اعتبر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن المملكة المغربية مؤهلة للعب دور أساسي في إخراج منطقة الشرق الأوسط من حالة الانسداد السياسي التي تسببت فيها المقاربات المتطرفة والحسابات الضيقة والنزعات الاستئصالية.
وشدد الحزب، في بلاغ صادر عن اجتماعه المنعقد مساء الثلاثاء 24 يونيو 2025 بمقره المركزي بالرباط، برئاسة الكاتب الأول إدريس لشكر، على ضرورة استعادة القرار الوطني الفلسطيني المستقل والوقوف في وجه محاولات تهميش القضية الفلسطينية ضمن الترتيبات الجارية.
واستعرض المكتب السياسي في الوقت نفسه السياق الإقليمي المتأزم الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط، حيث أكد أن التطورات الدراماتيكية الأخيرة تجاوزت كل التوقعات السوداء، وانتهت بأقل السيناريوهات قتامة ورعبا.
ورحب الحزب باتفاق وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع، واعتبره خطوة إيجابية جنّبت المنطقة مزيدا من الدمار، لكنه عبّر في المقابل عن مخاوف مشروعة من أن يتحول هذا الاتفاق إلى مدخل لتنازلات كبرى تمس جوهر القضية الفلسطينية، تحت ضغط التوافقات الإقليمية والدولية والمصالح الخاصة بكل طرف.
وأكد الاتحاد الاشتراكي انحيازه الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتمسكه بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد له، محذرا من الوضع الكارثي الذي خلفته فصول المواجهة منذ 7 أكتوبر 2023، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو القدس، حيث مورست كل أشكال جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية، كما رصدتها المنظمات الأممية والحقوقية المعتمدة.
كما أشار إلى سقوط حوالي 60 ألف شهيد وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين داخل وطنهم، وتحولهم إلى لاجئين على أرضهم، في ظل مخططات دولية تروم التهجير والترحيل والتوطين البديل.
واعتبر الحزب أن عودة جيش الاحتلال إلى قطاع غزة ترافق مع تدمير شامل لكل البنيات الإدارية والاستشفائية والسياسية والمدنية التي بناها الشعب الفلسطيني خلال سنوات الكفاح السلمي، منذ توقيع اتفاقيات السلام، مما يشكل انتكاسة عميقة لكل ما تحقق من مكاسب سياسية.
وأبرز البلاغ غياب القضية الفلسطينية، خاصة ملف رفع الحصار عن غزة ووقف مسلسل تجويع شعبها، عن الترتيبات الإقليمية التي تحكمت فيها “ديبلوماسية القوة”، بعيدا عن أي منطق إنساني أو سياسي عادل.وترى القيادة الاتحادية أن القضية الفلسطينية اليوم تواجه وضعا غير مسبوق منذ نكبة 1948، حيث اجتمعت ملامح النكبة والنكسة والهزيمة في مشهد واحد، ما يهدد المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
كما اعتبر أن أخطر ما يواجه هذه القضية اليوم هو تغييبها الإرادي من معادلات التسوية الإقليمية، وتعطيل مجهودات الرأي العام الدولي والعربي والإسلامي، بل وتجريد الفلسطينيين من قرارهم الوطني لفائدة قوى خارجية لا تخدم أفقهم التحرري، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا لحقهم في إقامة دولتهم الحرة والمستقلة القابلة للحياة.
وانطلاقا من “تاريخه العريق في دعم القضية الفلسطينية، ووعيه بمشروعية مطالب الشعب الفلسطيني كما تقرّها المواثيق الدولية وضمير الإنسانية، وتجاوبا مع الإرادة الوطنية الفلسطينية المستقلة”، أعلن الاتحاد الاشتراكي التزامه بإطلاق حملة تعبئة وتحسيس نشطة وأكثر دينامية داخل مختلف التكتلات والمنظمات الإقليمية والدولية، بما فيها الفضاء العربي، والأممية الاشتراكية، والتحالف التقدمي، وملتقى أحزاب أمريكا اللاتينية والكاريبي (COPPPAL)، واللجنة الإفريقية، والاتحاد الدولي للشباب، والمنظمة الاشتراكية للنساء، إلى جانب النقابات والمنظمات الحقوقية والمدنية التي تجمعه بها شراكات أو عضوية مشتركة.
وأكد البلاغ اعتزاز الاتحاد بالأدوار التاريخية التي اضطلعت بها المملكة المغربية في دعم القضية الفلسطينية على المستويين الشعبي والرسمي، سواء من خلال احتضان الاعتراف العربي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني سنة 1974، أو عبر مساهمتها في إنجاح مؤتمر فاس العربي سنة 1982، أو من خلال حضورها الفعال في مسلسل مدريد ومفاوضات السلام، إضافة إلى دعم السلطة الوطنية الفلسطينية وتقديم الدعم المستمر لسكان القدس من خلال وكالة بيت مال القدس الشريف.
وأشاد الاتحاد الاشتراكي بالمكانة الرفيعة التي يحظى بها الملك محمد السادس، سواء من خلال رئاسته للجنة القدس أو حضوره في المحافل الدولية كقائد دولي للسلام والتعايش، مثمنا المجهودات المتواصلة التي يبذلها جلالته من أجل استنهاض الضمير العالمي وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء.
وانطلاقا من هذه المكانة المرموقة والمصداقية التي تحظى بها المملكة لدى مختلف الأطراف، اعتبر الاتحاد الاشتراكي أن المغرب مؤهل للاضطلاع بدور حاسم في الخروج من حالة الانسداد السياسي التي تعيشها المنطقة، وفي إعادة إحياء المسار السياسي الفلسطيني، من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين.