مدن تحت الأرض: هل سنعيش يومًا بلا شمس؟

تقرير: بزنس نيوز: تخيل أنك تستيقظ في الصباح، تمشي في ممرات فسيحة مضاءة بإضاءة صناعية ناعمة، تخرج من باب شقتك، وتتناول قهوتك في مقهى أنيق… كل هذا دون أن ترى ضوء الشمس. قد تبدو الفكرة غريبة، لكنها أقرب إلى الواقع مما نعتقد.

في زمن تغير المناخ، وازدحام المدن، وتهديدات الحروب والكوارث، بدأت فكرة “العيش تحت الأرض” تتحول من مشاهد أفلام الخيال العلمي إلى مشاريع على الأرض – أو بالأحرى، تحتها.

لماذا نفكر بالعيش تحت الأرض أصلاً؟

السبب بسيط: العالم من فوق لم يعد كافيًا أو آمنًا للجميع. درجات الحرارة ترتفع، المدن تزدحم، والموارد تتقلص. في بعض المناطق، أصبحت الحياة فوق السطح صعبة أو حتى خطيرة. لذا بدأ المعماريون والمهندسون والحكومات بالتفكير بشكل مختلف… وما هو المختلف أكثر من العيش تحت أقدامنا؟

تجارب واقعية: من الخيال إلى التنفيذ

فنلندا – البرد ليس عائقًا

مدينة هلسنكي لم تنتظر المستقبل، بل بنته تحت الأرض بالفعل. تضم المدينة شبكة ضخمة من الملاجئ والقاعات الرياضية والمراكز المجتمعية كلها مدفونة تحت الأرض – بعضُها مصمم لتحمل هجوم نووي! ما كان خيارًا طارئًا أصبح جزءًا من نمط الحياة الفنلندي.

مونتريال – الحياة تحت الصفر… وتحت الأرض

شتاء مونتريال قاسٍ، لذا بَنَت المدينة نظامًا مذهلًا من الأنفاق والممرات يسمى “ريزو”، يربط بين الأسواق، محطات المترو، المكاتب، وحتى الجامعات. السكان يتنقلون بكل راحة في بيئة دافئة وآمنة دون الحاجة للخروج في العواصف الثلجية.

الصين – البناء للأمام… وتحت

في شنغهاي ومدن أخرى، بدأت الحكومة بالفعل تنفيذ مشاريع ترفيهية وتجارية تحت الأرض لمواجهة الاكتظاظ. الفكرة بسيطة: لماذا نبني للأعلى فقط، إن كنا نستطيع البناء للأسفل أيضًا؟

السعودية – المستقبل في قلب الصحراء

في مشروع “ذا لاين” بنيوم، لن تكون كل المدينة تحت الأرض، لكن البنية التحتية بأكملها ستكون هناك: النقل، الخدمات، وحتى مراكز الخدمات اللوجستية. النتيجة؟ مدينة نظيفة، بلا سيارات، وبلا فوضى، فوق سطح نظيف ومسالم.

بين الواقع والطموح: هل يمكن أن نعيش بلا شمس؟

علميًا، نعم. يمكن بناء أنظمة إضاءة تحاكي ضوء الشمس، وأنظمة تهوية تبقي الهواء نقيًا، وحتى حدائق تحت الأرض مزوّدة بإضاءة ذكية للنباتات. نحن نملك التكنولوجيا، لكن السؤال الأكبر: هل نملك القبول النفسي؟

فكرة أن نعيش في عالم مغلق، بلا نوافذ، بلا سماء، قد تُشعر البعض بالاختناق. لكن مع الأزمات المناخية وتضاؤل الأراضي، قد يصبح الخيار الأكثر “راحة” هو الحياة في عمق الأرض.

وماذا عن المستقبل؟

مدن تحت الأرض لن تكون مكان هروب مؤقت، بل نموذج حياة جديد. قد تبدأ من المناطق القاسية بيئيًا، لكنها ستتوسع مع الوقت. تمامًا كما سكن الإنسان الكهوف في بداياته، قد يعود لعمق الأرض ولكن هذه المرة ليس بدافع البقاء فقط، بل بدافع الذكاء والتطور.

في النهاية، نحن لا نغادر سطح الأرض لأننا فقدنا الأمل، بل لأننا وجدنا طرقًا جديدة للاستفادة من كل شبر في هذا الكوكب — من أعلاه… إلى أعماقه.

هل تتخيل نفسك تسكن في مدينة تحت الأرض؟ هل ستفتقد الشمس؟ أم أنك تفضل العيش في الظل إذا كان المستقبل هناك؟

أعد التقرير بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي

عن آمنة البوعناني

Check Also

ميتا” تواصل سباق استقطاب المواهب بالاستحواذ على “PlayAI”

أتمت شركة ميتا، مالكة مواقع التواصل، صفقة للاستحواذ على “PlayAI”، وهي شركة ناشئة صغيرة في …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *