«بالذكاء الاصطناعي».. غابات وثلوج ودببة قطبية في الشندغة

ثلوج تتساقط فوق الشندغة، وتغطي منازلها ومعالمها الفريدة، ودبب قطبية تتجول بين أروقتها، وأطفال يتزلجون على الجليد، وغابات بين بيوتها القديمة، وصور تدخلنا في أعماق أشجارها حتى الجذور، كلها مشاهد أعادت تصوير الشندغة بشيء من السريالية عبر الذكاء الاصطناعي، وقدمتها بتصور مفعم بجماليات تتقاطع مع أصالة مساكنها في معرض مبتكر حمل عنوان: «الشندغة بالذكاء الاصطناعي»، وأقيم في بيت «رياليتي» في الشندغة، بمشاركة 11 فناناً ابتكروا بيئات منسوجة من الخيال ومفعمة بالابتكار والجمال والاحتمالات.

تأملات في مشاهد

أسئلة هادئة تحملها الأعمال، وتبدو كما لو أنها تأملات في مشاهد شاعرية المنحى، لا تهدف إلى رصد الواقع أو الجزء التاريخي من المنطقة، بل ابتكار رؤى جديدة في تقديمها. تبحر الأعمال في هذه المنطقة المحملة بالتاريخ والذكريات، لتبرز الأصالة المتحدة مع أكثر أوجه الحداثة والتكنولوجيا.

شاركت الفنانة الإماراتية عزة القبيسي في المعرض من خلال عملها «بين الشندغة»، وهو العمل الأول الذي تقدمه بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ قدمت فيلماً قصيراً من خلال الصور التي التقطتها في الشندغة. وأعادت القبيسي تخيل الانتقالات بين الظل والشجرة، وتحدثت لـ«الإمارات اليوم» عن عملها، قائلة: «كانت تجربة العمل بالذكاء الاصطناعي رائعة، ومنحتني الثقة لتجريب ما أحب، فقد شاركت بدورة تدريبية مع الفنان أحمد العطار، سلّط الضوء من خلالها على فكرة تصوير الشندغة بمساحة محددة، ما جعلنا نرى الشندغة بعيون مختلفة، بعيداً عن المألوف». وأضافت: «التقطت الكثير من الصور للشندغة، واخترت من بينها سبع صور، ربطت بينها من خلال تقنية (الانيميشين)، وكانت تجربة تحمل الكثير من التحديات، ولكنها منحتني الكثير من الأفق في العمل الفني، ولم أتصور أنني سأتمكن من تقديم هذا العمل من خلال دورة بسيطة». ولفتت القبيسي إلى أنها التقطت صورة للملح على جدران البيوت، ثم ابتكرت تقنية وكأنها تدخل حبة الملح، ومن خلالها، إلى أعماق الشجرة، والأرض، والعروق، وصولاً إلى الفاكهة. ونوهت بأنها أرادت إبراز الجزء الخفي وغير الملموس من الثقافة، لاسيما الحياة التي عاشها الناس من قبل. ولفتت القبيسي إلى أن الذكاء الاصطناعي يعمل وفق رؤية الفنان، معتبرة أنها من خلال عملها على أعمال معاصرة، تمكنت من الحصول على إحساس بصري لا يمكن رؤيته إلا في الخيال من خلال الذكاء الاصطناعي، وهذا يجعل الناس ترى أسلوب تفكيرها.

إعادة تخيل

بالجمع بين الواقع والخيال، قدم الفنان محمد الحمادي دعوة إلى إعادة تخيل الشندغة، حيث تبحر الذاكرة في الخيال عبر سلسلة من المشاهد قادرة على ردم المسافة بين الحقيقة والاحتمال، لتضع المشاهد أمام مناخات غير مألوفة، ومشهد بصري متحول، وأجواء تبدو خارجة عن المألوف، ما يدفع المتلقي إلى إعادة النظر في تصوره عن المكان. وعن الأفلام القصيرة التي قدمها، قال الحمادي: «التقطت مجموعة من الصور لمنطقة الشندغة، وأعدت تصورها باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليرى الناس كيف ستكون الشندغة مع أشجار أزهار الكرز التي تنمو في كوريا واليابان، وكيف يمكن أن تكون هذه المنطقة التراثية وسط غابة، أو إن تساقطت عليها الثلوج، مع الإشارة إلى أن هذه التخيلات تتعارض مع الطبيعة المناخية للإمارات، وهذا أبرز ما يميز العمل». وأكد الحمادي أن العمل لم يستغرق وقتاً طويلاً، مشيراً إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهل على الفنان إنتاج العمل الفني. وأوضح أن الفن استفاد كثيراً من التكنولوجيا، ولكن لابد للفنان أن يمتلك الحس الفني، كي يتمكن من استغلال الأدوات في إنتاج أي عمل، فهي أدوات تسهم في اختصار الوقت على الفنان، لاسيما أن كان ملماً بالأوامر التي يمكن أن يقدمها للبرامج للاستفادة منها. واعتبر الحمادي أن الفنان دائماً تكون لديه أفكار خارجة عن المألوف، والذكاء الاصطناعي يسهم في تحويل هذه الأفكار إلى واقع.


غوص بالذكاء الاصطناعي

أعاد الفنانان أندال سيشادري وبريندان راسل كلارك، رحلات الغوص بالذكاء الاصطناعي، وتخيلا كل تفاصيلها، وقدما ملامح الحياة الإماراتية وفق هذه التقنية. وقالت أندال: «نعمل معاً في الفن، وقد اتفقنا على ابتكار هذه الصور التي لم نعتمد فيها على التصوير، وهذا ما جعلنا ندقق في العناصر التي نضعها في كل صورة كي لا تشتمل على أي خطأ في التعبير عن المرحلة والثقافة المحلية». واعتبرت أن التحديات تكمن في الحصول على الصور التي تطابق الواقع دون الاستناد على الأخير، مشيرة إلى أنها تبدو بسيطة، ولكنها معقدة. بينما أكد كلارك أنهما وزعا الأدوار في الأعمال التي قُدمت في المعرض، حيث وضع رؤيته الابتكارية في العمل، مع الجانب الابتكاري الذي تحمله أندال. وأشار إلى أنهما عملا على سبع صور، تمثل بمجملها الإمارات، وتحمل وجوه الحياة المتنوعة في الدولة، بدءاً من الغوص، ومروراً بالصيد والصناعة، للوصول إلى ملامح المستقبل الواعد. واعتبر أن هذا المفهوم يحمل المسار الذي مرت به الحياة في الإمارات.

Google Newsstand

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share


تويتر


عن ثراء زعموم

Check Also

إبداع دبي في أبرز قاعات الموسيقى الكلاسيكية بالعالم

احتفَت هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» بإنجاز استثنائي حققته «الأوركسترا الوطنية للشباب – …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *