السعودية تفتح أبواب التملك العقاري للأجانب: تحول تاريخي في بيئة الاستثمار

الرياض، يوليو 2025 – بعد قرار مجلس الوزراء السعودي بالموافقة على نظام تملك غير السعوديين للعقار، يترقب سوق العقارات في المملكة موجة من التحولات النوعية، مدفوعة بإصلاحات تهدف إلى تنشيط السوق، وتحقيق توازن بين العرض والطلب، وتعزيز تدفق رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة. ويُنظر إلى هذا القرار التاريخي كخطوة محورية في تعزيز البيئة الاستثمارية في المملكة ورفع جاذبيتها للمستثمرين الدوليين.

بحسب النظام الجديد، سيتاح التملك للأجانب في نطاقات جغرافية محددة، مع مراعاة خصوصية المدن المقدسة، إذ يشير النص إلى أن “الملكية في مكة والمدينة ستخضع لضوابط صارمة” تحترم خصوصيتهما الدينية والاجتماعية. هذا يعني أن نطاق الاستثمار سيتوسع ليشمل مناطق حيوية مثل الرياض، جدة، والخبر، إضافة إلى المدن الجديدة مثل “ذا لاين” و”سدير الصناعية”، ما يفتح المجال أمام خارطة استثمارية جديدة كليًا.

تعزيز الثقة بالسوق وتحفيز العرض

أحد أبرز أهداف النظام هو تعزيز الثقة بالسوق العقاري من خلال إتاحة التملك بشفافية وضوابط واضحة، ما يرفع من جاذبية المملكة على خريطة الاستثمارات العالمية. وبحسب خبراء، فإن هذه الخطوة ستنعكس إيجابًا على أداء السوق، لا من حيث حجم السيولة فحسب، بل أيضًا من حيث نوعية المشروعات المطروحة وقدرتها على تلبية الطلب الحقيقي للسكن والتجارة والضيافة.

ويتوقع أن تسهم هذه الإصلاحات في رفع المعروض العقاري النوعي، من خلال استقطاب الشركات والمطورين العالميين، لا سيما في المشاريع السكنية المتوسطة والعليا، مما يوفر خيارات أكثر تنوعًا للمستهلك المحلي، ويحد من ارتفاع الأسعار الناتج عن فجوة العرض والطلب.

حماية الأولويات الوطنية

رغم الانفتاح، إلا أن النظام الجديد يعكس توازنًا دقيقًا بين فتح السوق وحماية المصالح الوطنية، حيث راعى ضوابط واضحة تتعلق بأهداف التنمية، وشروط التملك، وآليات التقييم. فبحسب مصادر رسمية، ستكون هناك فترة مراجعة تصل إلى 180 يومًا عبر منصة إلكترونية موحدة، لضمان التزام المستثمرين بالشروط، ومنع المضاربات العشوائية التي قد تضر بالسوق المحلي.

كما تنص اللائحة على مراعاة أهداف رؤية السعودية 2030، بما في ذلك تعزيز التوازن بين الاستثمار الخارجي وتطوير السوق المحلي، وتوسيع قاعدة التملك بما لا يخل بمصالح المواطنين.

دفعة قوية لرؤية 2030

يرى مراقبون أن هذه الخطوة من شأنها فتح آفاق جديدة للنمو في القطاع العقاري، الذي يُعد أحد الأعمدة الأساسية لرؤية المملكة. ووفقًا لتقارير Henley & Partners، من المتوقع أن تستقطب السعودية في 2025 استثمارات مباشرة تتجاوز 100 مليار دولار، ما يضعها على رأس قائمة الوجهات الاستثمارية في العالم العربي.

ومن شأن هذه الأموال أن تُستخدم ليس فقط في بناء أبراج سكنية فاخرة، بل في تطوير بنية تحتية متكاملة تشمل مرافق تعليمية وصحية وتجارية، تعزز من جودة الحياة في المدن السعودية، وتخلق بيئة أكثر جذبًا للكفاءات والمواهب العالمية.

التحديات والفرص

رغم الزخم الإيجابي، يبقى التحدي الأكبر في تنفيذ النظام بفعالية دون بيروقراطية أو تعقيد، إضافة إلى ضمان تحقيق الأهداف بعيدة المدى، لا سيما في تنمية المناطق غير المأهولة وتحفيز التوزيع المتوازن للاستثمار.

لكن الأهم أن المملكة أرسلت برسالة واضحة إلى العالم: الفرص العقارية في السعودية لم تعد مغلقة. إنها مفتوحة، منظمة، ومبنية على رؤية اقتصادية مدروسة.

عن آمنة البوعناني

Check Also

مدن تحت الأرض: هل سنعيش يومًا بلا شمس؟

تقرير: بزنس نيوز: تخيل أنك تستيقظ في الصباح، تمشي في ممرات فسيحة مضاءة بإضاءة صناعية …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *