البالونات الحرارية آلية دفاعية لتضليل الصواريخ عن هدفها | الموسوعة

|

وسيلة دفاعية متطورة تستخدمها الجيوش الحديثة لحماية الطائرات والمروحيات والسفن من الصواريخ الموجهة حراريا، تعرف عسكريا بـ”الشعلات الحرارية”، إذ تولد حرارة عالية ووميضا قويا لتضليل أنظمة التتبع. تطورت هذه التقنية منذ أربعينيات القرن الـ20، إبان الحرب الباردة وأصبحت جزءا أساسيا من منظومات الحماية العسكرية لاحقا، ومن الممكن إطلاقها في الجو عبر منصات أو وحدات أرضية.

استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة على قطاع غزة وفي عملياته على جنوب لبنان، كما اعتمد عليها أثناء تدخله في الاشتباكات التي شهدتها محافظة السويداء جنوبي سوريا في يوليو/تموز 2025.

الظهور الأول والتطوير

ظهرت فكرة البالونات الحرارية في أربعينيات القرن الـ20، باعتبارها إحدى الوسائل البسيطة لحماية الطائرات الحربية من الصواريخ التي تعتمد على استشعار الحرارة الصادرة عن المحركات.

ومع تصاعد سباق التسلح إبان الحرب الباردة، شهدت هذه التقنية تطورا سريعا، فانتقلت من وسائل بدائية نسبيا إلى أنظمة أكثر تقدما قادرة على إطلاق شعلات متعددة بشكل آلي وفي وضعيات معقدة من أجل خداع أجهزة التتبع.

ومع تطور قدرات الدفاع الجوي وصواريخ أرض-جو الموجهة حراريا، توسّع نطاق الاعتماد على الشعلات الحرارية ليشمل ليس فقط الطائرات الحربية الكبيرة، بل أيضا المروحيات الهجومية والطائرات بدون طيار التي أصبحت بدورها عرضة للصواريخ الموجهة.

كما وصل الاستخدام لاحقا إلى بعض السفن الحربية التي زُودت بأنظمة مماثلة تطلق شعلات حرارية في البحر لتضليل الصواريخ القادمة.

مهمتها في الميدان

تتمثل المهمة الأساسية للبالونات الحرارية في توليد حرارة عالية ووميض ساطع في الجو بهدف تضليل الصواريخ الموجهة حراريا التي تعتمد على تتبع حرارة محركات الطائرات.

ووفق شبكة “غلوبال سكيورتي” تستخدم البالونات الحرارية في العمليات العسكرية بهدف “إرباك وتشتيت أجهزة الرصد والتتبع الحراري التي تعتمد على استشعار الحرارة”.

وتعمل هذه البالونات على إصدار إشارات حرارية مشابهة للحرارة التي تصدرها الطائرات أو المركبات العسكرية، وهذا يؤدي إلى تضليل صواريخ التتبع الحراري أو أنظمة الاستشعار التي تستهدف الأجسام الساخنة.

وإلى جانب دورها الدفاعي، تستخدم أيضا للتشويش على أجهزة الرصد الحراري وإرباك “قوات العدو” على الأرض عبر الضوء الساطع المفاجئ، أو لإضاءة مناطق محددة لتسهيل عمليات الاستطلاع والمراقبة الليلية.

آلية عملها

تُصنع البالونات الحرارية عادة من مواد معدنية شديدة الاشتعال، مثل المغنيسيوم أو الألومنيوم، وتبلغ حرارتها آلاف الدرجات المئوية عند الاحتراق.

وتولّد عند إطلاقها في الهواء مصدرا حراريا أقوى من حرارة الطائرة، فينجذب الصاروخ نحوها بدلا من إصابة الهدف الحقيقي.

استخدام إسرائيل لها

اعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل واسع على تقنية البالونات الحرارية، خصوصا في المناطق الحدودية والأماكن التي تنتشر فيها تهديدات الصواريخ المحمولة على الكتف. وقد لجأ إلى استخدامها أثناء العمليات العسكرية في جنوب لبنان ضد حزب الله.

وفي قطاع غزة، كثفت قوات الاحتلال استخدام هذه التقنية أثناء حرب الإبادة، ووظّفتها بكثافة بالتزامن مع الغارات لتحقيق أهداف متعددة شملت الإضاءة وتوجيه عمليات القصف، فضلا عن تقليل خطر الصواريخ المحمولة على الكتف، لا سيما أثناء العمليات الليلية.

كما استخدمها جيش الاحتلال في مرتفعات الجولان وفوق ريف السويداء الغربي منتصف يوليو/تموز 2025، بعد محاولة الجيش السوري احتواء اشتباكات دامية اندلعت بين مجموعات مسلحة درزية وأخرى عشائرية، في وقت دعت فيه دمشق إلى عدم دعم أي حركة متمردة انفصالية.

ووصفت إسرائيل تدخلها بأنه “إجراء وقائي”. في حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الجيش الإسرائيلي قصف أهدافا في سوريا “كرسالة وتحذير واضح للنظام السوري”، بحسب تعبيره، مضيفا أن إسرائيل لن تسمح بالمساس بالدروز في سوريا ولن تقف مكتوفة الأيدي.

وعلى الصعيد المدني، أعلنت إسرائيل في مطلع العقد الأول من القرن الـ21 نيتها تزويد بعض طائرات الركاب بأنظمة شعلات حرارية، في خطوة تهدف إلى التصدي لأي هجمات بصواريخ حرارية قد تستهدف الطائرات أثناء تحليقها.

وجاءت هذه الخطوة في أعقاب محاولة فاشلة لاستهداف طائرة ركاب إسرائيلية بصاروخين، عقب إقلاعها من مطار مومباسا في كينيا عام 2002، إلا أن الصاروخين لم يصيبا الطائرة، التي كانت من طراز بوينغ 757.

عن شريف الشرايبي

Check Also

وزيرة البيئة تتوجه إلى نيروبى للمشاركة في مؤتمر الوزاري الإفريقي

توجهت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة إلى العاصمة الكينية نيروبى ، للمشاركة فى الدورة العشرون …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *