موريتانيا تتمسك بـ”الحياد” في قضية الصحراء وبإغلاق منافذ “البوليساريو”

أكد الحسين ولد مدو، وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة الموريتانية، تمسك نواكشوط بموقفها الثابت من نزاع الصحراء، الذي وصفه بـ”الحياد الفاعل”، مؤكداً في الوقت ذاته عمق علاقات بلاده بالمغرب، ودورها المحوري في الدفع نحو حل توافقي يخدم الاستقرار الإقليمي.

وقال الوزير، في حوار مع قناة “فرانس 24” الفرنسية، إن الموقف الموريتاني من قضية الصحراء “لم يتغير”، وإن بلاده “تدفع الطرفين (المغرب والجزائر) إلى التفاهم والتصالح”، مضيفًا أن “السياسة الموريتانية قائمة على الدفع إلى التوصل إلى حل يرضي الطرفين، لما فيه مصلحة الإقليم الذي يشله هذا النزاع بشكل كبير”.

وعلى الرغم من اعتراف عدد متزايد من الدول، بينها فرنسا، بمغربية الصحراء، شدد الناطق باسم الحكومة الموريتانية على أن بلاده لا تكتفي بـ”الحياد الإيجابي” وإنما تنتهج “الحياد الفاعل”، من خلال العمل مع الأمم المتحدة والدول المعنية من أجل الدفع بالعملية السياسية نحو تسوية متفق عليها.

وفي معرض رده على سؤال حول إغلاق منطقة “لبريكة” الحدودية مع الجزائر، أوضح الوزير أن الأمر يدخل ضمن “سياسة تعزيز البعد الأمني على مستوى المنافذ الحدودية”، مشيرًا إلى أن بعض المناطق الحدودية غير المأهولة تم تأمينها لتفادي التسلل والانفلات الأمني، دون أن يشير صراحة إلى منع عناصر من جبهة البوليساريو.

أما بشأن حادث مقتل منقبين موريتانيين في قصف مجهول المصدر داخل المنطقة العازلة شمال البلاد، فقد أكد أن “أمن المواطنين الموريتانيين يظلون أولوية مطلقة”، مشيرًا إلى أن هذه الحوادث تقع خارج حدود البلاد، وأن الحكومة تعمل على تحسيس المواطنين وتوجيههم للابتعاد عن المناطق المتوترة.

وفي نفي قاطع للأنباء التي تحدثت عن وجود قوات أجنبية أو قواعد عسكرية إماراتية على الأراضي الموريتانية، قال ولد مدو: “لا وجود لأي جيش أجنبي داخل الأراضي الموريتانية، وحدودنا مؤمنة بالكامل ولا يوجد شبر واحد خارج السيطرة”، مؤكدًا أن الجيش الوطني هو من يتكفل بحماية البلاد.

وبداية يونيو الجاري، أعلنت نواكشوط إغلاق منطقة “لبريكة” الحدودية مع الجزائر، معتبرة إياها منطقة عسكرية محظورة على المدنيين. هذا القرار يأتي بعد تصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة، وعلى رأسها محاولات تسلل عناصر من جبهة البوليساريو إلى الأراضي الموريتانية، بهدف تنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف مغربية.

وقد استخدم الجيش الموريتاني الطائرات المسيرة لمطاردة هذه العناصر وإجبارها على التراجع، في مؤشر واضح على تطور القدرات العسكرية الموريتانية واعتمادها على أدوات المراقبة الحديثة لتعزيز سيطرتها على حدودها الشرقية.

في السياق ذاته، رفض الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني طلبًا من جبهة البوليساريو بإعادة فتح الحدود الشمالية، مؤكدًا في موقف حاسم على ضرورة احترام سيادة بلاده، ورفض استخدام أراضيها كمنصة لشن هجمات ضد أي دولة، في إشارة صريحة إلى المغرب.

ويشكل هذا الموقف تحولًا جذريًا في تعاطي نواكشوط مع جبهة البوليساريو الانفصالية، التي كانت تاريخيًا تحتفظ بعلاقات ودية مع السلطات الموريتانية. إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن موريتانيا بصدد إعادة تقييم شاملة لمواقفها الإقليمية، خاصة في ظل تزايد التنسيق الأمني والاقتصادي مع الرباط.

عن أسيل الشهواني

Check Also

تراجع المغرب بالتصنيفات السياحية يسائل عمور

وجه المستشار البرلماني خالد السطي، ممثل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *