وهو نمط واحد من الكوميديا يتكرر كثيرا ولا يشهد تنوعًا يُذكر.

 

ضعف البناء الدرامي وسهولة التحديات

يعاني سيناريو فيلم “أحمد وأحمد” من فقر درامي واضح؛ فالنص لا يتجاوز كونه ملخصًا عامًا تدور حوله مغامرات ومطاردات متكررة، من دون وجود تطور فعلي في الشخصيات، أو تصاعد درامي ملموس في الأحداث. العالم السينمائي للفيلم ضيّق ومسطّح، خالٍ من التعقيد أو العمق، وكأن كل شيء يسير في خط مستقيم دون أي تحديات تُذكر.

الكوميديا، رغم فاعليتها اللحظية، لا تُضيف الكثير إلى البناء العام، بل تعزز بساطته، لكنها على الأقل تمنح أحمد فهمي مساحة جيدة للتألق، ولا يمكن القول إنه كان مهمشًا.

أما من ناحية الإخراج، فمشاهد الأكشن مصوّرة بكفاءة مقبولة، وبعضها يتميز بتكوين بصري جذاب، واستخدام جيد للألوان والمؤثرات. غير أن هذه الجمالية تصطدم بشعور عام بأن كل شيء سهل للغاية: المهام تُنجز دون صعوبات، والخطط تنجح بدقة متناهية، ولا يشعر المشاهد بوجود خطر حقيقي أو توتر درامي، مما يُضعف تأثير مشاهد الحركة.

من جهة أخرى، فإن ظهور ضيوف الشرف لم يكن ذا قيمة تُذكر، ولم يُضف شيئًا حقيقيًا إلى الفيلم. فمشاهد حاتم صلاح كطبيب نفسي يستخدم التنويم المغناطيسي، أو غادة عبد الرازق في دور الزوجة السابقة للخال أحمد، أو أحمد عبد الوهاب في دور سراج، جميعها كانت بلا فاعلية تُذكر، بل تحولت إلى عبء على الإيقاع العام للفيلم.

أما جيهان الشماشرجي، فقد ظهرت في دور محدود، تؤدي فيه شخصية خطيبة أحمد فهمي، وتكتفي بمرافقته في مغامراته مع خاله، دون أن يكون لها تأثير فعلي في تطوّر الأحداث.

 

لا يمكن اعتبار “أحمد وأحمد” فيلما سيئا بالمطلق، لكنه بالتأكيد ليس فيلما جيدا. فلا الكوميديا تثير ضحكا حقيقيا، ولا الأكشن يبلغ درجة الإثارة المؤثرة. إنه عمل يقع في منطقة “المتوسط المقبول”، وهي منطقة مألوفة لكل من أحمد فهمي وأحمد السقا، اللذين لم يُعرفا في السنوات الأخيرة بأعمال تُقدّم إضافة فنية حقيقية. ومع ذلك، يُمكن اعتبار الفيلم خطوة متقدمة نسبيًا في مسيرتهما، مقارنة ببعض ما قدماه من قبل.

وعلى صعيد الموسم السينمائي الصيفي، يُعد “أحمد وأحمد” حتى الآن أفضل ما عُرض تجاريًا، لا لأنه عمل مميز، بل لأنه لم يقع في فخ الرداءة مثل “ريستارت”، ولم يكن مملًّا إلى حد الإزعاج مثل “المشروع إكس” أو “في عز الضهر”.

عن شريف الشرايبي

Check Also

رسائل سياسية من العلمين.. برلماني يكشف دلالات لقاء وزيري خارجية مصر والسعودية

قال النائب محمد الجبلاوي، عضو مجلس النواب، إن زيارة وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *