شهدت جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، انتقادات لاذعة لرفع أسعار والمضاربة من طرف وكالات الأسفار، وهو الأمر الذي اعتبر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أنه غير مسؤول عنه وأنه يدخل ضمن اختصاص وزارة السياحة، التي يجب تبليغها في حال تسجيل اختلالات معينة.
وجوابا على سؤال للفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية حول ارتفاع تكاليف الحج، قال أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن “وكالات الأسفار لا تدخل ضمن اختصاص وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فهي حرة، ويخضع إشرافها لوزارة السياحة”، مشيرا إلى أنه “فيما يتعلق بالتنظيم الرسمي فكل المصاريف واضحة، وتكلفة الحج بالنسبة للحجاج المغاربة المؤطرين من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لموسم 1446 هـ حُددت في 63.770 درهمًا، أي بانخفاض قدره 3.095 درهمًا مقارنة مع الموسم الماضي، حيث بلغت هذه التكاليف آنذاك 66.865 درهمًا”.
وتُحدد تركيبة تكلفة أداء مناسك الحج، بحسب التوفيق، “بناءً على مجموعة من العناصر، ولا يوجد فيها ما يمكن إخفاؤه أو التساؤل حوله. يتم توفير خدمات متعددة للحجاج المغاربة، تشمل تذكرة السفر بالطائرة ذهابًا وإيابًا، ويتم التفاوض بشأنها مع الخطوط الملكية المغربية، والخطوط السعودية كذلك، ويصعب القبول بسعر أقل مما هو متاح”.
وتشمل التكلفة أيضًا الإقامة بمكة المكرمة طيلة فترة الحج، وبالمدينة المنورة لمدة لا تقل عن ستة أيام، مع توفير وجبتي الفطور والغداء يوميًا طيلة فترة الإقامة، والنقل بين المدن والمشاعر المقدسة، ونقل الأمتعة، بالإضافة إلى الخدمات الأساسية والإضافية ضمن باقة “دال” (الوكالة، الطوافة، شركات “كدانة”).
وأورد التوفيق “كما تشمل التكلفة رسوم التأمين، والتأشيرة، والضريبة على القيمة المضافة المفروضة من طرف السلطات السعودية بنسبة 15%، ورسم التأطير، وواجبات الخدمات الخاصة ببريد بنك.
ومن بين العوامل المؤثرة بشكل كبير في تحديد مصاريف الحج، بحسب المسؤول الحكومي، سعر صرف الريال السعودي مقابل الدرهم المغربي، الذي يحدده سنويًا بنك المغرب. وفي هذا السياق، تم التنسيق بشكل مبكر مع بنك المغرب خلال موسم 1446 هـ، حيث تم اعتماد سعر صرف تفضيلي بلغ للريال الواحد، وهو أقل من السعر المعتمد في المواسم السابقة.
وأكد التوفيق حرص الوزارة على مواصلة التنسيق مع كافة المتدخلين، مفيدا أن كل المصاريف يقع اتفاق حولها تشارك فيها أربع وزارات من بينها الأوقاف والشؤون الإسلامية، المالية، الخارجية، أما عن الزيادات، فهي ظاهرة عالمية كما تعلمون، ولو كان بإمكانتا لخفضنا التكاليف هذا الموسم.
وفي تعقيب للمستشار يوسف ايدي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، قال “نتفهم الجرد المفصل الذي قدمتموه بخصوص مصاريف الحج، وهي فعلًا واضحة ولا تخفى”، مستدلاكا “لكن الإشكال المطروح اليوم بشكل كبير يتعلق بوكالات الأسفار. وهي تتمتع بحرية التنافس وتخضع لإشراف وزارة السياحة، لكن هذا لا يعفي المسؤولية عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من باب التضامن الحكومي”.
وشدد ايدي أن “ما يجري اليوم في وكالات الأسفار فعلاً يثير القلق. تكاليف الحج السياحي من خلال الوكالات تضاعفت بنسبة تفوق 70% في ظرف سنتين. نفس العرض الذي كان يُقترح بـ10 أو 11 مليون سنتيم أصبح هذا العام يصل إلى 25 مليون سنتيم، وإن لم تكن لديكم مسؤولية مباشرة، فهذه مناسبة لنؤكد أنه يجب أن تتحمل وزارة الأوقاف المسؤولية، لأن الأمر يتعلق بركن من أركان الإسلام”.
وتابع ايدي :لا يمكننا أن نترك المضاربين أفسدوا على المغاربة دنياهم، واليوم يصل الأمر إلى أن يفسدوا عليهم حتى شعائرهم الدينية، وهذا أمر غير مقبول”، متابعا أن الأسوأ من ذلك، أنه تم هذه السنة، مع كامل الأسف، فرض شركتين فقط على الحجاج الحاصلين على بطاقات المجاملة، حيث تم إلزامهم بالتعامل مع هاتين الشركتين عبر عقود إذعان، دون منحهم حرية الاختيار. وهذا يضرب في مبدأ المنافسة الشريفة ويكرس الريع والانتفاع. وفُرض على الناس أيضًا الأداء نقدًا مع رفض منحهم وصولات الأداء، وهذا أمر خطير. واعتبر أن مسؤولية وزارة الأوقاف في حماية الأمن الروحي للمغاربة ثابتة، ولا بد من تدخلكم لحماية الحجاج المغاربة من المضاربات.
وعاد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ليؤكد أن الناس أحرار في الاختيار بين الذهاب إلى الحج عبر الوكالات أو عبر التنظيم الرسمي. أما مسألة الوكالات، فلا أستطيع أن أقول إنها غالية أو غير ذلك، فهذه مسائل جزئية قد تتضمن احتكارات أو تلاعبات، تحتاج إلى بحث وتقصي، لكن لسنا معنيين ويمكن أن يتم الأمر عن طريق البرلمان إلى وزارة السياحة لتبحث فيها، وهذا من حقكم، بل ومن واجبكم، أن تثيروا هذه القضايا مع وزارة السياحة، وإن وُجد شيء مخالف للقانون أو الأخلاق.
وانتهى أحمد التوفيق إلى أن قضية الحج، فهي مسألة مع الله تعالى: هل يُقبل الحج أو لا يُقبل، سواء دفعت 500 مليون أو خمسة ملايين. القضية ليست دنيوية فقط، بل هي بين العبد وربه من أولها إلى آخرها.