في أول تدخل له بعد غياب طويل، شكل اعتراض هشام المهاجري، النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، على تقديم مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، رأي الحكومة بخصوص مقترحات قوانين، جدلا دستوريا داخل جلسة عمومية تشريعية.
وخلال تقديم مقترحات القوانين، اليوم الثلاثاء، أثار ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، أن هناك مصادرة لحق المشرع وتبخيس لعمله، مفيدا أن مقترحات القوانين يؤخذ القرار بشأنها مدراء في رئاسة الحكومة، ولا توجد لجنة وزارية أو بين وزارية، متسائلا “كيف يعقل أن يتم التحكيم بالنسبة للعمل التشريعي عبر مدراء؟”.
وشدد السنتيسي على أن مقترحات القوانين توجد في نفس مكانة مشاريع القوانين، عكس ما يذهب إليه البعض، مبرزا أن البرلمان ينبغي أن يدافع عن ذلك، مضيفا أن التعليل الذي يتم تقديمه لرفض الحكومة مقترحات القوانين بكونها لا تنسجم مع البرنامج الحكومي غير معقول لأنه لا علاقة بينها، خاصة وأن المقترحات تسد ثغرات قانونية.
وانتقد السنتيسي عدم حضور الحكومة في أشغال اللجان لمناقشة مقترحات القوانين، مبرزا أن المواطن يجب أن يسمع لأراء الحكومة وتبريرها، داعيا إلى احترام الأسبقية في مناقشىة إحالة المقترحات والمشاريع، منتقدا تراكم عدد كبير من المقترحات ضمن جلسة واحدة.
ومن جهته، رد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، بأن الحكومة تحترم المبادرة التشريعية البرلمانية، ومظاهر هذا الاحترام متعددة، موضحا أن من بين أبرز هذه المظاهر المسطرة المتبعة في التعاطي مع المقترحات، مبرزا أن الأمر كان ينظم سابقا من خلال اجتماع لجنة تقنية بحسب منشور لرئيس الحكومة، وهذا المنشور بفعل الممارسة بات متجاوزا ولا يُسمع الصوت التقني، ولهذا تقرر إصدار مرسوم ينظم العملية لإجبار القطاعات الحكومية على الحضور، وأن تكون ممثلة على الأقل بدرجة مدير للاستماع لآراء اللجنة التقنية.
ونفى بايتاس كون الحكومة لا تجتمع لمناقشة المقترحات، مبرزا أن الحكومة منذ تنصيبها تجتمع مرة في الشهر، وعدد المقترحات التي تمت دراستها إلى اليوم تتجاوز 415 مقترح، وخلال كل اجتماع تتم مناقشة عدد يصل إلى 12 مقترح والاجتماعات حول الموضوع كانت بالعشرات.
وشدد الوزير على أن العلاقة وطيدة بين مقترحات القوانين والبرنامج الحكومي، ذلك أن تعاقدنا الأساسي مبني على هذه البرنامج والحكومة ستتم محاسبتها بناء على الالتزامات الواردة به، ولذلك يتم بعد التوصل بمقترحات دراسة ما إن كان ينخرط في البرنامج الحكومي، وهناك أمثلة مقترحات قوانين تم قبولها لتوافقها مع البرنامج الحكومي.
وأبرز بايتاس أن الحكومة “لا تتعامل بمنطق خارج عن منطق المصلحة العامة والبرنامج الحكومي، وحينما نجد مبادرة تنسجم مع البرنامج الحكومي يتم الأخذ بها بشكل سريع”.
وأثار هشام المهاجري، النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصر، جدلا بعدما اعترض على تقديم الوزير رأيه خلال الجلسة، مبرزا أن القانون التنظيمي لأشغال الحكومة واضح بأن مجلس الحكومة هو من يبدي رأيه في القانون ويكون فيه توجيه للأغلبية السياسية.
وتسائل المهاجري “هل تظنون إن غير الوزير رأيه خلال الجلسة وقبِل المقترح سنصوت له كأغلبية؟”، مشددا “هناك فرق بين وزير وبين مجلس حكومة يتداول بعد دراسة اللجنة التقنية، والتداول داخل مجلس الحكومة بإبداء رأيه وليس بالرفض أو القبول، والرأي يوجه سياسيا للأغلبية”.
واعتبر المهاجري أنه من الخطأ أن يقدم الوزير جوابه في الجلسة، لأن المشرع هو البرلمان، مبرزا أن مقترحات القوانين التي جاء وزراء لتقديم رأيهم حولها تعد ممارسة خاطئة، مضيفا أنه لا يجب أن نُصغر من أنفسنا كبرلمانيين لأننا نحن هم المشرعون”، داعيا إلى سحب كلام الوزير من محضر الجلسة.
وشدد المهاجري على أن الحكومة ومجلسها هي صاحبة الاختصاص في إبداء الموقف، وليس رئيس الحكومة أو وزير معين، مضيفا أنه كيف سيكون الوضع إذا تم إقناع الوزير بايتاس بقبول هذا القانون، هل سنرفع أيدينا أيضا ونقول له إننا موافقون؟، مضيفا مجلس الحكومة مشكل من ثلاث أحزاب ومن الأمين العام للحكومة ومن وزارء تقنوقراط، مضيفا أن “رأي الوزير بماذا سينفعنا، وحتى إذا قبل ما الذي سيحدث في ملك الله، الأغلبية تم تبليغها بموقف المجلس الحكومي ولا داعي لكي يبدي رأيه”.
مداخلة المهاجري، وصفها عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بأنها مجانبة للصواب والدستور والنظام الداخلي، مبرزا أن الفصل 83 من الدستور ينص على التعديل وهو إجراء يشمل المقترح والمشروع على حد سواء، مبرزا أن النظام الداخلي والممارسة والأعراف كلها تؤكد على هذه الأحقية.
وتابع بوانو أن القانون التنظيمي لأشغال الحكومة ينص على حضور الحكومة أثناء تقديم مقترحات القوانين، وحضورها يكون من أجل أن تناقش، مضيفا أنه لا يعقل أن الحكومة عندما جاءت لتتجاوب معنا نقول لها أنت خارج المسطرة، مبرزا أن النظام الداخلي أقر نفس المسطرة فيما يتعلق سواء بمناقشة مشاريع القوانين أو مقترحات القوانين.
وبدوره قال سعيد باعزيز، النائب البرلماني الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إن فريقه يثمن هذا التقدم الملموس في علاقة مجلس النواب بالحكومة في مناقشة مقترحات القوانين، مبرزا أن المادة 24 من القانون التنظيمي لأشغال الحكومة تنص على مشاركة أعضاء الحكومة أشغال مجلس النواب ومجلس المستشارين كلما تعلق الأمر بمناقشة بتقديم ومناقشة مشاريع القوانين ومقترحات القوانين..، كما يشاركون في جلسات تقديم التعديلات في شأنها والتصويت عليها، وبالتالي فالحكومة معنية بهذا الأمر اليوم.
وأبزر أن الفقرة القانية من هذه المادة تنص على أنه يجب أن تعبر مشاركة أعضاء الحكومة في هذه الأشغال عن موقف الحكومة وأن تكون مطابقة للقرارات التي تتخذ من قِبلها، ولهذا فإن التعبير عن الموقف لا يمكن أن نتصوره صامتا أو بلغة الإشارة، فالتعبير يكون بالتدخل والنقاش والكلام وبالتالي نحن اليوم نسير في الطريق الصحيح.