الدكتور عادل اليماني يكتب : …………………….. عَبقَرِيَّةُ مُحَمَّدٍ ، خيرِ خَلْقِ اللهِ كُلِّهمِ ..

 

ليسَ من الإنصافِ ، مقارنةُ مُحَمَّدٍ ، صلي اللهُ عليه وسلمَ ، بغيرِه من هؤلاءِ الآلافِ من العظماءِ ، الذين لمعتْ أسماؤهم عبرَ التاريخِ ، وسطرَها في صفحاتِه ، منذُ بدءِ الخليقةِ ، وإلي أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها ، والذين أُطلِقَ عليهم {الخالدون } تكريماً وتبجيلاً .
فمبلغُ العلمِ فيه أنَّه بَشَرٌ ،
وأنَّه خيرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهمِ ..
لماذا ؟ أهو نوعٌ من العصبيةِ والتحيزِ ، لشخصٍ بعينه ؛ لأنَّه نبيُك ؟
الإجابةُ : لا . بل ، لأنَّه مُختلفٌ تماماً ، فَمن العظماءِ ، عظيمُ العقلِ ، لكنَّه متواضعُ المشاعرِ ، ومنهم بليغُ القولِ ، محدودُ الفكرِ ! ومنهم بارعُ القيادةِ ، سئُّ الأخلاقِ ! نجاحٌ في جانبٍ ، وفشلٌ في جوانبَ ، وقد تُنسبُ عبقريتُه لهَذَا الجانبِ الأوحدِ ! وما من أحدٍ من هؤلاءِ ، إلا كانتْ له نواحٍ ، يحرصُ على سترِها ، وكتمانِ أمرِها ، ويخشى أنْ يطَّلِعَ الناسُ على خبرِها ، نواحٍ قد تتعلقُ بشهوتِه ، و تدلُ على ضعفِه .
أما مُحَمَّدٌ ، صلى اللهُ عليه وسلمَ ، فهو وحدَه الذي جمعَ العظمةَ والجمالَ والكمالَ ، معاً ، وفي نفسِ الوقتِ ، وحدَه الذي أذِنَ لأصحابِه أنْ ينقلوا عنه كُلَّ ما يكونُ منه ، ويبلغوه للناسِ .
لم يتفوقْ فقط علي البشرِ أجمعين ، بل تقدمَ علي الأنبياءِ أنفسِهم :
فَاقَ النبيّينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ ،
ولم يُدانُوه في عِلْمٍ ولا كَرَمِ ..
جمعَ المكارمَ ، وخلا من كُلِّ النقائصِ :
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني ،،
وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ ..
خُلقتَ مبرأً منْ كُلِّ عيبٍ ،،
كأنَّكَ قدْ خُلقتَ كما تشاءُ ..
كانَ ( ص ) يخْصِفُ النعلَ ، ويُرَقِّعُ الثوبَ ، ويحلبُ الشاةَ ، ويخْدِمُ أهلَه ، يجيبُ دعوةَ العبدِ والحُرِ ، ويقبلُ الهديةَ ، ولو كانتْ جرعةَ لبنٍ ، ويكافئُّ عليها ، ولا يأكلُ الصدقةَ ، ويجيبُ الأمَةَ والمسكينَ ، يغضبُ لربِّه ، ولا يغضبُ لنفسِه ، يُقيمُ الحقَ ، ولا يَطْعَمُ إلا حلالاً ، يؤثِرُ على نفسِه ، لا فقراً ولا بخلاً ، يعودُ المرضى ، ويشهدُ الجنائزَ ، ويمشي وحدَه بينَ أعدائِه بلا حارسٍ ، يُجالسُ الفقراءَ ، ويواسي المساكينَ ، يُعينُ المظلومَ ، ويُغيثُ الملهوفَ ، وينصرُ الضعيفَ ، ويُكرِمُ أهلَ الفضلِ ، يصلُ الرحمَ ، ويقبلُ المعذرةَ ، يمزحُ ولا يقولُ إلا حقاً ، لا يهابُ ملكاً ولا سُلطاناً ، ما خُيِّر بينَ أمرين إلا اختارَ أيسرَهما ، إلا أنْ يكونَ فيه إثمٌ أو قطيعةُ رَحمٍ ، نشأَ في بلادِ الجهلِ يتيماً ، بلا أبٍ ولا أمٍ ، فعلَّمه اللهُ تَعَالَى ، محاسنَ الأخلاقِ ، وأخبارَ الأولين والآخرين ، وما فيه النجاةُ والفوزُ في الآخرةِ ، والغِبطةُ والسعادةُ في الدُنيا ، ولزومُ الواجبِ وتركُ الفضولِ .
كانَ خُلُقه القرآنَ ، وكانَ أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا .
ارتجفَ رجلٌ أمامَه ، فقالَ : هوِّنْ عليكَ ، فإنِّي لستُ بملِكٍ ، إنَّما أَنا ابنُ امرأةٍ تأكُلُ القَديدَ ..
إذا بلغَه عن الرَّجل الشَّئُّ ، لم يقلْ : ما بالُ فلانٍ يقولُ ؟ وإنَّما : ما بالُ أقوامٍ يقولون كذا وكذا ؟ .
أخبرَه أحدُهم بأنَّه رأي فلاناً مع فلانةٍ ، فقالَ له : لوسترتَه بثوبك ، كانَ خيراً لك ..
قالَ فيه حسانُ ابنُ ثابتٍ ، قبلَ إسلامِه :
لما رأيتُ أنوارَه سطعتْ ،،
وضعتُ من خِيفتي كفي على بصري ..
خوفاً على بصري من حُسنِ صورتِه ،، فلستُ أنظرُه إلا على قدري ..
عفا عن مشركي قريشٍ ، وتسامحَ مع الناسِ جميعاً ، وتعايشَ مع أهل الشرائعِ ، واحترمَ معتقداتِهم ، ومنحَهم حقوقَهم كاملةً ، غيرَ منقوصةٍ ، وجرمَ مَنْ يُفكرُ ، مجردَ التفكيرِ ، في الإساءةِ إليهم ، قالَ ( ص ) : ألا مَنْ ظَلمَ معاهَداً أوِ انتقصَه أو كلَّفَه فوقَ طاقتِه أو أخذَ منهُ شيئًا بغيرِ طيبِ نفسٍ فأنا خَصمهُ يومَ القيامةِ ..
ولذا أحبَه الجميعُ ، واحترمَه الجميعُ ، وأقرَ بفضلِه الجميعُ ، وأشادَ بخُلُقِه الجميعُ ، حتي مَنْ خالفَه .
كانَ رحمةً لكُلِّ الخلائقِ : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ..
وصفَ نفسَه بالرحمةِ : إنَّما أنا رَحْمةٌ مُهْداةٌ ..
رحمةٌ بالبشرِ ، والطيرِ والحجرِ والدوابِ ، وسائرِ المخلوقات ..
أنبياءُ اللهِ منزلتُهم عاليةٌ رفيعةٌ ، ومقامُهم عظيمٌ ومحفوظٌ ، فهم صفوةُ خلقِ اللهِ ، ورغمَ ذلكَ ، ناداهم اللهُ بأسمائهم : “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ” ، “وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ” ، “قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ” ، “فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى” ، “وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ” وهكذا ، إلا رسولَ اللهِ ( ص ) فأنَّك لا تجدُ في القرآنِ كُلِّه “يا محمد” وإنَّما : “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ” أو “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ” تكريمٌ وتشريفٌ ورفعةٌ ..
علا فوقَ الأخلاقِ ذاتِها ، وتخطاها : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ..
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ..
هكذا وصفه ربُّه سُبحانَه ، إذ هو نطفةٌ مباركةٌ ، من أصلابِ الأنبياءِ والمرسلين .
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ..
فلا يُذْكَرُ اللهُ ، في الشَهادةِ ، إلا ذُكِرَ معه رسولُ الإنسانيةِ :
أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة ِخَاتَمٌ ،
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ ..
وَضَمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمِهِ ،
إذا قالَ في الخمْسِ المؤذِّنُ أشهدُ ..
وشقَّ له من اسمِه لِيُجِلَّهُ ،
فذو العرشِ محمودٌ ، وهذا محمدٌ ..
لو أتينا اللهَ تَعَاَلي ، من كُلِّ طريقٍ ، واستفتحنا من كُلِّ بابٍ ، لما فُتِحَ لنا حتى ندخلَ خلفَ رسولِ اللهِ ( ص ) .
لما اقترفَ آدمُ الخطيئةَ ، قالَ : أي ربَّي ، أسألُك بحقِّ محمدٍ أنْ تغفرَ ليِّ ، فقالَ : يا آدمُ ! وكيفَ عرَفتَ محمداً ، ولم أخلُقْهُ بعد ؟ قالَ : لمَّا خلقْتني بيدِك ، ونفختَ فيَّ من روحِك ، رفعتُ رأسيَّ ، فرأيتُ على قوائمِ العرشِ مكتوباً : لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ ، فعلِمتُ أنَّك لا تُضِيفُ إلى اسمِك ، إلا اسمَ أحبِّ الخلقِ إليكَ ، فقالَ اللهُ : غفرتُ لكَ ، ولولا محمدٌ ما خلقتُك .
قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْبخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ ، فَلَم يُصَلِّ علَيَّ ..
فرضٌ علينا في العُمْرِ مرةً ، وواجبٌ علينا في كُلِّ مرةٍ ..
اللَّهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ ، الفاتِحِ لِما أُغلِقَ ، والخاتَمِ لِما سَبَقَ ، ناصرِ الحَقِّ بالحَقِّ ، والهادي إلى صِراطِك المُستَقيمِ ، وعلى آلِه ، حَقَّ قَدْرِه ومِقدارِه العَظيمِ ..
اللَّهُمَّ صَلِّ على سيدِ الأنبياءِ ، صاحبِ المقامِ المحمودِ ، والحوضِ المورودِ ، واللواءِ المعقودِ :
أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري،
بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ انتِسابا ..
مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدرًا ،
فَحينَ مَدَحتُكَ اقتَدتُ السَحابا ..
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ..

ظهرت المقالة الدكتور عادل اليماني يكتب : …………………….. عَبقَرِيَّةُ مُحَمَّدٍ ، خيرِ خَلْقِ اللهِ كُلِّهمِ .. أولاً على التعليم اليوم.

عن ثراء زعموم

Check Also

تأثير وجبة الفطور على الوزن والصحة

كشف فريق من العلماء الإسبان عن مدى أهمية تناول وجبة فطور متوازنة للحد من زيادة …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *