في عرض البحر حيث تعانق زرقة المياه الأفق، وتتعالى أصوات محركات القوارب، ولدت حكاية الإماراتية علياء عبدالسلام، بين حركات أمواج السباقات، إذ اختارت أن ترسم مسار الرياح ومعنى الطموح في سباقات الزوارق السريعة (الفورمولا4). وفي مجال لطالما كان حكراً على الرجال، شقت عبدالسلام طريقها بثقة وشغف، لتكون أول إماراتية تحمل رخصة قيادة الزوارق السريعة، فكتبت بين دفات الموج فصولاً لبطولات أبحرت فيها بثبات، معلنة أن طموحها لا يعرف المستحيل.
مصادفة في النرويج
عن طريق المصادفة في النرويج، اكتشفت علياء عبدالسلام، امتلاكها هواية سباقات الزوارق السريعة، حيث ركبت أمواج الحلم وتتبّعته حتى التتويج والمسابقات العالمية.
واستهلت عبدالسلام حديثها مع «الإمارات اليوم» عن بداية الموهبة، قائلة: «أحببتُ دخول مجال سباقات الزوارق (الفورمولا 4) من خلال والدي الذي كان متسابقاً أيضاً في التسعينات، كما أنه منظم لبطولة كأس العالم وكأس رئيس الدولة، وكنت أشاهد السباقات التي يخوضها بكامل تفاصيلها، لهذا أحببتُ المجال، كما كنا نسافر إلى النرويج كل صيف، وفي إحدى السفرات دخلت معسكراً، واختبرت قيادة الزورق ولم أشعر بالخوف على الإطلاق وانطلقت في هذا العالم، بعد أن وضعت الخطة لتطوير الموهبة». وأضافت عبدالسلام: «عندما عدت إلى الإمارات تدربت في نادي أبوظبي للرياضات البحرية، واتحاد الإمارات للرياضات البحرية، لاسيما أنهم وفروا لي كل المقومات، فضلاً عن خبرة والدي الذي ساعدني دعمه كثيراً».
اللبنة الأساسية
وكان الدعم الذي قدّمه عبدالسلام فيروز، والد علياء، اللبنة الأساسية التي شجعتها على المتابعة. وأشارت إلى أنها اكتسبت منه الدافع لخوض غمار التحدي، لاسيما أنه قدّم لها الكثير من النصائح، منها أن تستشعر الماء حين تدخل البحر، وتختبر اتجاه الرياح. وأكدت أنه قبل حصولها على رخصة قيادة الزوارق السريعة، خضعت لاختبارات متنوعة، منها اختبار قلب الطراد الهادف إلى اختبار المتسابق وقدرته على سرعة التصرف، فضلاً عن الالتزام بإجراءات السلامة، ومنها حامي الرقبة، والراديو وحزام الأمان، والخوذة، مشيرة إلى أنه قبل البدء في السباقات يتم التأكد من كل هذه الإجراءات، فيما يكون الفريق الخاص بالإنقاذ موجوداً في مجال السباق للتدخل عند الحاجة.
لياقة عالية
وتحتاج هذه الرياضة البحرية إلى لياقة بدنية عالية، لذا فإن التحضيرات اليومية التي تخضع لها عبدالسلام تتمثل في التمرينات الرياضية. وأكدت أنها تتمرّن على نحو يومي في النادي الرياضي، لاسيما التمارين المختصة بالجزء الأعلى من الجسم، إذ تتطلب هذه الرياضة قوة بدنية عالية في اليدين والأكتاف، فضلاً عن تدريبات «الكارتينج» التي تساعد على اكتساب مهارات القيادة السريعة. ولفتت إلى أنها قبل موعد السباق تحتاج إلى التدريب لنحو أسبوع، بشكل يومي.
احتكار الرجال
وكسرت عبدالسلام احتكار الرجال لهذا المجال، ورأت أنه على الرغم من أن البعض يراها رياضة مخيفة، فإنها تحمل بالنسبة لها كثيراً من التحديات وتحثّها على إثبات ذاتها، مشيدة بالدعم الذي تحصل عليه المرأة الإماراتية والشباب الإماراتي من القيادة الرشيدة، ومن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية. ووجهت رسالة للشابات الإماراتيات، بتتبع مواهبهن وتطويرها دون الشعور بالخوف وتحدي كل الصعوبات، من أجل تحقيق الإنجازات.
وأشارت عبدالسلام إلى أن «الفورمولا 4» تعدّ من السباقات الأكثر أماناً، لأن السرعة القصوى للزوارق تراوح بين 120 و130 كيلومتراً في الساعة، بينما تراوح سرعة «الفورمولا 2» بين 190 و200 كيلومتر في الساعة، موضحة أن إجراءات السلامة تعدّ أساسية لتلافي أية أخطار. ونوّهت بأن التحدي الأكبر الذي واجهته كان الدخول في السباق، لأن له رهبة مختلفة عن التدريبات، فضلاً عن التحديات المتعلقة بالاختبارات الخاصة بالحصول على رخصة القيادة.
اسم الإمارات «عالياً»
تطمح عبدالسلام إلى رفع اسم الإمارات عالياً في المحافل الدولية، مؤكدة أن المرأة الإماراتية أثبتت نفسها في شتى المجالات، مبينة أن هذه الرياضة غيرت فيها الكثير، فقد طورت شخصيتها على نحو كبير، وبيّنت لها أنه لا يوجد مستحيل أو حدود للإنجازات. وتخطط عبدالسلام اليوم لدراسة تخصص جديد يرتبط بعالم السباقات والزوارق، بعد أن درست علم النفس الذي تعتبره مفيداً جداً، لاسيما أن الصحة النفسية يجب أن تكون متوازنة ومتماشية مع الصحة الجسدية.
تمثيل الإمارات
مثّلت علياء عبدالسلام الإمارات في النرويج العام الماضي، وحصدت المركز الخامس دون الوقوع في أخطاء، وتبارت مع تسعة متسابقين رجال، ثم بعدها شاركت في سباقات محلية في أبوظبي وخورفكان. ولفتت عبدالسلام إلى أنها تعلمت الكثير من السباقات المحلية، وعملت على تطوير نفسها من خلال هذه المشاركات، وتُحضّر اليوم لتمثيل الإمارات في البطولة الإسكندنافية في النرويج في الثامن من أغسطس، وكذلك للمشاركة في بطولة العالم «للفورمولا 4» في 13 سبتمبر المقبل التي ستقام في إيطاليا. ولفتت عبدالسلام إلى أن السباقات المحلية تقام عادة في نوفمبر وديسمبر، وذلك بسبب طبيعة المناخ، بينما تقام البطولات في أوروبا خلال فصل الصيف، موضحة أن الفروق بين السباقات وتحدياتها تتبع التبدل المناخي، وتحديداً اختلاف قوة واتجاه الريح من بحر إلى آخر.
«مبادلة للتميز»
شكرت علياء عبدالسلام، شركة مبادلة على ضمها إلى برنامج «مبادلة للتميز» الذي يدعم الموهوبين، مشيرة إلى أنه يعني لها الكثير، لاسيما أنه من أوائل الصناديق الاستثمارية في العالم، وهذا يجعل التحدي كبيراً لكسب ثقة مؤسسة عالمية بهذا الحجم، كما أنه يشكل الدافع للتطور في المستقبل، وتحقيق الطموحات الكبرى، وتمثيل الدولة في مختلف المحافل الدولية والمحلية. واعتبرت أن هذا الانضمام يُسهم في تحقيق طموحات القيادة الرشيدة التي تسعى دائماً إلى التميز وتمكين المرأة الإماراتية، ما يشجعها على دخول هذا المجال الرياضي غير الاعتيادي.
علياء عبدالسلام:
. أحببتُ دخول مجال سباقات «الفورمولا 4» من خلال والدي الذي كان متسابقاً أيضاً في التسعينات، كما أنه منظم لبطولة كأس العالم وكأس رئيس الدولة.
. قبل حصولي على رخصة قيادة الزوارق السريعة خضعت لاختبارات متنوعة، منها «قلب الطراد» الهادف إلى اختبار المتسابق، وقدرته على سرعة التصرف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news