من أكادير.. ادريس لشكر يتخلى عَلَنِيا عن دوره في المعارضة ويتحول لناطقٍ باسم حكومة أخنوش (فيديو)

الخط :

ترأس إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مساء أمس الأحد 29 يونيو 2025، أشغال المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بأكادير إداوتنان، في محطة تنظيمية حاول من خلالها إعادة بعث الروح في حزب منهك تنظيمياً ومفكك القواعد محلياً.

ولم تكن كلمة إدريس لشكر، سوى مرآة صادمة لحجم الانحدار السياسي والتنظيمي الذي آل إليه حزب الوردة، ليس فقط على المستوى المحلي بسوس، بل داخل المشهد الوطني ككل، فبدل أن يحمل لشكر رؤية نقدية صريحة لمسار الحزب المتعثر، فضل لعب دور المدافع عن الحكومة، وتقمص خطابها كأنه ناطق غير رسمي باسمها.

وخلال كلمته التي ألقاها أمام المؤتمرين والضيوف، قال لشكر: “لا يمكن إلا أن نكون تلك المعارضة المسؤولة. كيف؟ هل يمكن لي كحزب أن نقف ضد الدعم المباشر وأنا أعرف الكلفة ديالو؟ هل يمكن لينا حنا كحزب نقف ضد المفاوضات اللي كانت لا مع رجال التعليم ونتائجها ولا مع رجال التعليم العالي ولا مع الصحة ولا مع كدا؟ واش غادي نكونو كحزب ضد مأسسة الحوار الاجتماعي…؟ حنا فوضعية متميزة ومن الصعب أن نعارض من أجل المعارضة؟”.

هذا التصريح وحده كافٍ لتأكيد أن إدريس لشكر لم يعد يرى نفسه داخل المعارضة، بل يُمهد الأرضية لصفقة سياسية تضعه مجددًا داخل الحكومة المقبلة، وعلى الأرجح إلى جانب عزيز أخنوش، في تحالف انتخابي يُطبخ على نار هادئة.

والغريب أن لشكر وهو يُعدّد الإنجازات المزعومة للحكومة، نسب إليها الدعم المباشر الذي يدخل ضمن ورش الحماية الاجتماعية، دون أن يذكر أن هذا الورش ملكي بامتياز، وأن دور الحكومة لا يتعدى ضمان تمويله وتنزيله على أرض الواقع، وهو ما فشلت فيه، بدليل الشكايات الكثيرة التي رافقت تطبيقه وغياب العدالة في استفادة المواطنين منه.

والمثير في خطاب لشكر، أنه لم يتفوه ولو بكلمة واحدة تنتقد أداء الحكومة أو تسلط الضوء على إخفاقاتها المتعددة، رغم أن هذه الإخفاقات باتت مكشوفة للرأي العام، من موجة الغلاء التي أثقلت كاهل المواطنين، إلى تعثر إصلاح التعليم، وتدهور أوضاع قطاع الصحة، مرورًا بغياب رؤية واضحة في معالجة البطالة، وتعطّل الحوار الاجتماعي في قطاعات حيوية، تجاهل تام لكل هذه الملفات، وكأن الرجل يتحدث باسم حكومة لا تعرف الفشل. هذا الصمت المُريب يطرح سؤالًا جوهريًا، هل لا يزال الاتحاد الاشتراكي فعلًا حزبًا معارضًا؟ أم أننا أمام تنظيم فقد هويته السياسية، وتحول إلى مكون وظيفي يتهيأ للدخول في تحالف انتخابي مع الأحرار، على حساب المصداقية والموقف والمبدأ؟

وفي مقابل ذلك، فقد سبق لعبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي في المعارضة الاتحادية، أن وجه، انتقادات حادة لحكومة أخنوش، بخصوص فشلها في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية. ففي جلسة بمجلس النواب، تساءل شهيد عن مدى تعميم برنامج “آمو تضامن” على الفئات الهشة، وعن مصير ملايين الأسر التي تم استبعادها بسبب العتبة والمؤشرات الجديدة، كما كشف أن عدد المستفيدين الفعليين من التغطية الصحية لا يتجاوز نصف المتوقع، وبيّن ضعف استفادة الفلاحين والعمال في الصناعة التقليدية من البرامج الحكومية، مشككًا في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها الإصلاحية في الصحة والتقاعد ومكافحة الفقر، مؤكدًا أن معدلات الفقر والهشاشة في ارتفاع متواصل، ما يشكل تناقضًا صارخًا مع الخطابات التي حاول لشكر تلميعها دفاعًا عن الحكومة.

هذا الانقلاب في المواقف ليس جديدًا على الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، لكن هذه المرة كان أكثر اندماجًا مع الحكومة وأكثر استعدادًا للتنازل عن كل شيء مقابل العودة إلى دواليبها بعد الانتخابات المقبلة، ومع ذلك، لا زال يتحدث عن “معارضة مسؤولة”، في خطاب لا يختلف كثيرًا عن صيغة “المساندة النقدية” التي روّج لها سابقًا حزب الاستقلال قبل أن يبتلعها منطق المقاعد والكراسي، فالمسؤولية في المعارضة لا تعني التغاضي عن فشل السياسات العمومية، ولا الصمت عن الإخفاقات بحجة المصلحة الوطنية، بل تقتضي الصراحة مع الشعب، والوضوح في الخطاب، والانتصار للمطالب الاجتماعية وليس للصفقات السياسية.

ومن جهة أخرى، كان لشكر يتحدث عن أزمة التنظيم، واعترف أن الاتحاد الاشتراكي عرف خلال 25 سنة الماضية أكثر من ستة انشقاقات، وكلها كانت بدافع الصراع على المواقع والمصالح، وليس بسبب اختلافات في المشروع أو المرجعية، لكنه، كالعادة، حاول تعويم المسؤولية واستحضر وقائع التاريخ الإسلامي لتبرير الفتنة والانقسام، وكأن ما يقع داخل الحزب أمر قدري لا دخل للقيادات فيه.

أما حديثه عن تموقع الاتحاد في الأغلبية المسيرة لمدينة أكادير إلى جانب أخنوش، وربطه بالأوراش الملكية الكبرى التي تشهدها المدينة، فلم يكن سوى محاولة لتغطية العجز التنظيمي والسياسي خلف يافطة المشروع الملكي، إذ من المفارقة أن يقرّ لشكر بتراجع الحزب، ثم يدّعي في الآن نفسه القدرة على مواكبة مشاريع استراتيجية كبرى، رغم أن الحزب محليًا يعاني من ضعف القيادات، واحتراق داخلي عنوانه التناحر والتيه.

وفي محاولة يائسة لإنعاش الروح داخل الهياكل المحلية، عاد لشكر إلى تكرار أسطوانة “الشرعية التاريخية”، مستعرضًا أصول الحزب في سوس، ومساهمات مناضليه في المقاومة والنقابات، لكن الواقع اليوم يؤكد أن أبناء سوس الذين صنعوا مجد الاتحاد الاشتراكي، هم أنفسهم الذين تخلى عنهم ولفظهم منذ أن تولى زعامة الحزب.

عن أسيل الشهواني

Check Also

السكوري يكشف مستجدات إصلاح مدونة الشغل ويربطها بمواجهة البطالة

ربط يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، اليوم الإثنين، بين ورش إصلاح …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *