اعتبرت المنظمة الدولية للهجرة أن المغرب يواجه تحديات مركبة ناتجة عن تعقيد الظاهرة الهجروية، فضلاً عن تأثيرات التغير المناخي على حركة المرشحين للهجرة غير النظامية، مشددةً على أن هذا الواقع يستوجب اعتماد مقاربة منسقة ومستدامة، مبنية على شراكات دولية ومبادرات مبتكرة قادرة على الاستجابة لهذه التحولات.
وترجع أسباب هذا الواقع، حسب تحليل مُعدي تقرير سنة 2024، إلى كون المغرب بلدًا للهجرة بمختلف أوجهها، حيث يُشكّل بلد وجهة وعبور ومغادرة، مما يجعله في صلب ديناميات هجروية معقّدة تشمل تدفقات داخلية، وعبر الحدود، وعبر الأقاليم.
وأحال التقرير على نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 بالإشارة إلى أن المغرب يستقبل 148 ألف و152 مهاجراً ومهاجرة أجانب، من بينهم مهاجرين في وضعية نظامية وغير نظامية، ولاجئون وطالبو لجوء، مؤكدةً ارتكاز الجالية المهاجرة بشكل أساسي في جهتي الدار البيضاء–سطات بـ 60 ألف و902 شخصاً، والرباط–سلا–القنيطرة بـ 29 ألف و233 شخصاً.
وأوضح التقرير أن المغرب بصفته بلد عبور ومغادرة، فإنه يُعد جزءاً لا يتجزأ من طرق الهجرة عبر الأطلسي غرب إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط الغربي، التي يسلكها المهاجرون الراغبون في الوصول إلى السواحل الأوروبية.
ومن ضمن الأرقام التي استند إليها التقرير، معطيات وزارة الداخلية خلال سنة 2024، حيث أفادت أنه تم إيقاف 78 ألف و685 شخصاً أثناء محاولتهم الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، مبرزةً أن 58 في المئة منهم ينحذرون من غرب إفريقيا، و12 في المئة من شمال إفريقيا، و9 في المئة من شرق ووسط إفريقيا.
وفي ما يتعلق بحكامة تدبير موضوع الهجرة، أورد التقرير أن المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب تواكب السلطات المحلية في بلورة سياسات واستراتيجيات ملائمة ومستدامة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات السياق الترابي واحتياجات الفئات المعنية.
وتابع المصدر ذاته أنه من خلال مبادرات استراتيجية وأدوات مبتكرة، تُسهم المنظمة في تعزيز البعد الترابي في تدبير قضايا الهجرة، وتشجيع الإدماج السوسيو-اقتصادي للمهاجرين والمهاجرات، بما يدعم استقرارهم ومشاركتهم الفاعلة في المجتمعات المحلية.
وفي سنة 2024، تضيف صفحات التقرير أن حكامة الهجرة في المغرب تعززت من خلال دينامية متصاعدة نحو اللامركزية الترابية، وذلك عبر إشراك أقوى للجماعات الترابية في صياغة وتنفيذ سياسات هجرة شاملة، موردةً في هذا الصدد توقيع اتفاقيات مهيكلة وضُبطت أدوات مبتكرة مثل أداة التشخيص الحضري.
وضمن أوجه التأسيس لحكامة جيدة لتدبير الهجرة في المغرب، أشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى إنشاء آليات للتشاور المتعدد الأطراف، والتي ساهمت في ملاءمة السياسات العمومية مع الخصوصيات الترابية، مبرزةً أن هذه التطورات ترافقت مع جهود كبيرة في تقوية قدرات الفاعلين المحليين، مما ساهم في ترسيخ الهجرة كرافعة أفقية للتنمية المحلية.