في مشهد يعكس مناخ التوتر المتصاعد بين مكونات المشهد الحزبي المغربي، اختار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يخرج عن صمته، ردًا على ما وصفه بـ”التهجمات المتكررة” التي تستهدفه وقيادته، وعلى رأسها الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، وذلك عقب تصريح للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، اتهم فيها لشكر بـ”البلطجة”.
واعتبر الاتحاد الاشتراكي أن “مهاجمة الحزب باتت مهنة عند البعض، وشغلاً شاغلاً لفئة لا تتقن سوى الصراخ في الفضاء الرقمي، وترويج الأكاذيب، واختلاق القصص، وتزوير التاريخ”، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بنقد ديمقراطي مشروع، بل بما سماه “تحاملا فجا وتحريضا مبيتا يهدف إلى الإقصاء والشيطنة”.
وأضاف الحزب في “رسالة الاتحاد” أن ما يتعرض له من هجوم ليس حملة معزولة، بل هو “حرب سياسية قذرة تُدار بلا أخلاق وبلا سقف، عنوانها الحقيقي هو الخوف… لا من الماضي، بل من الحاضر والمستقبل”، مشيرًا إلى أن رمزيته التاريخية والفكرية لا تزال تقلق خصومه، وتدفعهم إلى محاولة طمس حضوره الوطني والتقدمي.
وجاء في نص الرسالة أن الاتحاد الاشتراكي “ليس حزبًا عابرًا، ولا قوة ظرفية برزت بفضل موجة أو انتخابات”، بل هو “مؤسسة وطنية ناضلت من أجل الديمقراطية، وقدّمت الشهداء والمعتقلين والمناضلين الأوفياء”، مضيفًا أنه “ساهم في بناء وعي سياسي جماعي، وخاض تجربة التدبير بحصيلة لا تُقارن إلا بما قبلها وما بعدها”.
وذكّر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمرجعيته النضالية، معتبرًا أن خصومه “لا يعارضون مواقفه، بل يكرهون وجوده نفسه”، ويخشون حزبًا “أثبت في كل محطة مفصلية أن صوته لا يُشترى، وأن موقعه لا يُستأجر”.
ورغم نبرته الحادة، أكدت الرسالة أن الاتحاد “لا يخشى النقد، بل يرحب به”، موضحًا أن مدرسة الحزب “هي مدرسة النقد الذاتي، والتعدد، والجدل السياسي العميق”. لكنها شددت على أن ما يُمارس اليوم في حقه “ليس نقدًا، بل تحريف متعمد وتحريض سافر”، محذرًا من “أصوات تحاول خنق التعدد داخل الحقل السياسي، ومحو كل أثر للفكر الاشتراكي التقدمي”.
وفي محاولة لتكذيب ما راج حول ما وصفه البعض بـ”فشل اللقاء”، استحضر الحزب محطته التنظيمية ببني ملال، والتي اعتبرها رسالة قوية تؤكد امتداده الشعبي والتنظيمي.
وذكر أن “أكبر قاعة في بني ملال ضاقت بالحشود الاتحادية: شيبًا وشبابًا، رموزًا ومؤسسين، أجيالًا تمتد إلى جذور المقاومة والوطن العميق”، مشيرًا إلى أن “كثيرين ظلوا خارج القاعة، رغم حرارة الطقس، فقط من أجل الاستماع والمشاركة في مؤتمر إقليمي طال انتظاره”.
وأكد الاتحاد الاشتراكي أن النجاح اللافت لمحطات الحزب المتتالية، من فاس إلى خريبكة ثم بني ملال، وفي ظرف ساعات فقط، هو “دليل على أن الاتحاد ليس مجرد خزان انتخابي، بل قوة سياسية حيّة تتحرك بخطى واثقة نحو المستقبل”.
وفي هذا السياق، أبرزت الرسالة أن “الإجماع على انتخاب الكاتب الإقليمي ورئيس المجلس الإقليمي، والنداءات التي ارتفعت للمطالبة بتمثيلية في الأجهزة الوطنية القادمة، كلها إشارات واضحة على أن الجهة حاضرة في المشروع الاتحادي، ولا تقبل التهميش أو التبخيس”.
ولم يتردد الاتحاد الاشتراكي في اتهام من سماهم بـ”المندسين” في لقاء بني ملال، بالتحامل ونشر المغالطات. واعتبر أن هؤلاء “لم يجدوا ما يزوّدون به كُتّابهم سوى الكذب والاختلاق”، مشيرًا إلى أنهم “يعلمون علم اليقين أن حبل الكذب قصير، وأن القطار قد انطلق بالفعل، ولن ينتظر من يتمنون، في قرارة أنفسهم، لو لم ينطلق أبدًا”.
رسالة الاتحاد أكدت أن الحزب “لا يطلب امتيازًا، ولا يخاف معركة، ولا يرهب خصومه كما لا يقبل أن يُرهب”، موضحة أن الاتحاد “حزب وُلد من رحم الشعب، ويعود إليه مهما تعالت الضوضاء، ومهما تعفنت أدوات الصراع، لأن السياسة، كما الوطن، لا تُبنى بالكراهية، بل بالحق، وبالوضوح، وبالمبدأ”.