دراسة تكشف دور الرياضة المنتظمة في نجاة مرضى سرطان القولون

 

ربطت دراسة دولية حديثة بين النشاط البدني المنظم وتحسين معدلات النجاة من سرطان القولون، مؤكدة الدور الحيوي للتمارين الرياضية في الوقاية والعلاج. الدراسة التي أُطلق عليها اسم “التحدي” نُشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية وكُشف عنها خلال مؤتمر الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري في شيكاغو، الحدث الأبرز سنويًا في أبحاث السرطان.

وشملت الدراسة 889 مريضًا في ست دول، جرى تتبعهم لسنوات بعد خضوعهم للعلاج الكيميائي. قُسّم المشاركون إلى مجموعتين: الأولى تلقت رعاية طبية تقليدية، بينما التحقت الثانية ببرنامج رياضي مكثف استمر ثلاث سنوات، تضمن خطط تمارين شخصية وإشرافًا منتظمًا من أخصائيي اللياقة. النتائج كانت لافتة: انخفاض بنسبة 28% في تكرار الإصابة، و37% في معدلات الوفيات بين من مارسوا التمارين.

واختار معظم المشاركين المشي السريع لنحو 45 دقيقة أربع مرات أسبوعيًا، وتمكن 90% منهم من البقاء دون انتكاسة لمدة خمس سنوات، مقارنة بـ 74% فقط في المجموعة الأخرى. هذه أول تجربة عشوائية مُحكمة تُثبت بشكل قاطع أن التمارين الرياضية لا ترتبط فقط بتحسين الحالة الصحية بل تُقلل فعليًا من احتمالات الوفاة بالسرطان.

ورغم بعض الإصابات العضلية الطفيفة في مجموعة التمارين (19% مقابل 12%)، أكّد الباحثون أن الفوائد تفوق بكثير هذه الأعراض الجانبية البسيطة، خاصة مع الدعم المستمر من مدربي اللياقة، الذي ساعد المشاركين على الالتزام بالبرنامج.

لكن في المقابل، أثارت دراسة موازية عُرضت في المؤتمر ذاته بعض التساؤلات، إذ وجدت أن عدّائي الماراثون لديهم معدلات أعلى من ظهور السلائل في القولون، وهي أورام حميدة قد تتحول لاحقًا إلى سرطان. ورغم أن هذه النتائج لم تُسجل ارتفاعًا فعليًا في نسب السرطان بين الرياضيين، فإنها دفعت الأطباء إلى دعوة الرياضيين المحترفين لإجراء فحوصات دورية وتنظير قولون كإجراء وقائي.

يُرجّح أن ارتفاع معدل السلائل بين العدّائين لا يعود بالضرورة إلى التمارين نفسها، بل ربما إلى خضوعهم لفحوصات أكثر، أو إلى تأثيرات جانبية مثل الجفاف أو تغيّرات في وظيفة الأمعاء أو استخدام المكملات الغذائية. ويؤكد الباحثون أن خطر الإصابة بالسرطان لا يزال أقل بين النشطين بدنيًا مقارنة بمن يعيشون حياة خاملة.

وترى الدراسة أن النشاط البدني يؤثر في آليات بيولوجية دقيقة مثل الالتهاب، والمناعة، وحساسية الأنسولين، مما يجعله أداة قوية في الوقاية من السرطان. حاليًا، يُجري العلماء تحليلات دم لفهم كيفية تأثير التمارين على هذه العمليات، بهدف تطوير “وصفات تمرين” مخصصة لكل مريض بحسب حالته الجينية.

وخلصت الدراسة إلى أن  التمارين المنتظمة، المعتدلة والموجهة طبيًا، يمكن أن تكون سلاحًا فعالًا ضد سرطان القولونأما رياضيو التحمل، فعليهم الموازنة بين كثافة التدريب والرعاية الوقائية. في النهاية، تبقى الحركة عنصرًا أساسيًا في معادلة الصحة، لكن الجرعة المناسبة والتوجيه الطبي السليم هما مفتاح الاستفادة الحقيقية.

 

Google Newsstand

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share


تويتر


عن ثراء زعموم

Check Also

«الذكاء الاصطناعي» يسرق الأغنيات من أصحابها بـ «ضغطة زر»

أصبح في مقدور أي شخص الآن تأليف أغنية أو تلحينها أو غناؤها بصوت مطرب بمجرد …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *