نواب المعارضة ينسِفون إصلاحات قطاع الصحة ويُنبِّهون لنقص الموارد البشرية

أجمعت مداخلات رؤساء فرق ومجموعات أحزاب المعارضة بمجلس النواب على ضعف العرض الصحي بالمغرب وأزمة الموارد البشرية القادرة على مواكبة “طموحات الحكومة” في ما يعلق بتيسير ولوج المواطن المغربي للعلاج، منتقدين “الفجوة الكبيرة” بين الأرقام التي تقدمها الحكومة في ما يتعلق بإصلاح قطاع الصحة وواقع المستشفيات “المؤسف”.

وركزت مداخلات زعماء فرق ومجموعات مكونات المعارضة بمجل النواب على كشف حقيقة المستشفيات العمومية، من منظورها، وتعرية واقع “النقص الحاد” في الأطر الصحية وشبه الطبية، والكفيلة بإنجاح ورش إصلاح المنظومة الصحية.

محمد أوزين، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، وخلال تعقيبه على عرض رئيس الحكومة في إطار الجلسة الشهرية المخصصة للأسئلة الشفوية عن السياسة العامة، قال إن “ضعف العرض الصحي هو نتاج سياسات عمومية متعاقبة وقطاع الصحة اليوم ليس في حاجة إلى المزيد من التشخيص بل إلى الكثير من الحلول الملموسة”، مشددا على أن “الحق في الصحة هو حق لجميع المغاربة في الجبال والقرى كما المدن والمدخل الأساسي هو معالجة إشكاليات الموارد البشرية”.

وتساءل أوزين، أمام أعضاء الحكومة، في الجلسة الشهرية للأسئلة السياسة العامة، “كيف يمكن أن نغطي العجز الكبير في القطاع الصحي الذي يقدر بـ32 ألف طبيب و65 ألف ممرض؟”، متابعاً “هل بمجموع 25 ألف طبيباً، في القطاعين العام والخاص، سنوفر العلاج لحوالي 40 مليون مغربي؟”.

وأورد المتحدث ذاته أن “حل المشاكل الصحية يتطلب مراجعة جذرية لمنظومة تكوين الموارد البشرية والاستثمار في كليات الطب ومعاهد تكوين الممرضين”، مشددا على أن “ظروف هذه المؤسسات وأوضاع فضاءات العمل تؤدي إلى استفحال هجرة الكفاءات الطبية إلى خارج أرض الوطن، أو إلى القطاع الخاص”.

وسجل السياسي ذاته أن “إصلاح القطاع الصحي لا يرتبط فقط بالبنيات التحتية بحكم أن عدد من المستشفيات الإقليمية التي كلفت الملايين لا تزال مهجورة إلى اليوم بدون تجهيزات ولا موارد بشرية”، مبرزاً أن “لازم على الحكومة أن توضح تصورها في القطاع الصحي والصحة العمومية بشكل عام”.

وفي ما يتعلق التطبيب عن بعد، أشار أوزين إلى أن “هذه الحلول مثيرة للسخرية في بعض الأوساط، خصوصاً القروية منها”، مشددا على أنه “لا يمكن لهذه الحلول أن تنجح في أوساط تفتقد لأبسط البنيات التحتية وهشاشة البنية الرقمية الذي كشفت عنه الهجمات السيبرانية الأخيرة”.

من جهته، اعتبر رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أن “الحق في الصحة مرتبط بمفهوم الدولة الاجتماعية الذي يستلزم الاقتناع وليس شعار فقط الماركوتينغ السياسي”، مشيراً إلى أن “الجديد اليوم في مداخلة رئيس الحكومة هو ربط الصحة بالكرامة الاجتماعية، إلا أننا تفاجأنا بأن عرض رئيس الحكومة كرر ما قيل في 3 جلسات سابقة حول نفس الموضوع”.

وشدد حموني، في تعقيبه باسم فريق “الكتاب” بمجلس النواب على عرض رئيس الحكومة، على أنه “كنا ننتظر جوابا من طرف رئيس الحكومة على 8 ملايين مغربي الذين يوجدون خارج التغطية الصحية أو مراجعة اختلالات المؤشر الذي يعتمد من أجل تحديد المستفيدين من الخدمات الاجتماعية والصحية”. 

ولفت حموني إلى “الفوضى التي يقودها القطاع الخاص في مسار علاجات المواطنين ونفخ الفواتير وطلب عدد من العلاجات التي لا يحتاجها المريض في الأصل”، مبرزاً أن “هذا يهدد الصناديق وديمومتها بحكم هذه الفوضى التي يساهم فيها بشكل كبير لوبي القطاع الخاص”.

وسجل البرلماني ذاته أن “المواطنين في القرى والمدن لابد أن يستفيدون من نفس الخدمات الصحية وبنفس الجودة”، متسائلا “أين هي كرامة المواطن المغربي في علاقته بقطاع الصحة، إذا كان سينتظر سنة أو سنتين من أجل القيام بعملية جراحية عادية، أو 7 سنوات بالنسبة لعمليات صعبة كعملية القلب؟”. 

وتابع حموني: “نعترف أن هناك مجهود تشريعي كبير على مستوى إصلاح المنظومة الصحية وحتى على مستوى تأهيل وتشييد البنيات التحتية”، مستدركاً أن السؤال المهم هو “أين أثر هذه المجهودات؟ وهل يحس بها فعلا المواطن المغربي عندما يلج المؤسسات الصحية؟”.

وفي ما يتعلق بالأدوية، أوضح المتحدث  ذاته أنه “كنا ننتظر بعد تأسيس الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية أن تشرع في عملها وتقدم سياسات دوائية تنهي الفساد الذي يوجد في أسعار هذه الأدوية”.  

مصطفى إبراهيمي، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، قال إنه “لا يمكن أن نتحدث عن الحماية الاجتماعية دون قطاع عمومي قوي”، مسجلاً أن “الحكومة تبدد المالية العمومية بحكم أن 17 مليار درهم ومصاريف أخرى متعلقة بالتغطية الصحية تذهب إلى القطاع الخاص، وهذا يتم مع سبق الإصرار”.

 وأورد المتحدث ذاته أنه “على يد الحكومة الحالية سيفلس المستشفى العمومي لأنه بسبب سياساتها يتم حرمانه من الموارد المالية الضرورية”، متسائلا “كيف يمكن للمجموعات الصحية الترابية أن تنجح إذا كانت لا تتوفر على مداخيل مالية؟”.

وشدد إبراهيمي على أن “الحكومة الحالية تسعى بالإصرار إلى تدمير الصناعة الدوائية المغربية”، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه “قدمتم دعم من أجل الاستثمار في هذا المجال وفي المقابل تم رفع الرسوم الجمركية على الأدوية المستوردة في قانون المالية 2025”.

عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، سجل أنه “لم نجد إلى اليوم أي انعكاس فعلي لشعار الدولة الاجتماعية الذي رفعتموه على أوضاع هذا القطاع الحيوي، ولم تتمكنوا من تفعيل التوجيهات الملكية المتعلقة بتحقق الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والمجالية،  بالرغم من أن هذا القطاع يحظى بإلحاح من طرف نواب الأمة، حيث تم تقديم أزيد من 2500 سؤالا كتابيا، وأزيد من 1300 سؤالا شفويا (إلى حدود نهاية يونيو 2025)”.

وشدد رئيس فريق “الوردة” بمجلس النواب على أن “حكومتكم أخفقت في تفعيل ورش إصلاح المنظومة الصحية وتعميم التغطية الصحية، حيث أننا لا نريد المزايدة عليكم، بقدر ما نود أن نساعدكم في وقف هدر الزمن السياسي والتنموي ببلادنا، وعليه نستعرض أمامكم عشرة مداخل من شأن معالجتها أن يفضي إلى تطوير المنظومة الصحية ببلادنا، وبالتالي إلى تكريس ولوج غالبية المغاربة إلى الحق في الصحة”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “أنظمة التأمين الإجباري عن المرض من استنزاف بسبب ضعف المراقبة وغياب مسلك موحد وبروتوكولات علاجية واضحة، مما يؤدي إلى إنفاق غير مبرر في تقديم العلاجات، دون وجود آليات فعالة للضبط وللرقابة أو تنسيق بين مقدمي ومستهلكي الخدمات الصحية، حيث تُوصف العلاجات بشكل عشوائي مما يزيد النفقات الصحية ويهدد الديمومة المالية وصحة المواطنين”، مؤكداً أن “هذا ما يتطلب منكم تطوير نظام رقابي محكم وإجراءات تنظيمية موحدة لضبط النفقات وضمان نجاعة العلاجات وإجراءات تنظيمية موحدة لضبط النفقات وضمان نجاعة العلاجات”.

وانتقد السياسي اليساري “تغول المصحات الخاصة”، مشيراً إلى أن “الفترة الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في عدد المصحات الخاصة، وبات القطاع الصحي الخاص في المغرب يستحوذ على حصة كبيرة من الخدمات الصحية، خاصة في المدن الكبرى، التي تتركز فيها المصحات الخاصة المزودة بتجهيزات طبية متطورة”.

وأورد المتحدث ذاته أن “المصحات الخاصة الهادفة للربح أو غير الهادفة إليه (مثل مصحات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتعاضديات) تستنزف 11.2 مليار درهم من حصة التمويل الصحي، ما يعادل 18.9 في المائة من النفقات الصحية الحالية، مقابل 15.2 في المائة للمستشفيات العمومية، بما في ذلك المراكز الاستشفائية الجامعية، كما ان المصحات الخاصة تستحوذ على القسط الأكبر من أداءات التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، مقابل 8.4 في المائة فقط للمستشفيات، رغم أن هذه المصحات لا تمثل إلا 33.6 في المائة من عرض الاستشفاء الوطني”.

عن أسيل الشهواني

Check Also

الإصلاح يُنهي “الصحاري الطبية” ونعمل لمراجعة أثمنة الأدوية

قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الإثنين، إن الغاية الجوهرية لكل الإصلاحات “ليست مجرد إصلاحات …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *